| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
يستعر النقاش في العاصمة الأميركية حول مجرى العمليات العسكرية في سورية، في وقت سرت انباء حول إمكانية قيام الولايات المتحدة بتزويد المعارضين السوريين ببعض المعلومات الاستخباراتية حول أماكن تواجد قوات تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وهو ما فسّره بعض المراقبين بأنه نيّة أميركية بتزويد الفصائل السورية المعارضة بمعلومات حول أماكن انتشار قوات الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه كذلك.
وفي وقت أنهى المسؤولون الاميركيون ونظراؤهم الروس إبرام «اتفاقية التفاهم» حول الملاحة الجوية في السماء السورية لمقاتلات الدولتين. شدد مسؤولو الحكومة الأميركية على ان «الاتفاقية مع روسيا، والتي جاءت على إثر ثلاثة لقاءات بين الجهات العسكرية من البلدين، ليست تقاسماً للنفوذ فوق الأجواء السورية، بل هي للتنسيق المباشر بين المقاتلات، لتفادي أي اصطدام او مواجهة».
وقال مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن «الاتفاقية حدّدت موجة اتصال عبر الراديو بين مقاتلات الطرفين، وحدّدت الإنكليزية لغة تفاهم، لكن الاتفاقية لا ترسم حدوداً جوية لنشاط أيّ من القوّتين الجوّيتين». وتابع مسؤولو «البنتاغون» أن «الدليل على عدم التنسيق بين واشنطن وموسكو في السماء السورية هو قيام مقاتلات أميركية، الأحد الماضي، باستهداف وقتل مسؤول (جماعة خراسان) المنبثق عن تنظيم (القاعدة) عبدالمحسن الشارخ، السعودي المولد، والمعروف باسم سنافي النصر، في شمال سورية الغربي، حيث تنشط القوة الجوية الروسية».
وسخر المسؤولون الاميركيون من ادعاءات روسيا ان مقاتلاتها تستهدف الإرهابيين، وذكر الناطق باسم البيت الأبيض جوش أرنست، اثناء مؤتمره الصحافي اليومي أن الغارة التي استهدفت النصر في شمال سورية الغربي هي «دليل ان الولايات المتحدة ستفعل ما هو ضروري لضمان مصالحها وحماية أمنها». وأضاف ان «سبب أهمية الشمال الغربي السوري هو اننا نعلم ان الروس يقضون اوقاتاً طويلة هناك ويقومون بكثير من نشاطاتهم العسكرية». وتابع: «في هذه الحالة، قامت الولايات المتحدة بهذه العملية بنجاح من دون أيّ تدخّل من الروس».
وفيما امتنع أرنست عن التعليق علناً، تداولت أوساط الإدارة الأميركية أقوالاً، مفادها ان «الغارة ضد النصر كانت رسالة الى موسكو بأن تحليق المقاتلات الروسية فوق الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام لا تحمي الأسد ولا تقفل أجواءه امام مقاتلات أميركا وحلفائها».
وشدّدت الأوساط الأميركية على ان «المقاتلات الروسية لا يمكنها اغلاق أجواء الأسد، خصوصاً امام طائرات الاستطلاع والتجسّس الأميركية المستمرة في التحليق ورصد وجمع المعلومات الاستخباراتية على مدار الساعة».
وحاولت «الراي» معرفة إن كانت واشنطن ستمرّر الى الفصائل السورية المعارضة - عبر حلفائها - معلومات استخباراتية حول انتشار قوات نظام الأسد والميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية المتحالفة معه، ولم تنف المصادر الأميركية ذلك، لكنها لم تؤكّده أيضاً.
ويأتي الحديث عن إمكانية تزويد أميركا المعارضين السوريين بمعلومات حول انتشار خصومهم العسكري مع استمرار الحديث عن الدور الأميركي في تزويد المعارضين السوريين بقاذفات وصواريخ من طراز «تاو» المضاد للآليات.
وتواترت الانباء عن أن حلفاء الولايات المتحدة يعملون على تزويد 42 فصيلاً سورياً مختلفاً، مع استثناء «جبهة النصرة» وأي فصائل مرتبطة بها، بهذه الصواريخ وبأسلحة متنوعة مثل البنادق والطلقات وقاذفات «آر بي جي» ووسائل اتصال.
ويعتقد المسؤولون الاميركيون أنه «بعد أكثر من أسبوعين على دخول الروس في الحرب السورية، ورغم الحديث عن حشد إيران أكثر من خمسة آلاف عنصر من الميليشيات الموالية لها، إلا أن الأداء العسكري للتحالف الداعم للأسد مازال متعثّراً». وتتوقّع غالبية الأوساط الأميركية «استمرار تقدم قوات الأسد بغطاء جوي روسي»، ولكنها تتوقّع كذلك ان «يبلغ هذا التقدم مداه في مهلة ثمانية الى اثني عشر أسبوعاً». وأوضحت المصادر أنها «ليست المرة الأولى التي تتقدم فيها القوات الموالية للأسد منذ العام 2011، ثم ما تلبث ان تتراجع».
ويقول الاميركيون إن التجربة تشير الى استحالة تمكّن أي قوة جوية من قلب الموازين بشكل تام على الأرض، بعيداً عن إمكانيات القوات المقاتلة البرّية، ويعتقد المسؤولون أن «قوات الأسد و(حزب الله) مرهقة بسبب تورّطها في معارك كر وفر مستمرة منذ أربع سنوات»، وان «تزايد مقتل كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني والحزب هو أبرز دليل على أن محاولة الأسد وإيران وروسيا استعادة مساحات خسروها امام المعارضين لن تكون نزهة، ولن تكون تقدماً غير قابل للانعكاس في وقت لاحق».
اما في الجنوب، فيبدو ان اتفاقا بين موسكو وتل أبيب، لم ترشح كامل تفاصيله بعد، حدّد مجالات النفوذ هناك. ويعتقد المراقبون الاميركيون ان «استمرار قوة الأسد الجوية بشن غارات في الجنوب، يشير الى ان روسيا اتفقت مع إسرائيل على الامتناع عن الإغارة في أي مناطق سورية جنوب محافظتي حمص وحماة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق