الثلاثاء، 10 مارس 2020

هل يقضي «كوفيد - 19» على رئاسة ترامب؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

يقترب خطر فيروس كورونا المستجد من البيت الأبيض ومن دونالد ترامب الذي تواصل شخصياً مع أعضاء في الكونغرس يخضعون الآن للحجر الصحي، ولو أنه لم يخضع هو نفسه لأي فحص، في حين أثارت كيفية تعاطي الرئيس الأميركي وإدارته مع احتمال تفشي «كوفيد - 19»، في الولايات المتحدة، سخط عدد كبير من الأميركيين. 
ومنذ بداية الأزمة الصحية، دأب ترامب على الاستخفاف بالفيروس ومقارنته بفيروس الإنفلونزا، مكرراً أن الذعر الحاصل سببه «خدعة» يمارسها الحزب الديموقراطي بالتعاون مع «الأخبار المزيفة».
وما يزيد في أزمة ترامب حاجته الى تبرير التهاوي المتواصل في أسواق الأموال، على خلفية انتشار الفيروس والانخفاض الحاد في أسعار الطاقة عالمياً. والتهاوي لا يتوافق مع الصورة التي يرسمها الرئيس على أنه المسؤول الأول عن النهضة الاقتصادية التي تشهدها الولايات المتحدة. لذا، عمد أولاً إلى توجيه أصابع اللوم إلى الاحتياطي الفيديرالي، متهماً إياه بإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، وهو ما تسبب بانخفاض في أسعار الأسهم المالية. 
وفي الوقت نفسه، نسج ترامب مؤامرة خيالية مفادها بأن الفيروس المستجد لا يؤثر في الاقتصاد، وأن ما يؤثر فعلياً هو «الأخبار الكاذبة» التي تبثها وسائل الإعلام بالتعاون مع الديموقراطيين، خصوم ترامب.
وأعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام الاثنين: «لم يخضع الرئيس لأي فحص لكشف (إصابة بـ) كوفيد - 19 ولم يكن على تواصل مطول وعن قرب مع مريض تأكدت إصابته بكوفيد - 19 ولا يُظهر أي أعراض».
ويخضع خمسة أعضاء في الكونغرس بينهم جمهوريان على الأقل تواصلوا عن كثب مع ترامب في الأيام الأخيرة، لحجر صحي طوعي، بعدما تعرضوا للفيروس من دون أن تظهر عليهم أعراض.
وواحد من هذين الجمهوريين سافر الاثنين في الطائرة الرئاسية، في حين أن الثاني رافق ترامب في زيارة رسمية الجمعة.
وأعلن نائب الرئيس مايك بنس أنه لم يخضع هو أيضا لأي فحوصات، خلال مؤتمر صحافي عقده فريق تنسيق الجهود الأميركية لمكافحة الوباء في البيت الأبيض.
وقال النائب الجمهوري مارك ميدوز، الذي اختاره ترامب قبل أيام ليكون كبير موظفي البيت الأبيض الجديد، إنه فرض على نفسه الحجر الصحي الطوعي لاحتمال دخوله في اتصال مع شخص تبينت إصابته بالفيروس. وأوضح الناطق باسمه أنه لا يعاني من أي أعراض وخضع «من باب الحيطة» لاختبار أظهر عدم إصابته.
وكان النائب مات غيتز، أحد كبار حلفاء الرئيس، أعلن في وقت سابق أنه كان على تواصل «قبل 11 يوماً» مع شخص يحمل الفيروس، في تصريح أدلى به بعيد خروجه من الطائرة الرئاسية التي كانت تعيد ترامب إلى واشنطن الاثنين.
وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن غيتز علم بالأمر خلال الرحلة وحاول «وضع نفسه في الحجر الصحي بجلوسه» وحيداً.
كذلك كان النائب الجمهوري داغ كولينز الذي وضع نفسه الاثنين في الحجر الصحي، خلف الرئيس مباشرة خلال زيارة رسمية الجمعة إلى أتلانتا، وصافح بعض الأشخاص.
وتعرض النواب الثلاثة للفيروس خلال مؤتمر كبير للمحافظين «سيباك» نظم بين 26 و29 فبراير قرب واشنطن، وشارك فيه ترامب وبنس.
وصافح جمهوريان آخران في الكونغرس هما السناتور تيد كروز والنائب بول غوسار خلال الملتقى السنوي للمحافظين شخصاً يحمل الفيروس.
وذكرت وسائل إعلام أن تيد كروز التقى ترامب الخميس، أي بعد تعرضه للفيروس.
والعضو الخامس في الكونغرس الذي وضع نفسه الاثنين في الحجر الصحي، هو النائبة الديموقراطية جوليا براونلي.
وارتفعت حصيلة الوباء في الولايات المتحدة إلى أكثر من 600 إصابة وما لا يقل عن 26 وفاة. وأغلق بعض المدارس كما ألغيت فعاليات كبرى، لكن حملة الانتخابات الرئاسية لم تتأثر حتى الآن.
وكان ترامب (73 عاماً) المعروف من قبل انتشار الوباء بهوسه بالجراثيم، ذكر الأسبوع الماضي تدابير الوقاية الشديدة التي يتخذها، فقال ممازحاً «لم ألمس وجهي منذ أسابيع».
ومنذ اندلاع الأزمة، دأب الإعلام على تبيان أخطاء ترامب في التعامل معها، إذ سبق للرئيس أن قام بحل أجهزة حكومية فيديرالية كان أقامها سلفه الرئيس السابق باراك أوباما، إبان انتشار «فيروس ايبولا» في أفريقيا ووصول عدد من الحالات المصابة بالفيروس الى الأراضي الأميركية.
ومن دون هيئة مهمتها متابعة الأمراض الوبائية، اضطر ترامب إلى تعيين لجنة «كيفما اتفق» برئاسة نائبه. إلا أن بنس أثار غضب كثيرين، اذ سبق له، أثناء عمله حاكماً لولاية انديانا، أن أوقف برنامج «تبديل الإبر» التي يستخدمها مدمنو المخدرات لتفادي انتشار الفيروسات الوبائية بسبب استخدام أكثر من شخص للإبرة نفسها. وأدت سياسة بنس، الذي يأتي من خلفية دينية محافظة تعارض تعاطي المخدرات، إلى المساهمة في زيادة أعداد المصابين بعدد من الأمراض في ولاية انديانا، منها مرض «نقص المناعة المكتسبة» (الإيدز). 
وما زاد الغضب على أداء ترامب، وعود فريقه بتأمين أكثر من مليون وحدة فحص لـ«كوبيد - 19»، لكن الموعد المحدد مرّ من دون أن تنجح الحكومة الفيديرالية في تأمين الوحدات المطلوبة، وهو ما أدى الى تأخير في تشخيص الحالات، ما سمح بمزيد من الانتشار للفيروس فيما كان المصابون في انتظار نتائجهم، قبل انعزالهم في حال ظهرت نتائجهم إيجابية. 
«بالنسبة إلى الرئيس الذي يعيش دائماً في الحاضر ونادراً ما يخطط للأمام، اثبت فيروس كورونا أنه تحد لم يكن ترامب مستعداً له، وانه مرض لا يمكن مواجهته بأدوات القوة المفضلة لدى السيد ترامب»، يقول بيتر بايكر في «نيويورك تايمز». ويضيف: «لا يمكن أن يتغلب ترامب على كورونا من خلال تويتر، ولا يمكنه تصفيته بواسطة طائرة من دون طيار، ولا يمكنه التغلب عليه بتضامن حزبه الجمهوري معه، ولا يمكنه التغلب عليه من خلال الشعارات الانتخابية والهتافات». 
أما مات باي، المعلق في صحيفة «واشنطن بوست»، فانتقد أسلوب ترامب في التعامل مع الدولة ووكالاتها منذ انتخابه رئيساً، وقال إن هذا الرئيس يستمر في الحديث عن الدولة العميقة الساعية لإخراجه. 
وأضاف لبرنامج «لقاء الصحافة» الشهير: «في الوقت الحالي، على ترامب أن يتراجع عن عدائه لما يسميه الدولة العميقة، وأعتقد أن هناك تكلفة سياسية تلوح في الأفق ما لم يع الرئيس ذلك ويطلب من الحكومة مواجهة الفيروس الذي ينتشر في أكثر من 100 دولة في كل أنحاء العالم».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008