الأحد، 9 أغسطس 2015

لماذا يرى أوباما بارقة أمل في سوريا؟

حسين عبدالحسين

مجدداً، يستخدم الرئيس الأميركي باراك أوباما سوريا كبش فداء للصداقة التي يسعى لاقامتها مع الجمهورية الاسلامية في ايران. هذه المرة، جاء الاستغلال الاوبامي للمأساة السورية عن طريق وكالة "اسوشيتد برس"، التي نقلت عن الرئيس الاميركي قوله انه صار يرى "بارقة أمل" في سوريا بسبب ادراك روسيا وايران ان حليفهم الرئيس السوري بشار الأسد اصابه ضعف شديد، ما يجبرهم على البحث عن خيارات اخرى، اذا يبدأ حوار جدي حول الحل.

وتصريح أوباما ليس الاول من نوعه، ففي المقابلة التي منحها لتوماس فريدمان، صحافي نيويورك تايمز في الاسبوع الاول الذي تلا التوصل لاتفاقية فيينا، قال أوباما إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصل به هاتفياً وفاتحه بموضوع سوريا. وقال أوباما حينها ان اتصال بوتين سببه ضعف الأسد، ربما لا ينهار الأسد قريبا، ولكن، هناك خوف من اقتراب حتمية انهياره. وقتذاك، لم تلتقط غالبية المتابعين تصريح أوباما حول بوتين وسوريا، ربما بسبب الانهماك بالملف الايراني.

هذه المرة، جاء التسريب على لسان الصحافية روبن رايت، التي يبدو انها شاركت في لقاء لمجموعة من الصحافيين مع الرئيس الاميركي قبل ايام من ذهابه الى عطلته الصيفية، التي تمتد اسبوعين يقضيها وعائلته في جزيرة مارثاز فينيارد في شمال شرق الولايات المتحدة. و"اسوشيتد برس" وصفت رايت بـ"الصحافي".

ولمن لا يعرفها، روبن رايت هي واحدة من اكثر الصحافيين تأييدا لنظام الجمهورية الاسلامية في ايران منذ الثمانينات، وهي عادت من زيارة لايران قبل اسابيع كتبت على اثرها مقالة نشرتها في مجلة "نيويوركر" المرموقة، قالت فيها ان الايرانيين باشروا ببرنامجهم النووي السلمي ردا على استخدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الاسلحة الكيماوية ضد الجنود الايرانيين اثناء الحرب بينهما. 

وان تنقل وكالة انباء الخبر على لسان "الصحافي" رايت المؤيدة للنظام الايراني، وان يلتقط الخبر احد الاعلاميين المقربين من الادارة فيطرحه سؤالا على الناطق باسم البيت الابيض جوش ارنست، الذي اكد بدوره الحوار بين أوباما والصحافيين، وأكد ان الخبر "يصف" رؤية أوباما للوضع السوري، يشي بأن حضور رايت لاجتماع البيت الابيض، ونشر الخبر في وكالة الانباء، واعادت تأكيده هي عملية متكاملة لزرع الخبر وبثه. ربما اعتقدت ادارة أوباما ان رؤية أوباما لـ "بارقة الأمل" في سوريا لم يستوف حقه في المقابلة مع فريدمان، فأرادت اعادة خلق الخبر وبثه. اما تورط رايت فيه فيشير الى مصلحة ايرانية في الأمر. والمصلحة الايرانية - الاوبامية في اعادة تسليط الضوء على رؤية الرئيس الاميركي للحل في سوريا مبنية على اعتبارات متعددة. 

أولاً، من شأن تصريح أوباما ان يوحي وكأن الاتفاقية النووية مع ايران تؤدي الى انفراجات حتمية في ملفات شرق اوسطية عالقة اخرى، مثل سوريا. ويأمل أوباما ان يؤدي الحديث عن الانفراجات في سوريا الى حشد المزيد من الدعم للاتفاقية مع ايران المقرر التصويت عليها في الكونغرس بين ٨ و١٧ من الشهر المقبل.

ثانياً، تصريح أوباما يكرس تطابق الرؤيتين الاوبامية والايرانية حول الملف السوري، والقاضية بحوار بمشاركة ايرانية كحل وحيد للخروج من الازمة. 

في الفترة السابقة للاتفاقية النووية مع ايران، حرص أوباما على تكرار القول إن اي مشاركة اميركية عسكرية مباشرة في سوريا، او غير مباشرة عن طريق تسليح الثوار، من شأنها ان تنسف حظوظ الاتفاقية، فأحجم عن القيام بأي خطوة وترك الازمة السورية تنفلت من عقالها. بعد الاتفاقية مع ايران، صار أوباما يستخدم "بارقة الحل" في سوريا ليوحي ان نتائج الاتفاقية النووية مع ايران الايجابية بدأت تظهر. 

لا أمل لدى أوباما في سوريا ولا خطة ولا رؤية، بل تكرار للازمة الحل السلمي والحوار العقيم نفسه، الذي تشترط ايران ان يتم بشروطها وتصر روسيا على ان ينحصر بمحاربة "الارهاب"، الذي يتضمن كل المجوعات المقاتلة، بحسب رؤية موسكو. وتصور واشنطن لحل في سوريا لا يختلف عن رؤية موسكو وطهران.

أما الاعتقاد الفعلي لإدارة أوباما لما سيحصل في سوريا فيتمثل حتى الآن في موقفين: تصريح وزير الدفاع آشتون كارتر انه يتوقع ان يخرج أوباما من الحكم قبل الأسد، وقيام مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بتشكيل فريق من الخبراء يضع سيناريوات سورية في طليعتها بقاء الأسد والتعايش معه. اما كل الثرثرة عن "بارقة أمل" عند الرئيس الاميركي وما شابهها، ففي الغالب هي مناورات اعلامية هدفها خدمة الاتفاقية النووية مع ايران وحشد التأييد الاميركي لها.

السبت، 8 أغسطس 2015

عيون «ذئاب داعش المنفردة» على مساجد دول الخليج

| كتب أحمد زكريا، واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في حين شارك مسؤولون أميركيون الكويت رؤيتها حول ظاهرة «الذئاب المنفردة» معبرين عن إعجابهم بالأداء الكويتي في مواجهة الارهاب، أكد جهادي لبناني لـ «الراي» أن «الذئاب المنفردة» يستهدفون المساجد في دول الخليج.

فلم يكد يجف حبر الخبر الذي نشرته «الراي» الخميس الماضي عن شيفرة «الذئب المنفرد» التي يعتمدها تنظيم «داعش» نقلا عن مصدر «جهادي»، حتى أقدم ذئب «داعشي» يُكنّى بأبي سنان النجدي غداة نشر الخبر على تنفيذ هجوم انتحاري استهدف مسجدا تابعا لقوات الطوارئ السعودية.

الجهادي اللبناني بلال دقماق، الذي تحدث لـ «الراي» عبر الهاتف من طرابلس، أكد ان «هذه الأفعال غير الشرعية مرفوضة بشكل كامل»، مشيراً إلى ان «تنظيم داعش يغرّد خارج سرب الجماعات الجهادية ويضر بالمصلحة الإسلامية».

دقماق، الذي تم إيقافه في مطار رفيق الحريري قادماً من تركيا بتهمة اقتناء سلاح في فبراير الماضي، أكد أن «أعين (ذئاب داعش المنفردة) مصوّبة على مساجد دول الخليج، وهذا أمر مردّه الى أنها سهلة الاستهداف كما يعتقدون»، مشيراً إلى ان «الذئاب المنفردة في العادة تكون قد قدمت بيعة لزعيم التنظيم (أبو بكر البغدادي) وتم تجنيدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي».

وتابع «هناك علامات استفهام كبيرة تجاه هذه السياسة، فكيف لتنظيم (داعش) ان يترك قوات بشار الأسد ثم يأتي لمساجد الدول الخليجية ليقوم باستهدافها؟»، لافتاً إلى انه «حتى تنظيم القاعدة لم يسلم من (داعش) التي قتلت قرابة 1000 مقاتل، فضلاً عن قتلها أبا خالد السوري الذي أرسله زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري للصلح بين الجماعات المقاتلة في سورية».

وعلمت «الراي» من مصادر اميركية مطلعة ان واشنطن مازالت تراقب عن كثب عملية ملاحقة السلطات الامنية الكويتية لخلايا تنظيم «داعش».

وكررت المصادر الأميركية «اعجابها بالاداء الكويتي»، مؤكدة انه من المقرر ان يصل مسؤولون اميركيون امنيون الى الكويت في موعد قريب للتباحث مع نظرائهم الكويتيين في شؤون الحرب على الارهاب.

وقالت المصادر انه لفتها حديث المسؤولين الكويتيين عن «ظاهرة الذئاب المنفردة»، حسبما نقلت عنهم «الراي» الاسبوع الماضي.

واضافت المصادر «يبدو ان تنظيم داعش بدأ بتعميم هذه الظاهرة أخيراً، ما من شأنه ان يؤدي الى تحول كبير في طريقة مكافحة الارهاب حول العالم، التي اعتمدتها واشنطن بالتعاون مع عواصم الدول الاخرى لمكافحة الارهاب في الماضي، وخصوصا في الحرب ضد تنظيم القاعدة».

وتابعت المصادر الأميركية «من الملاحظ ان (داعش) يحاول تطوير اساليب ووسائل للالتفاف على الخطة المتكاملة التي اعتمدها العالم منذ مطلع 2002، والتي تتنوع بين مراقبة الحسابات والتحويلات المصرفية، ومراقبة المكالمات الهاتفية ووسائل التواصل الالكترونية، واختراق التنظيمات الارهابية نفسها والتجسس عليها من داخلها».

واضافت المصادر انها «تشارك السلطات الكويتية رؤيتها في ان ظاهرة (الذئاب المنفردة)، التي يحاول تنظيم (داعش) اعتمادها ونشرها، مبنية على نشر الارهاب على مرأى ومسمع العالم بأسره، خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

ويتعذر على السطات الأميركية حظر اي تغريدات او مشاركات لاي شخص عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب مبدأ «حرية الرأي» التي تكفلها المادة الاولى من الدستور الاميركي. وفي بعض الحالات الخاصة، مثل التحريض المباشر على القتل، نجحت السلطات الأميركية في حمل مواقع التواصل الاجتماعي على التعاون عن طريق حظر الحسابات التي تبث هذا النوع من الرسائل وتسليم السلطات المعلومات المتوافرة لديها حول هذه الحسابات.

لكن اجهزة الامن الأميركية مازالت تعاني من رفض وسائل التواصل المشفّرة عبر الانترنت التعاون معها، ما يفتح ثغرات يمكن للتنظيمات الارهابية مثل «داعش» استغلالها للايحاء لمؤيديها بشن هجمات من تلقاء انفسهم في المناطق التي يعيشون فيها في دول مختلفة.

وقالت المصادر الأميركية ان «مثال الارهابي السعودي الذي فجر نفسه بخاله الضابط في الامن، نموذج جيد على ظاهرة (الذئاب المنفردة)».

اما عن كيفية مكافحة هذه الظواهر الارهابية، فيعتقد المسؤولون الاميركيون ان ذلك ممكن عبر خليط من الاجراءات، تتضمن مجابهة الرسالة الفكرية المتطرفة التي يبثها «داعش» عبر الانترنت برسالة مضادّة ومعتدلة، «وهذا عمل لا يمكن لأميركا القيام به، بل الافضل ان تقوده دول اسلامية، وهو بالفعل ما بدأت بعض هذه الدول بالعمل عليه عبر افتتاح مقر اعلامي مخصص لبث الرسالة الاسلامية المعتدلة في دولة الامارات العربية المتحدة».

وختمت المصادر الأميركية ان «هناك اجراءات كثيرة اخرى يجري الاعداد لها، وان مشاركة الرؤى حول هذه الاستعدادات تزيد من فرص نجاحها، وان تجربة السلطات الكويتية حتى الآن تثبت فعاليتها، وهو ما يوجب على السلطات الاخرى المشاركة في مكافحة التطرف التنسيق مع الكويتيين بشكل اوسع لتعميم التجربة وتعميم الفائدة».

Since December 2008