الأربعاء، 3 أغسطس 2011

فورد: الوقت حان للتفكير بـ «يوم ما بعد الأسد» ...حتى «حزب الله» يحاول النأي بنفسه عنه

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

جريدة الراي

قال السفير الاميركي في سورية فورد ان الوقت حان للتفكير في «يوم ما بعد الاسد»، معتبرا ان «الاسد والحلقة المحيطة به لن يصمدوا الى الابد، ولكن من غير الجلي من او ماذا سيتبع». ولخص فورد في افادة ادلى بها امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ اول من امس سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية بالقول ان اوباما قدم علنا «تعليماتي اليه»، وهي تقضي «بالوقوف مع الشعب السوري، وزيادة الضغط على النظام السوري، والعمل مع الدول الاخرى من اجل عزل حكومة الاسد».

وكرر ما ورد في البيان الصادر عن البيت الابيض الاثنين بالقول ان «النظام السوري لا ينوي او غير قادر على قيادة عملية الانتقال الديموقراطي التي يطالب بها الشعب السوري».

وهذه المرة الثانية التي يمثل فيها فورد امام اللجنة من اجل المصادقة على تعيينه سفيرا لبلاده في سورية. وهو كان مثل للمرة الاولى في مارس 2010، الا ان عددا من اعضاء المجلس من الجمهوريين فرضوا حظرا على التعيين، ما دفع اوباما الى تعيينه، في مطلع العام، بموجب مرسوم صالح لمدة سنة واحدة. لكن بعد اندلاع الثورة في سورية منتصف مارس الماضي وتغير الظروف، من المتوقع ان يصادق المجلس على تثبيته في منصبه قريبا.

فورد قال ان الوضع في سورية «يتدهور» بسبب استخدام النظام للعنف. وقال انه ذهب الى حماة لتفقد الاحداث، وان «اخطر سلاح وجدته بيد المتظاهرين هو المقلاع (النقيفة)». كذلك تحدث عن انطباعه اثر مشاركته بالرحلة التي نظمتها الحكومة السورية الى جسر الشغور على اثر الهجوم الذي نفذته قواتها هناك، وقال: «قتلت قوات النظام متظاهرين سلميين، وفي اليوم التالي اثناء التشييع، قام بعض من فقد احباءهم بأخذ ثأرهم من قوات النظام، فرد النظام بالمزيد من العنف». ولكنه استدرك: «لكن العنف يبدأ دائما مع النظام ضد متظاهرين سلميين».

واعتبر ان ارتفاع عدد الضحايا في مدينتي حماة ودير الزور بسبب الحملة الامنية التي يشنها النظام، منذ يوم الاحد، اثرت في الدول اعضاء مجلس الأمن التي كانت تعارض اي تحرك ضد الاسد. وقال ان هذه الدول اصبحت الان ترحب «ببعض الحركة»، متوقعا صدور قرار عن المجلس في وقت لاحق من هذا الاسبوع. وتابع: «نعتقد انه من المهم ان يتخذ مجلس الأمن خطوات، ونعتقد انه من المهم ان يعترف المجتمع الدولي بشجاعة الشعب السوري».

وقام بمقارنة بين مصر وسورية، فقال ان في الاولى حيث يعيش 80 مليون نسمة، وصل عدد ضحايا الثورة الى 900 مصري، فيما في سورية التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، وصل عدد الضحايا الى نحو 2000، وهو «ما يظهر حجم القتل» الذي يمارسه النظام السوري، حسب السفير الاميركي.

وعن الوضع الاقتصادي، قال فورد ان سورية تخسر «عملتها الصعبة ببطء، انما بثبات»، وان «الطلب على السلع انخفض بين السوريين بسبب عدم الاستقرار»، وان «الشركات السورية والبنوك تعاني».

وشدد فورد على ان بلاده لا تريد فرض عقوبات اقتصادية على سورية تشبه تلك التي فرضها العالم على العراق في التسعينات، اذ من شأنها ان تؤذي الاقتصاد والشعب بشكل عام وتؤثر سلبا في تعافيه في مرحلة ما بعد الاسد. وقال ان بلاده تركز، بدلا من ذلك، على فرض العقوبات المالية على الاسد والمقربين منه.

وقال ان فرض العقوبات على الاسد شخصيا، بالاشتراك مع الدول الاوروبية، ازعج النظام كثيرا، كما ضرب امثلة للدلالة على فاعلية العقوبات بالاشارة الى ان شركة «شام القابضة»، التابعة لابن خال الاسد رجل الاعمال رامي مخلوف، لم يجتمع مجلس ادارتها بسبب خوف اعضائه من عقوبات دولية ضدهم منذ ابريل الماضي. واضاف ان النظام فرض عليهم الاجتماع في يوليو، فحضر نصفهم، واضطر نائب رئيس المجلس الى ادارة الجلسة.

مثال آخر على نجاح المحاصرة الدولية للنظام، على حد قول فورد، ظهر عندما تقدم مخلوف بطلب للحصول على الجنسية القبرصية، وبما ان قبرص عضو في الاتحاد الاوروبي، نجحت واشنطن في «تنسيق» رفضها منح مخلوف الجنسية.

واضاف فورد ان بامكان تركيا، اذا ما قررت يوما فرض عقوبات اقتصادية على نظام الاسد، التسبب في أكبر ضرر مالي للنظام.

واعتبر فورد ان حتى «حزب الله» اللبناني صار يحاول ان ينأى بنفسه عن حليفه نظام الاسد. وقال: «في البداية كانت قيادة حزب الله صريحة جدا في دعمها للنظام... الآن اصبحوا اكثر صمتا». وعزا فورد التغير في موقف «حزب الله» بقوله ان لعل قادة الحزب «رأوا عددا كافيا من اعلامهم يتم حرقها في التظاهرات في ارجاء سورية»، وان قادة الحزب «يدركون ان دعمهم للأسد (اليوم) لن يأتي عليهم بدعم الشعب السوري لهم على المدى البعيد».

ودعت اللجنة الادارة الى فرض عقوبات جديدة صارمة على قطاع الطاقة السوري.

وقال السناتور الجمهوري مارك كيرك وهو يقدم مشروع قانون لاستهداف الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة في سورية أو تشتري النفط منها او تبيعها البنزين «ينبغي للولايات المتحدة ان تفرض عقوبات مؤثرة ردا على قتل جنود الجيش المدنيين بأوامر من الرئيس الاسد».

وانضم الى كيرك في تبني مشروع القانون السناتور الديموقراطي كريستن جيليبراند والسناتور المستقل جوزيف ليبرمان الذي قال انه حان الوقت للحث على «انتقال ديموقراطي يعكس ارادة الشعب السوري».

واذ بدت الولايات المتحدة تعتقد ان نظام الرئيس بشار الاسد سينهار، فانها اوضحت ايضا انها لا تريد المشاركة في اسقاطه، بل ان تقف شاهدة على هذا السقوط، وان يشارك ديبلوماسيوها في صناعة مرحلة سورية ما بعد الاسد.

وهذا ما يجعل واشنطن متمسكة بضرورة بقاء سفيرها روبرت فورد في دمشق، وهو ما يملي على الرئيس باراك اوباما ألا يعلن ان الاسد فقد شرعيته او ان يطلب منه التنحي لان طلبا كهذا، من وجهة نظر الفريق الذي يدير الملف السوري في وزارة الخارجية، من شأنه ان يغضب الاسد ويدفعه الى قطع العلاقات مع واشنطن وطرد السفير.

لكن واشنطن مستعدة للقيام بخطوات سياسية لإظهار وقوفها الى جانب السوريين في مواجهة الاسد، وهو ما دفع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى طلب الاجتماع الى وفد من المعارضين السوريين المقيمين في العاصمة الاميركية. وشارك في الاجتماع فرد هوف، مدير الملف السوري، وفورد، وعاملون في الوزارة.

ولإظهارالاهتمام، منحت كلينتون الوفد اكثر من ساعة للقاء، واستمعت الى آرائهم واقتراحاتهم، واجابت عن تساؤلاتهم.

وقالت مصادر اميركية مطلعة على اجواء الاجتماع ان واشنطن ابلغت المعارضين ان معلوماتها لا تشير الى ان اي انقسامات تذكر ستحدث في الجيش السوري، وان الجيش سيستمر في دوره القمعي الحالي.

كذلك، عبّرت واشنطن عن صعوبات في مجلس الأمن، وقال المسؤولون الاميركيون انه بعد ما حصل في ليبيا، تتفهم واشنطن تحفظات الهند حليفة اميركا وجنوب افريقيا. بيد ان المسؤولين قالوا ان بعد احداث حماة ودير الزور الاخيرة، تراجعت الدول الاعضاء في مجلس الأمن، التي كانت تعارض صدور قرار بحق سورية. ويتوقع المسؤولون صدور قرار، او بيان رئاسي عن المجلس في اضعف تقدير، في الايام القليلة المقبلة.

يبقى ان باستطاعة واشنطن «لي احدى اذرع» النظام السوري بفرض عقوبات على قطاعه النفطي، والذي تشكل موارده ثلث مدخول النظام. هنا تقول واشنطن ان عقوباتها على القطاع النفطي السوري قديمة ولا يوجد شركات اميركية عاملة على الارض حاليا، بل هناك شركات اوروبية وكندية، لذا يصعب ان يكون هناك «حل اميركي» في هذا المجال، وهو ما ألمحت اليه كلينتون اثناء حديثها مع زوارها السوريين.

ولكن العاملين في الوزارة، والذي استمروا في اجتماعهم مع المعارضين السوريين حتى بعد خروج كلينتون، قالوا انهم يعملون لإقناع الاوروبيين والكنديين على ضرورة فرض عقوبات على القطاع النفطي السوري، ومن شأن ذلك، في حال حصوله، ان يعطل هذا القطاع تماما، وسيحرم الاسد من مداخيله ويفرض خناقا على السوق الداخلية.

ولن تنفع روسيا او الصين او ايران في الدخول كبديل للشركات الاوروبية او الكندية في السوق النفطية السورية، فللشركات الاوروبية والكندية وحدها القدرة على تكرير النفط الخام السوري، وهو من النوع الثقيل.

ختاما، دردشة في السياسة. يريد الأميركيون ان يروا مجلسا سوريا معارضا موحدا، على غرار المجلس الليبي، تجتمع فيه قيادات المؤتمرات المختلفة التي انعقدت في انطاليا وبروكسل واسطنبول كما في الداخل السوري.

اهمية المجلس السوري المعارض، من وجهة النظر الاميركية، لا تكمن في ضرورة ادارته للثورة السورية المندلعة منذ منتصف مارس الماضي، اذ ان هذه الثورة تبدو وكأنها تسير من تلقاء نفسها. اهمية المجلس السوري الموحد والانتقالي في ادارته للمرحلة الانتقالية، ما بعد انهيار نظام الاسد، اذ بعد تجاربها السابقة، تكره واشنطن التعامل مع الفراغ السياسي. في مصر كما في سورية، تسعى واشنطن لرؤية مجالس بديلة للحكام الذين سينهارون.

في مصر، تقول المصادر الاميركية، وجدت واشنطن المجلس العسكري، اما في سورية، فبدائل الاسد، على ضرورتها، مازالت منعدمة، وخلق هذه البدائل هي مطالبة سمعها المعارضون السوريون من مضيفيهم الاميركيين، ووعد السوريون بالعمل عليها وتحقيقها.

وقال محمد العبد الله وهو أحد الناشطين الذين التقوا كلينتون «نحتاج فعلا ان نرى الرئيس اوباما يتناول شجاعة الشعب السوري... نريد

ان نسمعه وهو يقول بصوت عال وواضح أن على الاسد أن يتنحى». وقالت الناشطة المعارضة مرح البقاعي «دخْل الغاز يجرى استخدامه لتمويل بعض المجموعات الارهابية ولقمع الشعب السوري. نريد وقف ذلك في أقرب وقت ممكن».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008