| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
نقل أحد المعنيين عن كبار المسؤولين في الادارة الأميركية ان «احدى الضربات الاسرائيلية داخل سورية استهدفت مستودعا لصواريخ فاتح 110 وصواريخ ياخونت المضادة للسفن التي كانت في طريقها من ايران الى حزب الله اللبناني»، معتبرا ان «اللافت في الموضوع هو ان الشحنة الايرانية كانت في طريقها الى الحزب اللبناني، وللمرة الاولى، بطريقة مباشرة ومن دون مشاركة استخبارات الاسد او التنسيق معها او اشرافها على مرور هذه الشحنة».
وتستحوذ هذه الدينامية الجديدة بين الايرانيين وحليفهم «حزب الله» من جهة، والأسد من جهة اخرى، اليوم على اهتمام كبار المسؤولين المعنيين الاميركيين.
ويقول هؤلاء ان اسرائيل سمحت في العام 2011 بمرور بعض صواريخ «فاتح 110 وياخونت»، وهذه صواريخ تعتبرها اسرائيل مصدر خطر كبير عليها. وكان حزب الله استهدف السفينة الحربية ساعر قبالة الشاطئ اللبناني اثناء حرب يوليو 2006 بصاروخ ياخونت. لكن مع بعض الاستثناءات، قامت اسرائيل بشن غارات وتدمير معظم الشحنات من هذه الصواريخ التي كانت متجهة الى الحزب اللبناني على مدى العامين الماضيين.
ويعتقد بعض الاميركيين ان «(الرئيس السوري بشار) الأسد كان يعلم مخاطر تمرير انواع معينة من الصواريخ الايرانية الى حزب الله، وكان يعمل على ضبط ما يمر من صواريخ، ولا يتعدى الخطوط الاسرائيلية الحمراء»، ولكن ان «يتجاوز عملية المرور الاسد تعني ان قواعد جديدة للعبة صارت معتمدة، وهو ما دفع الاسرائيليين في اكثر من مناسبة الى ارسال مقاتلاتهم» لتدمير هذه الشحنات.
هل هذا يعني نوعا من الافتراق بين الايرانيين وحليفهم في دمشق، سألت «الراي»؟
لايرجح المسؤولون الاميركيون افتراقا، الا انهم يرددون انهم يتابعون منذ فترة «عبر المصادر المفتوحة» الانباء التي تشير الى ان الأسد، الذي صار يعتقد انه حسم حربه في سورية وان استعادته السيطرة على غالبية الاراضي السورية صار مسألة وقت، يعمل في الوقت نفسه على تثبيت الى من تعود الكلمة الفصل داخل سورية، وانه يعمل على ضبط دور حزب الله والميليشيات الاخرى التي قاتلت الى جانب قواته».
وفي الوقت نفسه، يرسل الأسد باشارات أن أي «اتفاقية مع ايران حول ملفها النووي لا تؤثر في الوضع في سورية»، وان الجهة الوحيدة المخولة البت في مستقبل سورية هو الاسد نفسه، وبدعم من الروس كذلك.
وتقول المصادر الأميركية ان «هناك عملية تمايز يحاول الأسد رسمها لنفسه والوقوف بين الايرانيين والروس حتى يبقي لنفسه هامش مناورة يأمل ان يعود من خلاله الى المجتمع الدولي كشريك في الحرب ضد الارهاب».
وترصد بعض الاجهزة الاستخباراتية الغربية قيام قوات الاسد بسلسلة من الاغتيالات بحق كبار المسؤولين والضباط المقاتلين في صفوفه، سوريين وغير سوريين، ممن تمتعوا بقرار ذاتي اثناء المعارك واكتسبوا شعبية في صفوف المقاتلين، وممن يخشى الاسد ان يعمدوا الى استخدام شعبيتهم المستجدة مستقبلا لتقويض سلطته الكاملة والمطلقة.
وتقول المصادر الاميركية: «لأن الاسد يعتقد انه قارب اجتياز خط النهاية، فعملية استعادته سورية تتضمن اعادة رسم علاقته مع حلفائه، وخصوصا الذين شاركوا معه القتال، ويعمل على وضعهم تحت سيطرته الكاملة او تصفية الكوادر التي لا تمتثل لاوامر ضباطه».
كذلك، تقول المصادر الاميركية ان الاسد في سباق مع الزمن لتثبيت سيطرته على اكبر مساحة ممكنة من الارض السورية قبل اجرائه انتخابات تثبيت نفسه لولاية رئاسية ثالثة مدتها سبع سنوات.
وتضيف المصادر: «يعتقد الاسد انه سينجح في الاسابيع العشرة المقبلة في السيطرة على قرابة 70 في المئة من الاراضي السورية. وهو في سباق مع الزمن للتمسك بالجدول الزمني هذا من اجل اجراء انتخابات نفسه لولاية رئاسية ثالثة وهو قد استعاد مساحات شاسعة تسمح له باعتبار ان غالبية المناطق السورية صوتت لمصلحة بقائه في السلطة».
على ان غالبية المسؤولين والمراقبين الاميركيين لا يعتقدون أن الاسد «تجاوز القطوع»، وانه رغم تقدمه، فهو لا يستطيع تثبيت الارض التي يستعيدها، وغالبا ما يعود الثوار اليها، وهو ما بدا واضحا في تراجع قوات الاسد في عموم الشمال السوري، وخصوصا في مدينة حلب وضواحيها، بسبب تركيز قواته على مثلث القلمون في الشمال الغربي لدمشق.
وتتابع المصادر ان «الاسد سيجري انتخاباته الصورية وسيفوز بها، وسيبقى في الحكم، ولكن المعارضة المسلحة ستستمر، والمجتمع الدولي سيستمر في اعداد ملفات محاكمته بتهم جرائم حرب. هذه المواجهة لن تنتهي في موعد قريب، وتوقعاتنا ان يستعيد الثوار بعض زمام المبادرة في المستقبل القريب، وربما من المبكر للأسد ان يصفي حلفاءه خوفا من اي دور مستقبلي لهم».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق