الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

جمهوريون وديموقراطيون يدعون ترامب لدعم انتفاضة إيران

واشنطن - من حسين عبدالحسين

ألا تتحرك الولايات المتحدة لدعم التظاهرات الشعبية في لبنان، أمر مفهوم لدى المعنيين بشؤون السياسة الخارجية في العاصمة الأميركية، فلبنان - باستثناء دور «حزب الله» الاقليمي والحدود المستتبة حالياً مع اسرائيل - لا اهمية استراتيجية تذكر له. لكن ان تمر ايام والمتظاهرون يهزّون النظام الحاكم في إيران، احدى الدول التي تنغض على الولايات المتحدة سياساتها الخارجية، فهو أمر حاز على انتباه الطبقة السياسية الأميركية بأكملها، باستثناء دائرة القرار فيها، اي البيت الابيض.
ولطالما أبدى الرئيس دونالد ترامب، المنهمك في التحريض ضد «عملية الخلع»، التي تقودها الغالبية الديموقراطية ضده في مجلس النواب، عدم اهتمامه بمعظم الشؤون الدولية، التي كانت تثير اهتمام اسلافه، باستثناء أمرين: إسرائيل وايران.
ويشير المتابعون في العاصمة الأميركية، إلى ان لدى ترامب فكرة واحدة حول كيفية التعامل مع الملف الايراني، او اي موضوع دولي آخر، ان كان كوريا الشمالية او تركيا، وهو يقضي بلي اذرع الحكومات التي لا يتفق معها بفرضه عقوبات قاسية عليها، اعتقادا منه بأن الفقر والعوز سيدفعان هذه الحكومات الى التراجع عن مواقفها واستجداء التفاوض معه.
في الحالة الايرانية، يقول الخبراء الاميركيون ان الخطة الايرانية الواضحة لمواجهة ترامب تقضي بانتظار نهاية رئاسته، التي قد تمتد لسنة او لخمس سنوات، وهي خطة يعتقد كثيرون انها جاءت بنصيحة من وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي اقترح على صديقه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، ان تتمسك طهران بالصبر حتى خروج ترامب من البيت الابيض.
لكن صبر ايران يحتاج الى تمويل. يقول الخبراء الاميركيون ان موازنة ايران السنوية تبلغ 39 مليار دولار، وان الجمهورية الاسلامية تموّل 15 مليارا منها عبر الضرائب، و24 مليار دولار من عائدات النفط. لكن انخفاض عائدات النفط الى قرابة اربعة مليارات فقط اجبر النظام على الغاء الدعم الحكومي للاستهلاك المحلي للطاقة، وهو ما يعود على الدولة بقرابة 15 مليار دولار ولكنه يرفع سعر الطاقة محليا بواقع ثلاثة اضعاف، وهو الأمر الذي شكل شرارة اطلقت تظاهرات في اكثر من مئة مدينة وبلدة ايرانية طالبت باسقاط النظام الاسلامي برمته.
يعتقد المتابعون الاميركيون للشأن الايراني، من مسؤولين سابقين وخبراء، ان نظام ايران ادرك على الفور فداحة الموقف، فلجأ بسرعة كبيرة الى عنف مفرط. ويقدّر هؤلاء ان عدد القتلى الايرانيين، في ثلاثة ايام، تخطى المئة، فضلاً عن اكثر من الف تم اعتقالهم، وعشرات الآلاف ممن تم ضربهم بالايدي او بالعصي في الشوارع.
وتفيد التقارير الواردة الى واشنطن، بأن الميليشيات التابعة للمرشد الاعلى علي خامنئي، وهذه غير القوى النظامية التابعة للحكومة، نشرت قناصين على اسطح المباني، عمدوا الى اطلاق النار بشكل مباشر في اتجاه رؤوس وقلوب المتظاهرين، الذين تعذر على عائلاتهم سحبهم من الشوارع، او حتى الحصول على جثثهم من المستشفيات التي تم نقلهم اليها. كذلك، تحولت المستشفيات التي يراقبها النظام الى مشكلة للجرحى، اذ عمدت ميليشيات النظام الى اعتقال الجرحى في المستشفيات.
وتزامنت حملة القمع ضد المتظاهرين مع قطع شبه تام للانترنت، باستثناء المسؤولين في النظام وعائلاتهم واصدقائهم. عن طريق بعض هؤلاء، ما زال خيط رفيع من الفيديوهات والصور يخرج من ايران، لكن المشهد الميداني يعاني من تعتيم كامل. كما يؤثر قطع الانترنت على القدرة التنظيمية للمتظاهرين، وامكانية قيامهم بتحذير بعضهم البعض حول اماكن انتشار ميليشيات النظام.
لهذه الاسباب، دأبت مجموعة من المسؤولين السابقين والخبراء، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، على التواصل مع مجلس الأمن القومي في البيت الابيض، وكذلك مع وزارتي الخارجية والدفاع، في محاولة للتباحث في جدوى قيام واشنطن بمساعدة المتظاهرين. ويقول الخبراء انه يمكن للولايات المتحدة تأمين شبكة اتصالات انترنت للايرانيين لا يمكن للنظام قطعها او التشويش عليها، وهو ما من شأنه ان يساعد المتظاهرين بشكل واسع.
وبين المعنيين بالشؤون الايرانية في واشنطن، يندر العثور على من يعتقد انه يمكن للتظاهرات الاطاحة بالنظام، اذ ترى غالبية الخبراء ان النظام الايراني لا يزال قويا وقادرا على استخدام العنف المفرط والقضاء على كل معارضيه. لكن قلة من الخبراء يرددون انه قلّما توقع المعنيون سقوط هذا النظام او ذاك، وان الثورات التي تؤدي إلى اسقاط حكامها غالباً ما تفاجئ الحكام والعالم سواسية.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008