السبت، 5 سبتمبر 2009

محكمة الحريري ستظهر الحقيقة في غضون 12 شهرا

نيويورك - من حسين عبد الحسين

أكدت مصادر تعمل عن كثب على موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ان حجر العثرة يكمن في صعوبة استدعاء شهود للتحقيق، قد يثبت لاحقا تورطهم ويتم الادعاء في حقهم، في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، لكنها شددت في المقابل، على ان المحكمة «تتقدم في عملها وتشارف على كشف كل خيوط الجريمة، ما ادى الى توتر بعض الاطراف المعنية للمرة الاولى منذ سنوات»، وان «في غضون 12 شهرا، ستظهر الحقيقة الى الملأ، حتى لو اضطرت المحكمة الى اصدار القرار الظني غيابيا».

وقالت المصادر ان «المطلوب قضائيا قبل اصدار قرار ظني في حق هذا الشخص او ذاك، ان يتم استدعاء الشخص اولا بصفة شاهد والتحقيق معه، وان ظهرت امكانية تورطه، يصار الى توجيه تهم الادعاء في حقه، من دون احتجازه على ذمة التحقيق، لكن مع وضعه تحت برنامج حماية الشهود خوفا على حياته».

بعد ذلك، تقول المصادر، يتم اصدار القرار الظني كاملا وتبدأ محاكمة المتهمين حضوريا. ولان الملف المتوافر في ايدي المحكمة، يشير الى امكانية تورط افراد مرتبطين باحزاب لبنانية نافذة، فان المدعي العام القاضي دانيال بلمار، قام بتدبيج مسودة اتفاق مع الحكومة اللبنانية تلحظ آلية استدعاء شهود لبنانيين.

«الا ان تعذر الاتفاق بين المحكمة الدولية وحكومة لبنان، التي تواجه صعوبات اصلا في فرض سلطتها على بعض اراضي الجمهورية، حيث يعتقد وجود بعض الشهود او المتهمين، جعل من غير الممكن المتابعة في العمل على اصدار القرار الظني»، حسب المصادر.

وتضيف ان بعد ان تمت عرقلة عمل المحكمة الدولية من خلال القنوات الرسمية المعتمدة، «استشارت المحكمة اجهزة امنية لبنانية في امكانية مؤازرة قوة دولية لاعتقال بعض الشهود وجلبهم الى العدالة، على غرار عملية القبض على الضباط الاربعة».

الا ان الاجهزة الامنية اللبنانية «رفضت مؤازرة اي عمليات من هذا النوع في ضاحية بيروت الجنوبية، او الجنوب، او البقاع».

حينذاك، تقول المصادر، «عاد القيمون على المحكمة الى الشرعية الدولية، من دون المرور بالاجهزة اللبنانية، فوقعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتفاقية مع البوليس الدولي، الانتربول، الذي يؤمل في ان يتمكن من القبض على مطلوبين ونقلهم الى لاهاي، حيث مقر المحكمة، ليصار التحقيق معهم، واما الافراج عنهم وإما اصدار اتهامات في حقهم وسوقهم الى المحاكمة».

المصادر نفسها لفتت الى ان لدى «الانتربول» آلية تعامل مع الجمهورية اللبنانية، بموجب اتفاقات دولية موقعة في الماضي، وهو ما يؤمن الاطار القانوني المطلوب لعملية جلب الشهود او المتهمين.

وأكدت المصادر ان، على عكس ما يعتقد البعض، فان «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لم تتوقف عن العمل ولم تتقاعس، بل هي تعمل بسرعة كبيرة وجدية فائقة». وقالت: «في غضون 12 شهرا، ستظهر الحقيقة الى الملأ، حتى لو اضطرت المحكمة الى اصدار القرار الظني غيابيا». وتكشف ان، لسبب او لآخر، «لم تؤثر التغييرات في الحكومات الغربية او سياساتها القاضية بالانفتاح على بعض الانظمة في المنطقة على جديتها في دعم العدالة الدولية». وتضيف «ان اكبر الداعمين لوصول المحكمة الى خواتيمها هي ادارة الرئيس باراك اوباما، فالحكومة الاميركية تسعى الى تمتين العدالة الدولية وحصر سياستها الخارجية بالعمل من خلال مؤسسات الامم المتحدة».

وقبل اشهر من رحيلها، كانت الادارة السابقة طلبت زيادة المساهمة الاميركية المالية في عمل المحكمة الدولية من 14 مليونا الى 21 مليون دولار، ووردت الزيادة في موازنة السنة الحالية التي اقرها الكونغرس، لتصبح واشنطن اكبر مساهمة في التبرعات للمحكمة.

اما «ثاني اكبر الداعمين معنويا وسياسيا وماليا لكشف جريمة الحريري ومحاكمة مرتكبيها»، فهي باريس، حسب المصادر نفسها، رغم التقارب السياسي بين العاصمة الفرنسية وعاصمة عربية معنية بالمحكمة الدولية.

وسألت «الراي» عن سبب توتر هذه العاصمة العربية ودفعها بكل وجوهها وسياسييها الى مهاجمتها، رغم ان الامر العالق حاليا هو صعوبة استدعاء شهود لبنانيين فقط، فأجابت المصادر ان «العاصمة العربية المذكورة لا تعرف ما تعرفه المحكمة عمن اصدر الامر ومن سهل عملية الاغتيال، حتى لو كانت هذه العاصمة نفسها لم تضغط على زر التفجير».

وتختم المصادر بان المحكمة «لا تراوح مكانها، بل تتقدم في عملها وتشارف على كشف كل خيوط الجريمة، ما ادى الى توتر بعض الاطراف المعنية للمرة الاولى منذ سنوات، بعد ما اعلنت هذه الاطراف نفسها مرارا في الماضي، ان المحكمة الدولية لا تعنيها».

وتتوقع المصادر نفسها ان يؤثر تقدم عمل المحكمة على السياسة داخل لبنان وفي المنطقة، «لكن العكس لن يكون صحيحا، اذ لن يؤثر الوضع السياسي اللبناني في مسار المحكمة، وهي تم تصميمها بطريقة تكون فيها بعيدة عن السياسة او عن تأثير الاطراف داخل لبنان او خارجه، خصوصا بعدما تم اقفال مجلس النواب اللبناني في وجه المصادقة على انشائها، ما جعلها اداة للعدالة مستقلة عن السياسة والسياسيين».

المقالة في جريدة "الراي"

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008