وفقا لما نشرته «الراي» مطلع الشهر الجاري، نقلا عن مصادر اميركية مقربة من مبعوث السلام جورج ميتشيل، فان القمة الثلاثية بين الرئيس باراك اوباما ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك، اول من امس، تصدرتها دعوة اوباما، الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى «اعادة اطلاق مفاوضات الحل النهائي».
وفيما تكشف مصادر متابعة للعملية السلمية لـ «الراي»، ان «الاخبار الجيدة تكمن في اننا نمضي قدما في العملية السلمية، رغم التشكيك المتواصل فيها»، والى امكان تطويق مشكلة اصرار اسرائيل على الاستيطان، يشير مسؤولون اميركيون الى مسألتين عالقتين، فقط: «اللاجئون والقدس»، ويوضحون ان «هناك 400 الف لاجئ في لبنان هم في لب المشكلة... بعضهم سيعود الى داخل اسرائيل، والبعض الآخر الى داخل الدولة الفلسطينية، والجزء الثالث سيمنح حق اختيار الهجرة الى كندا أو استراليا».
محاولة تخطي خطوات بناء الثقة، اي فرض السلطة الامن في مقابل تجميد النشاط الاستيطاني، حسب ما تمليه خطة «خريطة الطريق»، هي من بنات افكار الرئيس المصري حسني مبارك، والذي دعا، علنا وخلال اجتماعه مع نظيره الاميركي اثناء زيارته الاخيرة لواشنطن الشهر الماضي، الى توقيع حل نهائي تقوم بموجبه الدولة الفلسطينية، ليصار بعدها الى حل المشكلات العالقة بين الدولتين، بطريقة تختصر «من يفعل ماذا، وفي اي وقت، على طريق الوصول الى قيام دولة فلسطينية، لان في هذا الكثير من العرقلة الممكنة حسب الاوضاع السياسية السائدة في حينه».
وتلفت مصادر اميركية الى صواب السيناريو المصري، بالقول: «معظم المشاركين في محادثات السلام من الفلسطينيين والاسرائيليين ما زالوا هم نفسهم منذ نحو العقد، فنتنياهو كان في مفاوضات واي العام 1998، وكذلك ابو مازن، اما (وزير الدفاع الاسرائيلي) ايهود باراك و صائب عريقات، فكانا من بين الموقعين على مذكرة شرم الشيخ في العام 1999، وهناك ايضا ياسر عبد ربه من الجانب الفلسطيني».
«كل المفاوضين»، حسب المصادر، «يعرفون بعضهم البعض وناقشوا كل الامور العالقة مرارا وتكرارا وصاروا يعرفون مواقف بعضهم البعض، وهو ما يجعل من اقتراح الرئيس المصري في ان نبدأ المفاوضات من النتيجة ثم العودة الى التفاصيل اقتراحا منطقيا». لذا، تقول، ان اوباما شدد على استئناف «مفاوضات الحل النهائي» فورا، و«هو يتوقع احراز تقدم فعلي مع حلول منتصف الشهر المقبل».
ميتشيل، بدوره ليس غريبا عن الصراع بين الطرفين، فهو صاحب التقرير الشهير الذي صدر اثر اندلاع «انتفاضة الاقصى» في سبتمبر 2000. يومها، اوصى بوجوب فرض السلطة للامن، في مقابل تجميد الاستيطان، والعودة سريعا الى طاولة المفاوضات، كحل لانهاء العنف الذي بلغ ذروته في تلك الاثناء.
ولا شك ان اولى تصريحات ميتشيل اثر تعيينه مبعوثا للسلام في يناير الماضي، ركزت على موضوع تجميد حركة الاستيطان، وهي عبارة وردت في خطاب اوباما الشهير في القاهرة في يونيو، وكررها معظم المسؤولون في الادارة الاميركية. الا ان حكومة اسرائيل رفضت وقف الاستيطان.
تقول مصادر متابعة لـ «الراي»، ان «الاخبار الجيدة تكمن في اننا نمضي قدما في العملية السلمية، رغم التشكيك المتواصل فيها». وتشرح ان «الناس تفضل الاخبار السيئة. عندما زار نتنياهو واشنطن، تصدرت العناوين الاخبارية، عدم نطقه بكلمة حل الدولتين... اليوم صار هذا الموضوع من الماضي لاننا توصلنا الى حل في شأنه، وصار هناك اجماع على حل الدولتين».
الا ان المشكلة الوحيدة، حسب المصادر، «اضطرار نتنياهو لاسباب سياسية داخلية، الى المضي في شعارات التوطين، فأثناء توقيع واي، لم يتنازل عن بناء مستوطنة ابو غنيم، وهو يكرر السيناريو نفسه اليوم، مع ان الرخص المعطاة للاستيطان اخيرا، هي في معظمها لوحدات موجودة اصلا، وهدفها الرأي العام الاسرائيلي اكثر من غيره».
وسألت «الراي» ان كانت واشنطن ترغب في رؤية تحالف بقيادة رئيسة حزب «كاديما» المعارض تسيبي ليفني، وان كان تحالف من هذا النوع يجعل عملية السلام اسهل، فاجابت المصادر: «نحن لا نتدخل في السياسة الداخلية الاسرائيلية، وسنتعامل مع رئيس الحكومة بغض النظر عن هويته». اما عن تطويق مشكلة اصرار اسرائيل على الاستيطان، فتقول المصادر انها ممكنة: «الرئيس (اوباما) حض الاسرائيليين على تحويل نقاشهم بخصوص تجميد الاستيطان مدة 6 او 9 اشهر الى سياسة فعلية... ونحن نعتقد ان الاسرائيليين سيفعلون ذلك، وان ضمنيا، وسنقوم نحن بتقديم ضمانات للفلسطينيين بهذا الخصوص».
لكن الحل المطروح لتجميد الاستيطان، حسب مسؤولين اميركيين، «هو عبارة عن افكار ما زالت قيد التداول، مع اننا اعتقدنا منذ اسابيع قليلة انها اصبحت في حكم الناجزة». ويضيف المسؤولون: «الاهم ان نقوم بالاشارة الى الامور الايجابية التي تقدمها اسرائيل، فهي اقدمت على تفكيك اكثر من 140 حاجزا اسرائيليا في الضفة الغربية».
ويقولون كذلك: «نحن نعلم ان هناك مئات الحواجز الاسرائيلية الاخرى، لكن اسرائيل تعمل على تفكيكها واعطاء الفلسطينيين المزيد من الحريات، ولا ننسى ان الوضع الاقتصادي في تحسن مضطرد في الضفة الغربية، حيث توقع صندوق النقد الدولي ان تبلغ نسبة النمو فيها 7 في المئة لهذا العام».
أما عن نقاط الحل النهائي المطلوب من الفلسطينيين والاسرائيليين الاتفاق عليها، فتقول المصادر ما يلي: «الامن امسكت به السلطة اجمالا، الحدود... اعطت اسرائيل كل غزة، ومستعدة للتنازل عن اكثر من 90 في المئة من الضفة... الخلاف في الضفة محصور بما نسبته 8 ونصف في المئة من اجمالي المساحة، وهو ما ستناقشه الدولتان بعد توقيع اتفاقية السلام بينهما، ونكون حينها انتهينا اصلا من مواضيع السيادة».
وتضيف: «مع حلول مارس 2000، كانت اسرائيل انسحبت من نحو 39 في المئة من اراضي الضفة وسلمتها للسلطة الفلسطينية، ونحن لا نرى اي مانع من العودة الى هذه النسبة - على وجه السرعة - عملا معقدا».
تبقى مسألتان عالقتان، حسب المسؤولين الاميركيين، «اللاجئون والقدس. في الموضوع الاول، هناك 400 الف لاجئ في لبنان هم في لب المشكلة، سيعود بعضهم الى داخل اسرائيل، والبعض الاخر الى داخل الدولة الفلسطينية، والجزء الثالث سيمنح حق اختيار الهجرة الى كندا او استراليا». وتختم المصادر بالقول: «اذا ما تمكنا من تذليل كل هذه العقبات، تصبح الحلول حول مدينة القدس اسهل نسبيا، وهناك افكار عدة نناقشها في حينها».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق