الاثنين، 29 يوليو 2019

عطلة صيفية منعشة سياسياً للرئيس الأميركي... وتغريدات

واشنطن - من حسين عبدالحسين

رغم استمرار تدني التأييد له في استطلاعات الرأي الشعبية، يتمتع دونالد ترامب بأسبوعين ذهبيين، سياسياً، بدءاً من شهادة المحقق الخاص روبرت مولر امام الكونغرس، والتي لم تفجر أي مفاجآت يمكنها ان تهدد بقاءه في البيت الابيض، وصولاً الى حكم المحكمة الفيديرالية العليا القاضي بالسماح للرئيس الاميركي بمواصلة بناء جدار على حدود الولايات المتحدة الجنوبية مع المكسيك لمنع تدفق اللاجئين. 
وبين الحدثين، نجح ترامب في تمرير المصادقة على تعيين مارك إسبر وزيرا للدفاع، من دون ضجيج. كما نجح في الحصول على موافقة الكونغرس، بما فيه مجلس النواب ذات الغالبية الديموقراطية المعارضة، على المصادقة على عامين من الموازنة الفيديرالية ورفع سقف الاستدانة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وهو ما يرفع عنه كابوس مفاوضة الديموقراطيين لتحصيل اموال الموازنة وادارة شؤون حكومته. 
ويبدو ان بعض مستشاري ترامب، بمن فيهم ابنته ايفانكا، نجحوا إلى حد ما - ولفترة - في لجم تصريحاته الاستفزازية، فالابنة اوقفت امعان الرئيس في هجمته العنصرية ضد اربعة من النساء من اعضاء الكونغرس الديموقراطيات، ومنهن المسلمتان الهان عمر، ذات الجذور الصومالية، ورشيدة طليب، التي تنحدر من عائلة فلسطينية. 
وكان ترامب دعا النساء الاربعة لـ«العودة الى بلادهن» ان كن لا يرين أي ايجابيات في الولايات المتحدة، وهي دعوة ذات نفحة عنصرية معروفة، كان يطلقها العنصريون البيض بحق السود في زمني العبودية والفصل العنصري. 
وفي سياق مشابه، تقول مصادر البيت الابيض ان مستشاري الرئيس نجحوا في ضبط تغريدات رئيسهم غير المنضبطة في مواضيع اقتصادية، مثل الحرب التجارية مع الصين، وهجماته ضد الفيديرالي الاميركي، مطالباً اياه بخفض الفائدة لمواصلة تحفير النمو. 
على انه ورغم اقصى درجات ضبط النفس التي يمارسها البيت الابيض، لم يتمكن ترامب من تفادي الانخراط في حرب اقتصادية صغيرة مع احدى ابرز حليفات اميركا، اي فرنسا، إذ وعد ، بتغريدة، بفرض تعريفات جمركية على واردات النبيذ الفرنسي، رداً على قيام باريس بفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الاميركية العملاقة، مثل «فيسبوك» و»غوغل». 
على انه في خضم الاسبوعين المنعشين سياسياً لترامب، لم تنغص عليه حياته الا السياسة الخارجية، التي يعاني فيها من تخبط لا قعر له، اذ بعد قيام ايران باسقاط طائرة اميركية للمراقبة من دون طيار، يبلغ سعرها 130 مليون دولار، وبعد احتجاز ناقلة نفط بريطانية مع طاقمها اثناء مرورها في مضيق هرمز، فجرت كوريا الشمالية، التي يتغنى ترامب بصداقته المتينة مع زعيمها كيم جونغ أون، مفاجأة باجرائها تجارب على صواريخ بالستية، رداً على تدريبات عسكرية مشتركة اميركية - كوريا جنوبية، وهو ما ضاعف من مآزق ترامب خارجياً واظهره في صورة اكثر ضعفاً. 
لكن من يعرف ترامب يعرف ان الرجل لا يهمه ما يجري حول العالم، وهو بالكاد يمكنه ان يشير إلى دول العالم على الخريطة، وان ابرز خطوات سياسته الخارجية ترتبط بانعكاساتها الداخلية، خصوصا على حظوظ اعادة انتخابه، وهو لهذا السبب اصر على سحب قواته من الاراضي السورية شرق الفرات، على عكس الاجماع السياسي والعسكري الاميركي، وهو قام بالاعتراف بضم اسرائيل لهضبة الجولان السورية التي تحتلها منذ العام 1967، كذلك لاسباب ترتبط بالسياسة الداخلية حصراً. 
الاسبوعان المنعشان سياسياً اللذان عاشهما ترامب يقدمان له عطلة صيفية، قد تكون الافضل له منذ دخوله البيت الابيض قبل عامين ونصف العام، مع ذهاب الكونغرس وواشنطن عموماً الى عطلة طويلة تمتد حتى ستة اسابيع. لكن الرئيس لم ينجح في ضبط نفسه وتغريداته، «جيداً» وقام بمهاجمة عضو ديموقراطي من أصول أفريقية، ما أثار حفيظة وغضب أميركيين كثر... في انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008