الثلاثاء، 17 أبريل 2012

أوباما مصمّم على «التسوية الكبرى» مع إيران

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

داخل «مبنى ايزنهاور التنفيذي» المجاور للجناح الغربي للبيت الابيض، حيث المكتب البيضاوي للرئيس باراك اوباما، حركة غير اعتيادية في الايام القليلة الاخيرة. «الربيع العربي» لا يقلق مسؤولي السياسة الخارجية داخل المبنى، ولا ارتفاع عدد القتلى في سورية او الوضع في السودان او ليبيا. كل هذه الامور متروكة للوزارات المعنية، الخارجية والدفاع والمالية. ما يشغل بال العاملين في «مجلس الأمن القومي» هو رسم كل سيناريوات للتوصل الى تسوية مع ايران، حسب طلب اوباما شخصيا، على حد قول بعض المعنيين.
على عكس سلفه جورج بوش، يفضّل اوباما ان يبقي سياسته الخارجية، وحتى الحروب التي تخوضها بلاده، في السر. حتى المسؤولين في وزارة الخارجية، ومعظمهم ديبلوماسيون محترفون ممن عملوا في الادارات السابقة بما فيها حكومات بيل كلينتون وبوش، لا يعرفون الكثير عما يجري داخل اروقة البيت الابيض و«مبنى ايزنهاور».
ويمسك «مجلس الأمن القومي» بمفاصل السياسة الخارجية، ووزارة الخارجية تتفرج الى درجة انه لم يعقد اي مسؤول رفيع في الوزارة اي جلسة، سرية او علنية على غرار ما كان يحصل في ايام بوش، مع الصحافيين المعتمدين منذ وصول اوباما الى الحكم.
لكن على رغم التعتيم الاعلامي، يصعب اخفاء مزاج الرئيس وفريقه الصغير المحيط به، ويمكن تلخيص مقاربته نحو ايران بكلمتين راجتا اثناء ايامه الاولى في الرئاسة في مطلع العام 2009: «التسوية الكبرى».
يعزز اصرار اوباما على هذه التسوية مع ايران ان الفكرة مدعومة من اكبر شخصيات في الحزب الجمهوري، وان كان الجمهوريون عموما لا يتحدثون عنها علنا بل يعمدون الى مهاجمة ما يصورونه «خنوع» الرئيس الاميركي امام الايرانيين. اما الشخصيات الجمهورية التي تؤيد التسوية مع ايران، فأبرزهم وزير الخارجية السابق وعراب السياسة الخارجية هنري كيسنجر، اضافة الى وزير خارجية سابق آخر ذي وزن سياسي كبير ونفوذ وهو جيمس بيكر. يضاف الى الاثنين السناتور الجمهوري السابق تشاك هايغل، وآخرين.
«التسوية الكبرى» هي تكرار للانفتاح الاميركي على الصين مطلع السبعينات، والذي قاده كيسنجر نفسه، وبموجبه، تفتح واشنطن صفحة جديدة مع طهران، وتتحول ايران من عدوة الى صديقة، مع علاقات ديبلوماسية وتجارية واقتصادية، ولكن من دون الطلب من ايران التخلي عن نموذجها من «الحكومة الاسلامية».
اما الابرز والجديد في هذا السيناريو الذي يتم تحديثه اليوم، هو اعتراف اميركي بدور ايران كقوة اقليمية اساسية في المنطقة، على عكس في الماضي حينما اقتصرت عروض واشنطن طهران بانفتاح اميركي مقابل التخلي عن طموح ايران انتاج السلاح النووي.
يقول مسؤول اميركي من المعارضين لهذا السيناريو: «تفكير المؤيدين للتسوية مع ايران هو انه اذا اصبحت طهران حليفتنا، فلا خوف من طموحاتها الاقليمية».
ويضيف انه «عندما كان شاه ايران حليفنا، كنا اول من زوده بالتقنية النووية»، وان «الرئيس (اوباما) لا يعارض فكرة تخصيب ايران لليورانيوم، على شرط عدم تحويله الى اسلحة نووية، وفي حال تحوّلت ايران الى صديقة، تصبح بيننا ثقة ولاخوف من البرنامج النووي الايراني».
وكان اوباما حمّل رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان، قبل اسابيع، عرضا اميركيا الى مرشد الثورة علي خامنئي يتم بموجبه منح تخصيب ايران لليورانيوم الى درجة ما دون التسليح المباركة الدولية، مع تخلي طهران عن تخصيب بدرجات أعلى. وفي المقابل، يتم رفع بعض العقوبات الدولية والمباشرة بالبدء في خطوات بناء ثقة بين طهران والعواصم الغربية.
على ان المسؤول الاميركي يرى ان في «التسوية الكبرى» مخاطر كبيرة، اولها «عدم ثبات النظام الايراني»، وامكان انهياره يوما ما ووصول البرنامج النووي الى ايدي متطرفين. ويضرب مثالا على ذلك باكستان، التي يصفها بـ «صديقة اميركا اللدودة»، ويقول ان هناك خوفا اميركيا دائما على مستقبل النظام واسلحته النووية، ما يجبر واشنطن على انفاق الملايين سنويا لمراقبة النووي الباكستاني والتأكد انه تحت سيطرة اناس يمكن للولايات المتحدة التواصل معهم في شكل دائم.
ثم ان بعض معارضي التسوية الاميركية مع ايران يفعلون ذلك من باب مساندتهم لاسرائيل، فاذا تحولت ايران الى حليفة وقوة مهيمنة في منطقة الشرق الاوسط، واستمرت في عدائها لاسرائيل مثلما استمرت الصين في شيوعيتها حتى بعد انفتاحها على واشنطن، فان ذلك «سيشكل مشكلة لنا ولحليفتنا»، على حد تعبير المسؤول نفسه.
آخر المعلومات الواردة من داخل دوائر اوباما المحكمة، وهي معلومات شحيحة لا يمكن تأكيدها، ان الرئيس الاميركي لا يعارض كذلك التفاوض على دور ايران في سورية ولبنان والعراق. مرة اخرى، يبدو ان التفكير هو انه في حال تحولت طهران الى صديقة لواشنطن وصارت خطوط الاتصال مفتوحة بين الاثنين، لن يكون من الصعب لجم هذه المجموعة المسلحة او تلك في اي من الدول التي تحتفظ ايران فيها بنفوذ وتمول ميليشيات.
الامر نفسه ينطبق على حلفاء اميركا في الخليج، اذ ينتفي الخطر الايراني، حسب السيناريوات المتواترة من داخل الادارة، في حال انقلبت طبيعة العلاقة الاميركية - الايرانية.
هل يتنامى النفوذ الايراني على حساب نفوذ حلفاء اميركا الآخرين في المنطقة، نسأل المسؤول الاميركي، فيجيبنا بالقول: «اذا تحوّلت ايران الى صديقة، فلا خوف من تنامي نفوذها، ويمكن لاميركا ان تحمي حلفاءها في المنطقة، لكنها لا يمكن ان تفرض لهم اي نفوذ بل عليهم فعل ذلك بأنفسهم، وايران اليوم متقدمة على حلفاء اميركا بمجهودها، ويبدو ان اوباما لا يعتقد ان علينا استخدام اي من مواردنا لقلب الصورة، بل نكتفي بصنع السلام وتنظيم المنافسة بين نفوذ هذا الحليف وذاك».

هناك تعليقان (2):

الربح من الانترنت يقول...

مشكووووووووووور .. موضوع ممتاز

وظائف خالية يقول...

تسسسسسسسسسسلم ياباشا


Since December 2008