| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في فيينا، وكيل وزارة الخارجية ومساعدته، وليام بيرنز ووندي شيرمان، ومستشار نائب الرئيس لشؤون الامن القومي جاك سوليفان، و18 يوما من المفاوضات المتواصلة، واستعداد وزير الخارجية جون كيري للحضور في اية لحظة، ومتابعة عن كثب من قبل مستشارة الامن القومي سوزان رايس. استنفار كامل في صفوف إدارة الرئيس باراك أوباما من اجل التوصل الى اتفاق نووي مع الإيرانيين قبل حلول 20 من الشهر الجاري.
وتأتي مشاركة بيرنز وسوليفان لتعزيز الثقة مع الإيرانيين، اذ ان الرجلين هما من اقام اول قناة اتصال سرية مع الإيرانيين عبر سلطنة عمان، وهما من ساهما – بالتنسيق مع الوفد الإيراني من خارج المفاوضات الرسمية في جنيف في نوفمبر – في دفع الأمور للتوصل الى اتفاق مؤقت، في 24 نوفمبر الماضي، قضى بتعليق جزئي للعقوبات الدولية على إيران، في مقابل تجميدها لبعض انشطتها النووية وتخفيضها درجة اليورانيوم المخصب المخزن لديها.
وتقول المصادر الاميركية ان آمال الاميركيين معقودة على التوصل الى اتفاق في الأيام القليلة المقبلة، «او على الأقل التوصل الى اتفاق ما يجعلنا نبرر تجديد الاتفاقية المؤقتة ستة أشهر جديدة»، اذ يصبح من الصعب جدا للحكومة الأميركية «تبرير أي تمديد في حال راوحت المواقف في مكانها، وخصوصا في وجه كونغرس متربص يحاول الصقور فيه عرقلة ما يمكن عرقلته او التشدد في شروط التسوية».
وتصاحب الآمال الأميركية خيبة أمل في صفوف فريق الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي كان يراهن افراده على انهم إذا قدموا مخرجا لحفظ ماء الوجه للإيرانيين، يمكن اذ ذاك ان تتخلى طهران عن أي طموحات لديها لصناعة سلاح نووي.
والمخرج الأميركي، الذي قدمه أوباما علنا، كان مبنيا على فتوى مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي، والقائلة بتحريم تصنيع او حيازة إيران للسلاح النووي. في الوقت نفسه، كان المسؤولون الإيرانيون يكررون مقولة حقهم في التخصيب، او في الإبقاء على برنامج نووي أسوة بالدول النووية الأخرى.
ويقول المسؤولون الاميركيون ان المشكلة هي ان نظراءهم الإيرانيين «رفعوا سقف التوقعات علنا بإعلان تمسكهم، لا بالحق النووي فحسب، بل بصناعة وقود نووي لمعامل انتاج الطاقة».
وجاء الإعلان الإيراني في وقت دأب أوباما وافراد ادارته على مغمغة «هدفه النهائي» في أية اتفاقية، رغم مطالبة الكونغرس بذلك. اما سبب سرية أوباما فكان رغبته في عدم تقييد موقفه النهائي من أي اتفاقية بأي وعود علنية او سرية يطلقها، ما يعطي ادارته هامشا لتعديل هدفها النهائي وقبول الاتفاقية التي يعتقدها في مصلحة بلاده.
لكن إقرار أوباما «بحق الإيرانيين» في التخصيب لم يكن كافيا لجعل الإيرانيين يعتبرونه انتصارا او يوقعون على أساسه اتفاقية، بل أصروا على تخصيب اليورانيوم الى مستويات الوقود، وهي التي تجعله قريبا من النسب المطلوبة لصناعة السلاح.
موافقة أوباما ومجموعة دول خمس زائد واحد، أي الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، على التخصيب الإيراني لليورانيوم كان يعني تخصيبا بنسب منخفضة لا تتعدى الخمسة في المئة تسمح باستخدام المادة المخصبة في مفاعل او مفاعلين للأبحاث، وهو ما يعني تشغيل إيران أربعة الاف طرد مركزي كحد اقصى من أصل تسعة الاف تشغلها حاليا وعشرة الاف جاهزة للتشغيل ولكنها لا تعمل.
كيف يمكن الالتفاف حول التباين بين موقف المجتمع الدولي وإيران من دون ان تتراجع طهران عن موضوع التخصيب الى مستويات الوقود؟
لا إجابات لدى الاميركيين، ولكن يبدو ان الإيرانيين أطلوا بما يعتقدون ان من شأنه حل الأزمة: التوصل الى اتفاق شامل مع المجموعة الدولية يتضمن، الى الملف النووي، شؤونا إقليمية في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، رفع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف فيديو على موقع يوتيوب توجه فيه الى الدول الغربية، ونشر مقالة في صحيفة فرنسية للغرض نفسه.
وأوضح مسؤول أميركي رفيع رفض الكشف عن اسمه: «مواقفه هذه ليست جديدة ومتمحورة حول أمور هي خارج إطار البحث النووي وعودة الى التعامل بندية مع إيران، والى الاحترام المتبادل، والى عدم تفويت الفرصة».
وأضاف المسؤول: «لا نعرف كيف يتصورون شكل الاحترام، ولكننا دخلنا في مفاوضات من دون شروط معهم، وشاركنا على مدى سنتين في مفاوضات متعددة الأطراف وثنائية، واتصل رئيسنا برئيسهم، وبنينا شروط الحل على فتوى زعيمهم، إذا لم يكن كل هذا احتراما، فكيف يكون شكل الاحترام».
خمسة عشر يوما متبقية من المفاوضات المكثفة، إذا لم «تعدل» إيران من مواقفها، من غير الواضح ما الذي يمكن للمجتمعين التوصل اليه ولم يتوصلوا اليه على مدى سنتين والاف الساعات من الحوار وانخراط ست وزارات خارجية ووكالة الطاقة الذرية وخبراء وقنوات غير مباشرة في مفاوضات مازالت تبدو متعثرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق