حسين عبدالحسين
أبدت مصادر في الإدارة الأميركية قلقها من تنامي النفوذ المالي والتجاري لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على إثر ورود تقارير موثوقة تشير الى ان مدخول التنظيم يبلغ مليون دولار يومياً في أقل تقدير.
وحسب موقع «تقرير نفط العراق»، سيطر التنظيم على بئر او بئري نفط في جبل حمرين، الواقع جنوب مدينة كركوك، فور بسط نفوذه على الموصل في 10 يونيو الماضي. وقال الموقع ان كمية انتاج النفط في حقل حمرين تتراوح بين 16 و20 الفا في اليوم، وانه رغم ان الكمية ضئيلة نسبيا، الا انها تدر أرباحاً وفيرة على «داعش».
واحصى الموقع 160 شاحنة نفط تنتقل يومياً من الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» الى السليمانية في كردستان حيث يتم تكرير النفط وبيعه في السوق السوداء.
ونقل الموقع عن عاملين في «تهريب» نفط حمرين، عبر كردستان الى تركيا والسوق العالمية، ان «داعش» يبيع البرميل بنصف سعر السوق الدولي، أي نحو 55 دولارا، وهي ما يترك هامشا ربحيا كبيرا للمتعاونين معه في تجارته النفطية، ويجعل من الصعب على حكومة كردستان العراق مكافحة هذه التجارة.
كذلك، تشير التقارير في العاصمة الأميركية الى ان «داعش» يسيطر على حقول نفط سورية في محافظة دير الزور، كان آخرها حقل العمر الذي نجح التنظيم بالاستيلاء عليه عن طريق اقناع قوة تنتمي الى «جبهة النصرة» المناوئة بالانشقاق والانضمام اليه، وهو ما حصل.
ولا تتوافر أرقام موثوقة لكمية النفط السوري الذي يتم استخراجه وبيعه، الا ان بعض الخبراء قدروا الكمية بين الفين وخمسة الاف برميل، وهي من شأنها ان تدر على التنظيم ربع مليون دولار يوميا.
في السياق نفسه، تحدث خبراء في واشنطن عن قيام «داعش» ببيع كمية من الذخائر والأسلحة، ومعظمها صناعة أميركية، صارت فائضة لدى التنظيم بعد استيلائه على مخازن سلاح الجيش العراقي. ويقول بعض الخبراء انه «يمكن شراء رشاش ام -17 الأميركي بنصف سعره في أسواق تكريت او أربيل، والغالب ان مصدر هذه الأسلحة الموصل».
عائد هذا المدخول ممكن اضافته الى 420 مليون دولار يقال ان التنظيم استولى عليها من المصارف الحكومية العراقية التي سيطر عليها في محافظة نينوى، ما دفع الخبير ستيف ليفين الى القول انه «قد يكون بحوزة داعش ما مجموعه 1.3 مليار دولار».
ويجعل هذا المبلغ من «داعش»، الذي تضعه واشنطن على لائحتها للتنظيمات الإرهابية، «أغنى تنظيم إرهابي في العالم»، حسب أحد الخبراء، «متقدما على القاعدة وعلى حزب الله».
وباتت القدرة المالية لـ «داعش» تثير مخاوف واشنطن بحد ذاتها، فالولايات المتحدة عملت منذ هجمات 11 سبتمبر 2011 على تجفيف منابع تمويل الإرهاب وانشأت شبكة مصرفية دولية لمنع انتقال هذه الأموال عبر الدول. ويقول المسؤولون الاميركيون ان أكثر ما تخشاه بلادهم هو قيام «داعش» باستخدام هذه الأموال لشن هجمات خارج نطاق مناطق الصراع المندلع حاليا في سورية والعراق.
كذلك، يعتقد كثيرون ان التنظيم سيحاول استخدام الأموال لتكريس حكمه في المحافظات السورية والعراقية التي صار يسطر عليها او على أجزاء منها، وهي الرقة ودير الزور في سورية، ونينوى وتكريت وصلاح الدين وديالى والانبار في العراق، عبر الانفاق على مشاريع رعاية اجتماعية وبعض البنية التحتية.
ومجموع مساحة هذه المحافظات يبلغ أكثر من 270 ألف كيلومتر مربع، أي أكبر من بريطانيا التي تبلغ مساحتها نحو 230 ألف كيلومتر مربع، ومرة ونصف مساحة سورية، وثلاثة اضعاف مساحة الأردن.
الأرقام هذه تثير قلق الإدارة الأميركية، التي تعتقد انه كلما طال وجود التنظيم في الأراضي التي استولى عليها في العراق وسورية، كلما صار الحاق الهزيمة به وطرده منها أصعب وأكثر تعقيدا. لذا، تعلو بعض الأصوات داخل إدارة الرئيس باراك أوباما والكونغرس تدعو الى تعزيز قدرات الجيش العراقي والجيش السوري الحر، وتزويدهما بنصائح ميدانية وغطاء جوي لمواجهة «داعش» واخراجه من هذه المحافظات في أقرب وقت ممكن.
على ان سير المعارك لا يشي بأنه يمكن لأي من الجيشين، العراقي او السوري الحر، دحر «داعش» في المستقبل القريب، وانهما يحتاجان للمزيد من الاستعدادات القتالية ليتمكنا من ذلك، وانه في الوقت الحالي، ما زال «داعش» هو الذي يتقدم ميدانيا، رغم ان التقديرات الأميركية صارت تستبعد هجوماً كاملاً من قبل التنظيم على بغداد، وتستبعد ان يكون لدى التنظيم القدرة على اجتياح العاصمة العراقية او السيطرة عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق