| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
وافقت الولايات المتحدة على تسوية اقترحتها السكرتاريا التقنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقضي بقيام نظام الرئيس السوري بشار الأسد بتدمير سبعة من أصل 12 معملا يملكها لإنتاج الأسلحة الكيماوية، متراجعة بذلك عن قرار سابق للمنظمة، تبناه مجلس الأمن في قراره رقم 2118، يجبر دمشق على تدمير ترسانتها الكيماوية ومعامل انتاجها بالكامل، تحت طائلة استخدام القوة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وقال المبعوث الأميركي الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية روبرت ميكولاك ان بلاده درست اقتراح السكرتاريا بعناية للتوصل الى تسوية «في موضوع تدمير منشآت الإنتاج» الكيماوية، وانه «رغم ان الاقتراح يتطلب تنازلات جدية ولا يتوافق تماما مع قرار هذا المجلس في سبتمبر 2013، الا ان الولايات المتحدة مستعدة لدعم حل التسوية من اجل توصل المجلس الى قرار... طالما ان سورية تقبله كذلك».
وقال ميكولاك اثناء اجتماع عقده مجلس المنظمة في لاهاي الأسبوع الماضي، ان واشنطن ليست مستعدة الى ان «تذهب ابعد من ذلك او ان تنخرط في المزيد من المساومة»، مضيفا: «نحن نأمل ان تدعم سورية هذه التسوية، بما في ذلك تدمير سورية للمنشآت السبعة، وفي تلك الحالة، يبرم المجلس القرار حتى تبدأ أخيرا عملية التدمير».
وتابع المبعوث الأميركي: «دعوني أكون واضحا، إذا رفضت سورية هذه التسوية واستمرت في تمردها، يجب ان يكون هناك عواقب، اذ لا يمكن السماح لسورية ان تعرقل كل محاولة للحل وأن تستمر في تجاهل التزاماتها وتجاهل هذا المجلس بإبقائها على منشآتها لإنتاج الأسلحة الكيماوية للأبد».
لكن التهديد الأميركي بدا فارغا، اذ ان «العصيان» السوري، حسب المسؤول الأميركي، يتصاعد منذ فترة، فيما دأب المسؤولون الاميركيون على التلويح بعواقب لا يبدو انها تخيف أحدا.
ويقول ميكولاك انه «منذ مارس الماضي، صار الموقف السوري أكثر تصلبا ورفض الانخراط في مفاوضات ذات معنى». ويضيف ان «الموقف السوري حول ما يجب تدميره لم يتغير منذ مارس»، وهو ما يطرح السؤال التالي: إذا كانت دمشق ملتزمة بمواقفها الرافضة لتدمير أي من منشآتها الكيماوية الاثنتي عشرة منذ خمسة أشهر من دون عواقب، فما الذي يمكن ان يدفعها الى تغيير هذا الموقف غير التصريحات الأميركية المتكررة حول العواقب؟ ويكشف المبعوث الأميركي عن اجتماع انعقد في موسكو في أواخر شهر يونيو الماضي، جمع مسؤولين سوريين واميركيين وروس وممثلي المنظمة، التي قدمت اثناءه تسوية «تتضمن قبول كل الأطراف لحدود الانفاق، التي تمت مراجعتها»، كما تتضمن التسوية كذلك «إجراءات مراقبة (دولية على المنشآت السورية) أكثر فاعلية».
وتشير التقارير الأميركية الى ان 1300 طن من المواد الكيماوية التي سلمها الرئيس بشار الأسد للمجتمع الدولي يتم تدميرها حاليا. ومن المقرر ان تنتهي عملية التدمير في سبتمبر المقبل، وهو الموعد الذي تأمل واشنطن ان يتزامن مع تدمير سبعة منشآت ووضع خمسة متبقية تحت مراقبة دولية. ومع ان الخطوة المقبلة للمنشآت الخمسة مازالت غير معلومة، الا انه يبدو ان واشنطن صارت تبدي ليونة أكثر حول طرح روسيا والأسد تحويلها الى منشآت كيماوية مدنية.
كذلك، يبدو ان واشنطن تعتقد ان التقرير الذي قدمته دمشق حول ترسانتها الكيماوية في سبتمبر الماضي تشوبه ثغرات، وان الأسد لم يعلن عن كل الكمية التي بحوزته، حتى لو كان سلم معظمها، وهو ما دفع ميكولاك الى القول ان هدف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية هو «التأكد من دقة واكتمال الإعلان السوري، والاستمرار في المراقبة حتى تتكون الثقة الضرورية لدى المجتمع الدولي ان سورية أعلنت وفككت برنامج أسلحتها النووية بالكامل».
وربما تأمل الإدارة الأميركية اعلانا من المنظمة تؤكد فيه التفكيك الكامل لترسانة الأسد الكيماوية قبل حلول نوفمبر، وهو تاريخ موعد انتخابات الكونغرس النصفية، اذ من شأن اعلان من هذا النوع ان يسمح للرئيس باراك أوباما وحزبه الديموقراطي تقديمه للأميركيين على انه إنجاز لمطالبتهم بتأييد الديموقراطيين، أصحاب الشعبية المتهالكة التي تنذر بالإطاحة بسيطرتهم على مجلس الشيوخ، مع ما يعني ذلك من القضاء على آخر معاقل النفوذ السياسي للرئيس الأميركي وتحويله الى «بطة عرجاء» بالكامل بانتظار خروجه من الحكم في العام 2016.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق