حسين عبدالحسين
لا مساومة في موضوع سوريا لدى فريق السياسة الخارجية والدفاعية للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، في حال انتخابها رئيسة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. فالفريق الرئاسي المتوقع يتوافق على بند رئيسي، مفاده ان سياسة الرئيس باراك أوباما القاضية بالحفاظ على نظام الأسد واشراكه في التسوية هي سياسة فاشلة، وان الحل الوحيد الممكن يقضي بالاطاحة بالأسد.
ولأن وصول كلينتون الى الرئاسة سيصنع التاريخ في أميركا لناحية وصول اول أمراة الى ارفع منصب سياسي في البلاد، ولأنه من المتوقع ان تعين كلينتون عدداً غير مسبوق من النساء في مناصب حساسة في صناعة القرارات الخارجية، كتتمة لمشاركة المرأة الاميركية في القرار السياسي، يمكن توقع سياسة كلينتون بناء على استعراض آراء خمس سيدات من اللواتي يتوقع ان يلعبن دوراً اساسياً في ادارتها.
أولى السيدات هي ميشال فلورنوي، التي رفضت منصب وزيرة دفاع خلفاً لتشاك هيغل لعلمها ان آراءها تختلف مع أوباما، خصوصاً في الموضوع السوري، فأحيل المنصب لوزير الدفاع الحالي آشتون كارتر، الذي كان يعمل في الوزارة بأمرتها. وفلورنوي ترأست مجموعة عمل شارك فيها كبار المعنيين بالسياسة الخارجية، كان اهمهم بطل حرب العراق ومدير "سي آي ايه" السابق دايفيد بترايوس. وجاء في الدراسة ان تسليح المعارضة السورية واقامة احزمة آمنة للمعارضين هما من الشروط الاساسية للتوصل الى حل سوري.
وكيلة وزارة أخرى متقاعدة لعبت دوراً بارزاً في ادارة أوباما وتلعب حالياً دوراً قيادياً في فريق كلينتون للسياسة الخارجية هي وندي شيرمان، وكيلة وزارة الخارجية السابقة والتي لعبت دوراً محورياً في المفاوضات النووية مع ايران. وعلى عكس توجيهات أوباما، كانت شيرمان من معارضي فتح قنوات سياسية مع الايرانيين، الى جانب المحادثات النووية، وكانت تدعو لحصر المفاوضات بالشؤون النووية والتمسك بموقف قوي في التصدي لايران في الشؤون الاخرى، خصوصاً في سوريا والعراق. وبسبب معارضتها، وتسريبها بعض المعلومات الخاصة لمعارضي الاتفاقية النووية، تم تحييدها، وتولى وزير الخارجية جون كيري فتح قناة مباشرة، وما زالت مفتوحة، مع نظيره الايراني جواد ظريف.
وتتمتع شيرمان بعلاقة قوية مع كلينتون منذ ان عملت الاخيرة وزيرة خارجية في ولاية أوباما الاولى. وقادت شيرمان المفاوضات في وجه فريق المرشح السابق بيرني ساندرز، الذي حاول عن طريق ممثله وممثل بعض الدول العربية جايمس زغبي، ان يضّمن بيان الحزب الديموقراطي للانتخابات بنداً يفرض على الرئيس المقبل عدم استخدام القوة العسكرية في سوريا، فتصدت له شيرمان وأطاحت ببند الزغبي، فظهرت وكأنها في طليعة مؤيدي توجيه ضربة عسكرية للأسد في حال تولي كلينتون الرئاسة.
من وزارة الخارجية أيضاً تبرز قياديتان ناشطتان في حملة كلينتون، هما مديرة السياسات السابقة في وزراة الخارجية آن ماري سلوتر، ومساعدة وزيرة الخارجية السابقة ايضاً لشؤون حقوق الانسان تامارا ويتس كوفمان. الاولى كتبت في مقالة رأي، الصيف الماضي، أن على أميركا وأروبا أن تغيرا سياستيهما تجاه سوريا، وأن تقيما منطقة حظر جوي يمكن فرضها باستخدام الصواريخ البحرية. واعتبرت سلوتر أن "المرة الوحيدة التي دخل فيها الاسد في صفقة تسوية كانت يوم شعر أن الولايات المتحدة كانت في طريقها الى توجيه ضربة اليه، رداً على استخدامه الاسلحة الكيماوية".
بدورها، انتقدت كوفمان — في دراسة اصدرتها في مركز ابحاث بروكنغز حيث تعمل — تركيز بعض الحكومات، مثل روسيا، على الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وقالت إنه حتى لو نجحت موسكو في ذلك، فإن الدولة السورية لم تعد قادرة على استعادة سيطرتها على اراضيها، وان الثوار لن يلقوا السلاح طالما ان شكل الدولة السورية على ما هو عليه، ورئيسها الأسد. ودعت كوفمان الى التفكير بحلول تفرض على دول مثل روسيا التخلي عن تركيزها على مستقبل الأسد، على الرغم من ان بقاءه في السلطة في سورية من عدمه لا يؤثر في المصالح الاميركية او الاوروبية.
السيدات الخمس المتوقع أن تلعبن ادواراً رئيسية في اي ادارة محتملة لكلينتون تجمعن على ضرورة رحيل الأسد كمقدمة للحل السوري، وهو اجماع يعكس رأي كلينتون نفسها وآراء معظم القيمين على السياستين الخارجية والدفاعية في حملتها، وغالباً في إدارتها في حال انتخابها رئيسة.
في العام ٢٠٠٨، انتظر الأسد بفارغ الصبر حلول أوباما مكان سلفه جورج بوش، واعتبر أن انفتاح أوباما عليه هو دليل على هزيمة أميركا وعلى انتصار "نهج الممانعة والمقاومة". في العام ٢٠١٦، على الثوار انتظار حلول كلينتون بدل أوباما، لأن صمودهم كل هذه الاعوام سيثمر في حال وصولها للرئاسة، وهو وصول لا شك انه يقلق الأسد، ويدفع معلمه الروسي فلاديمير بوتين الى المراهنة على منافسها دونالد ترامب، الذي في حال انتخابه رئيساً، ستتطلب سياساته الخارجية تحليلاً مختلفا بالكامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق