| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
باستثناء الرئيس دونالد ترامب، الذي حاول استعراض مهاراته الديبلوماسية بالاشارة إلى نجاح الهدنة التي توصلت إليها بلاده مع روسيا في ثلاث محافظات سورية جنوبية هي القنيطرة والسويداء ودرعا، لا يعتقد أي من الاميركيين المتابعين للتطورات في سورية أن الهدنة المذكورة ستصمد، ويعكفون على إعداد خطط بشأن كيفية التعامل مع الجنوب السوري عندما تستأنف الأطراف المتنازعة القتال فيه.
ويتشارك الأميركيون تشاؤمهم مع نظرائهم الاسرائيليين، الذين يقلقهم الجنوب السوري أكثر من غيره في عموم البلاد الغارقة في الحرب منذ العام 2011. ويعتقد الاسرائيليون أن إيران والميليشيات المتحالفة معها تسعى لإقامة بنية تحتية عسكرية في الاراضي المتاخمة للجولان السوري الذي تحتله إسرائيل، بهدف تهديد الشمال الاسرائيلي، بعدما أدت حرب يوليو 2006 بين اسرائيل و«حزب الله» إلى إغلاق تام للحدود اللبنانية - الإسرائيلية، تحت طائلة قيام اسرائيل بتدمير أحياء مناصري «حزب الله» عن بكرة ابيها، بموجب الخطة العسكرية التي تطلق عليها اسرائيل اسم «عقيدة الضاحية».
وترى دوائر الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية أن هدنة الجنوب السوري لن تصمد، وان الاختراقات كانت واضحة على مدى الاسبوع الذي تلا إعلانها، وان الايرانيين غير موقعين عليها، وهو ما قاله علناً المسؤولون الايرانيون، الذين أكدوا أنهم غير معنيين بوثيقة وقعتها واشنطن وموسكو.
وتعتقد هذه الدوائر أن الاستقرار الأمني في سورية من أولويات الولايات المتحدة، إذ إن إلحاق الهزيمة بتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في مناطق شرق الفرات يتطلب الاستقرار في بقية أنحاء سورية، إذ من دون هذا الاستقرار، يمكن لعناصر التنظيم الفرار من مناطق «الدولة» والتغلغل في عموم سورية، ثم القيام بشن هجمات من مخابئهم.
ويبدو أن ما يقلق المتابعين الأميركيين هو الفراغ في الجنوب السوري، وهو فراغ يفتح الباب أمام التغلغل الإيراني. ولأن الدول المعنية بالجنوب، أي إسرائيل والأردن والولايات المتحدة، لا تنوي نشر قوات برية في المحافظات السورية الثلاث، يبقى موضوع الامساك بهذه المناطق عرضة للأخذ والرد، مع أفضلية لإيران وميليشياتها، المتأهبة لاختراق هذه المحافظات ومحاولة السيطرة عليها، فور انتهاء مفاعيل الهدنة الاميركية - الروسية.
وفي هذا السياق، اعتبرت مؤسسة «ستراتفور» الأميركية للأبحاث، المعروفة بقربها من وكالات الاستخبارات، انه «في أحسن الاحوال، حتى لو صمدت الهدنة المحلية، يتمثل التحدي الأكبر في ترجمة هذه الهدنة الى اتفاقية سياسية استراتيجية»، خصوصاً أن «الحكومتين الايرانية والسورية غير مستعدتين لتقديم تنازلات من أجل قيام حكوم انتقالية جامعة مطلوبة من اجل تثبيت الوضع في البلاد».
وأضافت المؤسسة، في تقرير، انه «بالنظر إلى معطيات أرض المعركة والاندفاع، ستحاول طهران ودمشق التمسك بمطالب قصوى تسعى من خلالها للسيطرة على أوسع رقعة ممكنة من الارض». لهذه الاسباب، لا تعتقد «ستراتفور» أن هدنة الجنوب السوري ستؤثر في مجريات الاحداث في سورية، وان البلاد ماضية في تقسيم أمر واقع حيث يسيطر كل فصيل محلي على الأرض، وهو انقسام لا يساعد في ابقاء تنظيم «داعش» خارج المناطق السورية غرب الفرات، بعد أن يتم طرده من المناطق السورية شرق الفرات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق