حسين عبدالحسين
باشرت دوائر القرار والديبلوماسية الأميركية، العمل على استصدار قرار في مجلس الأمن يمدد الحظر على شراء إيران، الأسلحة، مع اقتراب موعد انقضاء مهلة الحظر الذي كانت تفرضه الاتفاقية النووية، بموجب القرار الرقم 2231، في 18 أكتوبر المقبل.
وتقضي الخطة الأميركية بتقديم خيار الى الحلفاء الأوروبيين، كما الى روسيا والصين، مفاده بأنه إما يوافق مجلس الأمن على إصدار قرار يمدد الحظر، بغض النظر عن القرار 2231، أو ستقوم واشنطن باللجوء الى آلية «العودة التلقائية للعقوبات»، وهي الآلية المعروفة بـ«سناب باك» بالإنكليزية.
وبموجب هذه الآلية، يمكن لأي من الدول الموقعة على الاتفاقية النووية، المكرسة بالقرار 2231، تقديم شكوى للأمم المتحدة حول إخلال الطرف الآخر بأي من بنود الاتفاقية، اذ ذاك، تقوم الأمم المتحدة بتحقيق يستمر 30 يوماً، وتعود بعده بإيضاحات وضمانات بأن لا تخلّف عن التنفيذ، فان أعجبت الإيضاحات الطرف الشاكي، تبقى الاتفاقية قائمة، وان لم تعجبه، يمكن وقتذاك تطبيق «سناب باك»، وهو ما يعيد مجلس الأمن، من دون ضرورة موافقته، الى ما قبل 2231، ويعتبر القرار لاغياً، وتعود على إيران كل العقوبات التي كان أقرّها مجلس الأمن قبل أن تعلّقها الاتفاقية والقرار 2231، الذي تم إقراره في يوليو 2015.
وتقول المصادر الأميركية إن «تمديد حظر الأسلحة القائم حالياً، بموجب قرار جديد في مجلس الأمن، هو أهون الشرّين، ولكن في حال مارست روسيا أو الصين حق النقض الفيتو، سنعمد الى تدمير الاتفاقية بأكملها في مجلس الأمن».
وتضيف: «في كلتا الحالتين، ستفوز واشنطن، ولن يتم السماح لإيران بشراء أي أسلحة من أي فرقاء دوليين، تحت طائلة تعرض من يبيعها السلاح لعقوبات تفرضها الأمم المتحدة».
وفي هذا السياق، يعتقد كبير الباحثين في «مجلس السياسة الأميركية الخارجية» جايمس روبنز، أن «المادة 10 من الاتفاقية النووية تشير إلى إحدى وسائل الحل المتاحة أمام واشنطن لمنع انتهاء الحظر الدولي على إيران».
ويقتبس روبنز من نص الاتفاقية أنه يمكن لأي «دولة مشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة» تقديم شكوى، أي انه كان يمكن لإيران مثلاً الشكوى ضد تخلف الولايات المتحدة عند تعهداتها وقيامها بفرض عقوبات آحادية، وهو ما كان من شأنه تحطيم الاتفاقية، لكن طهران لم تفعل ذلك، لأنها متمسكة بالاتفاقية.
وفي السياق، رصد المسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب ردود فعل إيران على قيام ألمانيا بتصنيف «حزب الله» اللبناني تنظيماً إرهابياً.
وقالوا إن طهران هددت مصالح ألمانيا، ولكنها فعلت ذلك في الإعلام غير الناطق بالإنكليزية، فطهران متمسكة بالاتفاقية النووية، وتحتاج لحلفاء يتمسكون معها بالاتفاقية، وبرلين أيضاً متمسكة بالاتفاقية، وهو ما يعني أن طهران تحتاج برلين، لذا اقتصرت التهديدات الإيرانية على الإعلام الفارسي والعربي من دون الإنكليزي أو الألماني.
يفنّد روبنز ادعاءات المشككين الأميركيين بأن أميركا لا يمكنها تقديم شكوى ضد تجاوز إيران القرار 2231 وقولهم إن واشنطن لا يمكنها العمل ببنود اتفاقية خرجت منها، «هذا ليس صحيحاً، برأيه».
يكتب روبنز في مجلة «ذا ناشونال ريفيو»، مضيفاً أن «آلية حل النزاعات المفصلة في المادة 36 تسمح لأي من الدول الأوروبية الثلاث، فضلاً عن الولايات المتحدة، إحالة ما تسميه الاتفاقية إخلالاً رئيسياً لواجباتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة»، وتكون الإحالة على «لجنة مشتركة ومجلس استشاري يجريان سلسلة من المراجعات على مدار 30 يوماً، فإذا لم يبد المشارك المشتكي رضاه عن نتيجة العملية، يمكن للشاكي إخطار مجلس الأمن».
أما «الجزء الجميل» في الاتفاقية، بحسب روبنز، أنه «بمجرد أن يتم هذا الإخطار، تمنح المادة 37 مجلس الأمن 30 يوماً للنظر في قرار مواصلة رفع العقوبات، أي إبقاء الاتفاقية على ما هي عليه، فإذا فشل مجلس الأمن في تمرير مثل هذا القرار في تلك الفترة الزمنية، يتم فرض أحكام قرارات مجلس الأمن القديمة، وهذا هو ما يسمى بسناب باك الذي سمعنا الكثير عنه».
ولأن «سناب باك يبدأ تلقائياً في حال عدم توصل مجلس الأمن لاتفاق، يمكن لأميركا فرض فيتو على أي اتفاق جديد، وهو ما يعني أن حق النقض، الذي تملكه روسيا والصين، في مجلس الأمن يصبح غير ذي صلة، وحق النقض الذي تمتلكه الولايات المتحدة، يصبح بمثابة العنصر حاسم»، يؤكد روبنز.
ماثيو برودسكي، كبير الباحثين في «مجموعة الدراسات الأمنية»، يقول لـ«الراي» إنه «لا توجد طرق أخرى للقضاء على الاتفاقية النووية بشكل فعال من دون اللجوء الى آلية سناب باك».
واعتبر الخبير الأميركي أن «وزارة الخارجية محقة تماماً في ما يتعلق بقراءتها للقرار 2231، الذي يسمح لواشنطن باللجوء إلى آلية سناب باك، خصوصاً بعدما أثبتت أوروبا أنها غير قادرة فعلياً على إعادة التفاوض مع ايران عندما حاولت إدارة ترامب إصلاح الاتفاقية، قبل الانسحاب منها».
وكان الديبلوماسيون الأميركيون عقدوا سلسلة لقاءات مع نظرائهم الأوروبيين، في الأشهر الأولى لرئاسة ترامب، في محاولة لإدخال تعديلات تبقي على الاتفاقية النووية من دون الإطاحة بها. لكن الإيرانيين رفضوا التعديلات، وهو ما دفع واشنطن للانسحاب.
«على الرغم من كل ذلك»، يضيف برودسكي، هناك البعض في الإدارة، بمن في ذلك من الباقين من إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما ممن يرغبون في الحفاظ على الصفقة.
ويتابع: «لأكثر من عام، كان هناك ذهاب وإياب مع الإيرانيين لتعديل الاتفاقية، ولكن من دون جدوى، وهو ما يؤكد أن من طالبوا بالقضاء على ما تبقى من الاتفاقية النووية، والتأكد من عدم إمكانية إعادة إحيائها، كانوا دائماً على حق، وكانوا يعرفون أن القرار 2231 هو بمثابة قنبلة موقوتة، تنفجر إما مع موعد رفع حظر الأسلحة التقليدية في أكتوبر، أو مع الانتخابات الأميركية في نوفمبر» المقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق