واشنطن - من حسين عبدالحسين
أشاد إليوت أبرامز، مسؤول «ملف إيران» في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بأداء الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته تجاه إيران. وقال إن طهران تقوم بما في وسعها لدفع واشنطن إلى التوتر والتنازل، لكن الإدارة الحالية حافظت على رباطة جأشها، ولم ترفع أياً من العقوبات، ولم تبدِ ضعفاً.
ويبدو أن تمسك واشنطن بموقعها، وكذلك تصلّب طهران، دفع خليفة ابرامز، المبعوث الحالي روبرت مالي، إلى الخروج عن صمته، وتوجيه دعوة صريحة للنظام الإيراني لتغيير سياسته وعدم إضاعة الفرصة المتاحة للعودة للاتفاقية النووية، وتالياً لرفع العقوبات الأميركية.
أبرامز، وفي حوار عبر الإنترنت، أثنى على سياسة بايدن، وأكد أنها «جيدة جدا حتى الآن». وعزا ذلك إلى التقارير الاستخبارية حول إيران التي صارت متاحة لبايدن وأعضاء فريقه.
وقال إنه منذ خروجهم من الحكم مع نهاية إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، مطلع العام 2017، أمضى العاملون في إدارة بايدن، أربعة أعوام من دون تقارير استخبارية، لكن الأمور تغيرت مع عودتهم إلى البيت الأبيض، ما دفعهم إلى اعتماد سياسة جديدة، لا استئناف لسياسة أوباما.
واعتبر ابرامز أنه باستثناء بعض الأخطاء في اليمن، من قبيل قيام وزارة الخارجية برفع تنظيم الحوثي عن «اللائحة السوداء»، لم ترتكب الإدارة الحالية أخطاء تذكر في تعاملها مع الملف الإيراني. وتابع أنه لا يعرف كيف تنوي الإدارة الحالية التعامل مع الموضوع الإيراني مستقبلاً، وأنه لا يعرف ما هي «الخطة باء»، غير استئناف العمل باتفاقية فيينا ومن ثم التفاوض من أجل تعديلها.
ولخص أبرامز القضايا الخلافية مع إيران بأربعة محاور، هي الملف النووي، رعاية الإرهاب بدعم الميليشيات في المنطقة، البرنامج الصاروخي، وتجاوزات حقوق الإنسان. وقال إن سياسة ترامب «الضغط الأقصى» كانت تهدف إلى دفع طهران للمشاركة في مفاوضات حول هذه الملفات الأربعة، كسلة متكاملة للتوصل إلى تسوية تفضي إلى رفع العقوبات.
وشدد أبرامز على أن «برنامج إيران النووي لا يشبه البرامج السلمية، في جنوب أفريقيا واليابان، بل يشبه برامج صناعة السلاح النووي في كوريا الشمالية، إذ تقوم طهران بالعمل بسرية، وإخفاء أجزاء من البرنامج عن عيون الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحد من قدرة المفتشين الدوليين على مراقبة البرنامج».
وتابع أبرامز أنه على العكس الاعتقاد السائد، فإن سياسة «الضغط الأقصى» بدأت بعد مرور سنتين على دخول ترامب البيت الأبيض، و«للحكم إن كانت لهذه السياسة نتائج، كان الاعتقاد أن أربع سنوات إضافية لترامب في الحكم، مع تشديد العقوبات، كانت ستدفع الإيرانيين حتماً إلى التحاور حول الملفات الأربعة».
وعن سياسة بايدن المعلنة، رأى ابرامز أن «المشكلة تكمن في أنه لو تم تنفيذها، أي عادت إيران للاتفاقية النووية، ستقوم واشنطن برفع أهم جزء من العقوبات، ألا وهي صادرات النفط... إن فعلت ذلك، تعود طهران إلى تصدير نحو مليونين ونصف مليون برميل يومياً، ما يدر على النظام نحو 60 مليار دولار سنوياً، وهذا كاف لتمويل النظام ونشاطاته المزعزعة للاستقرار، ومن ثم، لا يعود للإيرانيين مصلحة في التفاوض حول الملفات الثلاثة الأخرى».
كذلك أشاد ابرامز بالتقارب مع الأوروبيين في الموضوع الإيراني، وقال إن «لندن خرجت من الاتحاد الأوروبي وصارت أقرب إلى واشنطن في سياستها الخارجية، أما برلين، فهي الأكثر تهاوناً مع النظام الإيراني»، واعتبر أن «إيران تواجه مشكلة من سيخلف المرشد علي خامنئي».
وتوقع أن يسعى النظام لانتخاب رئيس متشدد في يونيو المقبل، لتأكيد خلافة سلسة بعد خامنئي في حال اضطر الأمر في السنوات الأربع المقبلة.
وفي الاجابة عن سؤال حول انخفاض عدد مرتادي المساجد، وابتعاد الإيرانيين عموماً - من غير المؤيدين أو المستفيدين المباشرين - عن النظام وعقيدته، قال ابرامز إن «الاتحاد السوفياتي انهار في 75 عاماً، وأنه إذا كان هذا هو المقياس، ما زال أمام النظام الإيراني بعض الوقت، لكنه فعليا يغرق في ضعف كبير».
من جانبه، وبسبب تعثر التوصل إلى تسوية بين إدارة بايدن وإيران، شن مالي حملة علاقات عامة عبر القنوات الإعلامية الدولية الناطقة بالفارسية، متوجها إلى الإيرانيين عموماً ومسؤوليهم خصوصا، وتحدث إلى كل من «صوت أميركا» و«بي بي سي بالفارسي»، معتبراً أن هجمات إيران والميليشيات الموالية لها على أهداف أميركية، «لا تساهم في إشاعة أجواء لدفع الأمور قدماً والعودة إلى الاتفاقية النووية».
وقال مالي لـ «بي بي سي» البريطانية إن «أول شيء يمكنني أن أقوله، ودأبت على قوله منذ سنتين والرئيس بايدن يقوله ومعه كبار مستشاريه، إن سياسة الضغط القصوى فشلت، وكان فشلها متوقعاً، ولم تحسّن حياة الإيرانيين، ولم تحسّن الأمور للولايات المتحدة والمنطقة، ولم تقرّبنا باتجاه الاتفاقية الأفضل التي تحدث عنها الرئيس ترامب».
وبدا مالي وكأنه يستجدي الإيرانيين بقوله «نريد أن نطوي هذه الصفحة ونجعلها خلفنا، وسياسة الضغط القصوى يجب أن تصبح شيئاً من الماضي».
وفي ما بدا تبايناً مع موقف الإدارة الأميركية الثابت، بما في ذلك موقف بايدن، وضع مالي رفع العقوبات قبل عودة إيران للالتزام ببنود الاتفاقية النووية، وهو ما تطالب به طهران وكرر بايدن رفضه. وقال: «ما نريد أن نفعله هو أن نصل إلى موقع ترفع به الولايات المتحدة العقوبات مجدداً، ويمكن لإيران أن تعود للتعاون حسب التزاماتها، وهذا ما عبر عنه الرئيس بايدن في حملته وحتى الآن، وهذا ما قلناه منذ تولينا الحكم، وهذا ليس سهلا، وليس كإضاءة الضوء بكبسة زر».
وفي ما بدا اعترافاً من مالي، الذي ساهم في التوصل إلى الاتفاقية وصياغتها في زمن أوباما عام 2015، بضعف الاتفاقية الحالية، قال المسؤول الأميركي: «أظهرت خطة العمل المشتركة الشاملة أنها هشة، ونعتقد أنه يمكن تعزيزها باتفاق معدّل». وتابع: «سنضغط على إيران، ونحاول إقناعها بأن من مصلحتها أيضاً الحصول على اتفاق معدّل».
وختم مالي أنه يتوقع أن «يكون لدى إيران قضايا تريد طرحها على طاولة المفاوضات».
لكن سبق للمسؤولين الإيرانيين أن صرّحوا مراراً بأنهم لا ينوون التفاوض في أي ملفات أخرى، باستثناء النووي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق