اتخذت واشنطن الخطوة الاولى على طريق المواجهة المقبلة مع طهران مع تصديق الكونغرس، باكثرية ساحقة، على «قانون تمكين العقوبات على ايران»، على ان يصدق مجلس الشيوخ على نسخة مشابهة منه في الايام القليلة المقبلة.
القانون، الذي يقدم فترة سماح للمستثمرين الاميركيين في قطاع النفط الايراني بمبلغ يتعدى 20 مليون دولار لسحب استثماراتهم، يمثل الانقلاب في المزاج الاميركي، الذي اوغل في التفاؤل اثر محادثات دول «الخمس زائد واحد» مع ايران، في جنيف، مطلع الشهر الجاري. وقال السناتور الديموقراطي عن ولاية بنسلفانيا بوب كايسي، الذي يرعى القانون في مجلس الشيوخ، ان الكونغرس «يحاول ان يضع بين يدي الرئيس (باراك اوباما) الادوات اللازمة لمواجهة النظام الايراني».
وفي اجابة عن سؤال لـ «الراي» حول التصعيد الاميركي، قال السناتور ان «القانون هو رسالة مفادها بان الولايات المتحدة لن تقبل ابدا بايران مع اسلحة نووية». وافادت مصادر في الكونغرس بان اعضاءه واعضاء مجلس الشيوخ «هم في جهوزية لمواجهة مع ايران منذ مطلع هذا العام، الا ان الادارة هي التي طلبت التروي في الموافقة على قوانين تجيز المواجهة مع طهران».
و حسب مصادر الكونغرس، فقد دأبت ادارة اوباما، «على استخدام الديبلوماسية لحل المشاكل العالقة مع دول مثل ايران وسورية، الا ان نتائج هذه الديبلوماسية كانت منشأة نووية ايرانية جديدة في قم، وسفينة من ايران محملة بالسلاح في طريقها الى سورية وربما حزب الله». واضافت ان «قانون العقوبات على ايران تم التصديق عليه بالتنسيق مع البيت الابيض، الذي اعطى الضوء الاخضر لاصداره، بعد اشهر عدة من ايعاز اوباما للاكثرية الديموقراطية بتجميد اي قوانين عقوبات في حق طهران».
وعلمت «الراي» ان الكونغرس في حركة مكثفة «لتشديد العقوبات على ايران»، وان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هاورد بيرمان يستعد لاصدار «قانون عقوبات النفط الايراني المكرر». ويجيز قانون بيرمان، حسب نصه الاولي، «للرئيس فرض عقوبات جديدة على الشركات الاجنبية المتورطة في تصدير الغاز والمشتقات النفطية الاخرى الى الجمهورية الاسلامية في ايران».
وقال مساعدو لبيرمان، طلبوا عدم كشف هوياتهم، ان «ايران تستورد اكثر من 70 في المئة من حاجتها للنفط المكرر، وتقوم ست شركات بعملية التصدير الى ايران». واضاف هؤلاء: «اربع شركات صغيرة قد تستمر في التصدير الى ايران رغم القانون، ولكن هناك شركتين عملاقتين ستجبران، بموجب قانون بيرمان، على الاختيار اما التصدير الى السوق الايراني او الى السوق الاميركية».
كذلك علمت «الراي» ان لجان الكونغرس عقدت اخيرا عددا من الجلسات السرية بحضور كبار ضباط الجيش ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي)، طلب خلالها اعضاء الكونغرس «تقارير تفصيلية عن سيناريو ضربة استباقية ضد ايران». كذلك قالت مصادر في الكونغرس ان اعضاءه «طالبوا بخطط تقطع الطريق على اسرائيل وتمنعها من شن حرب على ايران، في مقابل ان تقوم اميركا نفسها بضربة على مواقع ايرانية».
وتزامنت حركة الكونغرس مع قرب تسلم الجيش الاميركي لقنابل جديدة اطلق عليها اسم «ام خارقات التحصينات». وتعتبر هذه القنبلة الجديدة، التي وقع اوباما استثنائيا على الاستمرار في انتاجها رغم سياسة التقشف التي طاولت بعض مشاريع وزارة الدفاع اقوى قنبلة غير نووية في العالم.
وحاولت «الراي» معرفة السبب خلف الانقلاب السريع في الموقف الاميركي نحو ايران من حوار وديبلوماسية الى خطة مواجهة اقتصادية، وربما عسكرية لاحقا، فتمنع معظم المسؤولين الاميركيين، في الكونغرس كما في الادارة، عن اعطاء اجابات صريحة.
الا ان الجو العام يشي بان طريقة الايرانيين في التعاطي مع اكتشاف الغرب لمنشأة قم النووية، والتي يعتبر البعض في واشنطن ان طهران تحاول تفكيك اجزاء منها قبل فتح ابوابها امام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 25 اكتوبر الجاري، هو ما دفع الاميركيين الى اعتقاد نهائي مفاده ان «طهران تناور ولن تتخلى عن برنامجها السري لصناعة اسلحة نووية»، وهو ما يتطلب «مواجهة حتمية»، على حد قول بعض المسؤولين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق