الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

لبنان وسورية خارج أولويات واشنطن باستثناء ما يتعلق بـ «حزب الله» وهما على الخريطة بمقدار تورّطهما في حرب محتملة على إيران

واشنطن - من حسين عبد الحسين
لا يزال الموضوع اللبناني، وكذلك ملف سورية، خارج دائرة اهتمامات الادارة الاميركية الملحة، باستثناء ما يتعلق بـ «حزب الله»، في وقت ادلى مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان، في وقت متقدم من ليل امس، بشهادة امام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في الكونغرس، تطرق فيها الى شؤون المنطقة عموما.

من ناحية ثانية، وعلى عكس ما اوردت بعض الصحف اللبنانية، فان الزيارات التي قام بها بعض المسؤولين من تحالفي «14 مارس» و«8 مارس»، جاءت لاسباب شخصية بحتة، ولم تتضمن لقاءات تذكر بين هؤلاء ومسؤولين اميركيين. النائبان السابقان من «تحالف 14 مارس» مصطفى علوش وغطاس خوري، زارا الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر للاطباء في شيكاغو، ثم عرجا على واشنطن، حيث يتلقى نجل الاول وكريمة الثاني دراساتهما العليا. ولم يعقد ايا من المسؤولين السابقين، لقاءات خارج دائرة حزبيي «14 مارس» من المقيمين في واشنطن وضواحيها.

اما وليد خوري، النائب في كتلة ميشال عون المتحالفة مع «حزب الله»، فانتقل من مؤتمر شيكاغو الطبي الى واشنطن، حيث طلب عقد اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى في الخارجية، فلم تتم تلبية طلبه بل تم منحه لقاء مع مسؤول ادنى رتبة من الذي كان ينوي لقائه.

ومن الكتلة العونية ايضا، زارت المستشارة الاعلامية مي عقل، العاصمة الاميركية وعقدت لقاء مغلقا في احد مراكز الابحاث. وقال حاضرون رفضوا الافصاح عن هويتهم، ان «عقل فاجأت الحضور حينما قالت ان تحالف التيار العوني مع حزب الله قائم بغض النظر عن الموقف الاميركي من الحزب المذكور، اذ ذاك اجاب احد الاميركيين: وما هدف الزيارة الى واشنطن اذا»؟

بعيدا عن لقاءات «مسؤولي الصف الثاني» اللبنانيين مع نظرائهم الاميركيين، لا يحوز لبنان ولا سورية على اهمية تذكر في اروقة القرار الاميركية، باستثناء موضوع «حزب الله»، الذي صارت تعتبره واشنطن اليوم، مجموعة ارهابية تأتمر باوامر ايران فقط، من دون اي نفوذ سوري يذكر.

لا يعني ذلك ان واشنطن تبحث عن مقايضات على حساب لبنان او سورية، بل ان الولايات المتحدة ادركت ان هاتين الدولتين هامشيتين بالنسبة الى سلم اولويات الادارة الاميركية في منطقة الشرق الادنى وجنوب آسيا، حيث الاولويات على الشكل التالي: منع ايران من حيازة سلاح نووي، تثبيت الوضع في العراق والمحافظة عليه كحليف استراتيجي مهم ينتمي الى محور الدول العربية التي تصنفها واشنطن معتدلة، واقفال ملف حرب افغانستان للتفرغ لمواجهة الارهاب في باكستان النووية.

من الاولويات الثلاثة، تتفرع بقية السياسات الاميركية في المنطقة. مثلا «حزب الله» وحركة «حماس»، يحوزان على اهتمام اميركي لارتباطهما بطهران، ولقدرتيهما «التخريبية» كردة فعل في حال اندلاع مواجهة مع ايران.

في العراق، تكون شبه اجماع اميركي، على ان ايران هي التي تعمل على تحويله الى دول تابعة باستغلال «العصب الشيعي» فيه، على غرار استغلال طهران لهذا العصب في الحاقها «حزب الله» بها. وسيلعب العراق وحكومته دورا اساسيا في حال قرر المجتمع الدولي فرض عقوبات على ايران، فللعراق حدود كبيرة مع ايران، وفيه نفط مكرر ممكن تهريبه الى داخل السوق الايرانية في حال تم فرض عقوبات. اما سورية، فيذهب الاجماع الاميركي ناحية اعتبار، ليس فقط ان دمشق صارت «ملحقة تماما» بطهران، بل ان قدرة دمشق التخريبية المحتملة وقراراتها صارت بايدي ايرانية، فيما يحاول السوريون الايحاء زورا انهم قادرون على اجراء مقايضة في العراق او في لبنان. وهنا يدخل ايضا العامل الاسرائيلي، اذ تخلت اسرائيل عن سيناريو محاولة ابعاد سورية عن ايران والتوصل الى سلام معها، وصارت تحاول اقناع واشنطن بأن «(الرئيس السوري بشار) الاسد غير قادر على التغيير في مجرى الامور لا في لبنان ولا في العراق، وحتى لو كان قادرا على ذلك، فان الوقت المطلوب لمحاولة استقطابه بعيدا عن ايران هو اطول من الوقت المطلوب للقضاء على ملف التسلح النووي الايراني».

ويقول مسؤول رفيع المستوى: «منذ اغتيال (القيادي العسكري في حزب الله عماد) مغنية، اصبحت قرارات حزب الله بايدي الحرس الثوري الايراني تماما... (الامين العام السيد حسن) نصرالله و(القيادي) طلال حمية والآخرين، علينا ان ننسى هؤلاء، القرار صار في طهران». ويضيف: «لبنان، كما سورية، هما على خريطة الشرق الاوسط بمقدار تورطهما في حرب محتملة على ايران بمشاركتهما في ردة فعل ضد اسرائيل. اما محاولة تحويل لبنان الى ساحة لتصفية الحساب مع اميركا، فهي لا تنفع الايرانيين، فلبنان واقعا بايدي حلفائهم اللبنانيين». مصادر اخرى في العاصمة الاميركية، تحدثت عن كيفية اتخاذ القرار داخل تحالف «ايران وسورية وحزب الله»، واعتبرت ان الامر الاول والاخير صار في طهران حصرا، بعد رحيل الاسد الاب، الذي كان شريك ايران لا تابع لها».

وتقول: «ارسلت ايران لحزب الله انظمة دفاع جوية تهدد تفوق اسرائيل الجوي في حال حصول مواجهة مع حزب الله... وسمحت سورية، باوامر ايرانية، لمقاتلي حزب الله باجراء التدريبات اللازمة على هذه المنظومة، الا ان اسرائيل وجهت انذارا الى دمشق منعها من نقل الاجهزة الى داخل لبنان، حيث اعتبرت اسرائيل ان خطوة سورية كهذه تعني تورطا مباشرا سوريا وتستدعي وضع سورية في دائرة رد الفعل الاسرائيلية في حال اندلاع حرب».

تورط لبنان وسورية في حرب مقبلة، سيقرره مسؤولو البلدين، مع ان الترجيحات الاميركية تشير الى بقاء سورية خارج اي حرب اقليمية محتملة، ودخول «حزب الله» وتاليا لبنان فيها، رغم الدمار الهائل الذي ستتسبب به هكذا حرب على لبنان واللبنانيين.

اما كل ما عدا ذلك، فلا تغيرات اميركية في موقفها من البلدين، اذ «لا عودة عن سيادة لبنان وحقه في العدالة الدولية»، كما «لا عداء مع سورية بل معاملة بالمثل، ولن يتم رفع العقوبات عنها حتى قيامها بخطوات تسمح للادارة الحالية بفعل ذلك حسب القوانين الاميركية المعمول بها، والراعية لاستمرار هذه العقوبات»، وكلا الموضوعين - اللبناني والسوري - لا يتصدران اي واحدة من لائحة الاولويات الاميركية لمنطقة الشرق الاوسط.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008