حسين عبدالحسين
علمت «الراي» من مصادر اوروبية في العاصمة الاميركية ان موسكو حاولت، في الساعات الاخيرة قبل اقرار مشروع في مجلس الامن حول الازمة في سورية، اجراء «صفقة» مع العواصم الغربية تسمح بموجبها بالمصادقة على القرار من دون ممارستها حق النقض «الفيتو»، في مقابل تخلي الغرب عن دعم المعارضة الاوكرانية.
وكان اعضاء مجلس الامن وضعوا نص قرار بالحبر الازرق، تمهيدا للتصويت عليه امس، الا ان البعثة الروسية استمهلت الرئاسة، وطالبت بتأجيل التصويت الى اليوم بهدف اجراء المزيد من المشاورات.
ويدعو القرار الذي قدمته كل من استراليا ولوكسمبورغ والاردن، ممثلا المجموعة العربية في مجلس الامن، الافرقاء المتحاربين في سورية للسماح بمرور المساعدات الانسانية الى المدنيين المحاصرين. كما يدعو القرار الى وقف «البراميل المتفجرة» التي تلقيها مروحيات بشار الأسد في مدن وبلدات سورية متعددة.
ورغم ان القرار لا ينص على عقوبات محددة في حال عدم تجاوب الاطراف المعنية، الا انه نص على «ابقاء المجلس» مطلعا، ما يعني حكما متابعة التنفيذ في قرارات واوقات لاحقة.
وكان نص القرار لاقى اعتراضا روسيا فوريا، ثم ما لبثت ان قدمت البعثة الروسية مشروعا مضادا يستبدل الدعوة لوقف قصف الأسد العشوائي ضد المدنيين بدعوة «لمحاربة التنظيمات الارهابية المسلحة».
ويعتقد الخبراء الاميركيون ان قوات الأسد كثفت من قصفها العشوائي في منطقة مساكن هنانو في حلب بهدف هدمها وتسويتها بالارض بأكملها والانطلاق عبرها لاستعادة المدينة التي يسيطر الثوار على معظم اجزائها.
ولعلم الولايات المتحدة بأن الروس كانوا سيتجهون لتعطيل مشروع القرار حول سورية، ترددت واشنطن في العمل على اقراره مع استعدادها للتصويت لمصلحته وتأييده. ولكن في وقت لاحق، تقول المصادر الاوروبية، انضمت واشنطن الى حلفائها، خصوصا فرنسا، التي عملت بكد من اجل التصويت على القرار «حتى لو نسفته روسيا»، بهدف وضع موسكو امام مسؤولياتها وامام الرأي العام الدولي.
بيد ان المسؤولين الاميركيين قالوا انهم لا يعتقدون ان «موسكو تهتم عموما للرأي العام»، وانه سبق لروسيا ان مارست الفيتو بحق ثلاثة قرارات سابقة حول سورية في مجلس الأمن.
وفيما يستمهل الروس المجلس في ما يبدو انها محاولة لاتمام صفقة «قرار حول سورية مقابل اوكرانيا»، ترجح المصادر الاميركية ان «يقوم الروس بنسف القرار الاممي، الا اذا اعادوا حساباتهم ورأوا المعاناة الانسانية في سورية».
في هذه الاثناء، يسعى ثلاثي «الصقور» في الادارة الاميركية حول سورية، وزير الخارجية جون كيري ومستشارة الامن القومي سوزان رايس والمبعوثة الدائمة في الامم المتحدة سامنتا باور الى الضغط مجددا باتجاه الخيار العسكري ضد الأسد.
وتقول المصادر المقربة من هؤلاء ان «المبرر» لاستخدام القوة ضد الأسد موجود، ويتمثل بالقرار الملزم الصادر عن مجلس الامن رقم 2118 والذي يثبت حق استخدام القوة العسكرية في حال تخلف الأسد عن تسليم كامل ترسانته الكيماوية مع نهاية شهر يونيو المقبل.
وكان مسؤولون في «منظمة حظر انتشار الاسلحة الكيماوية» الدولية قالوا لوكالات انباء ان الأسد سلم حتى الآن 11 في المئة من ترسانته، متخلفا بذلك عن جدول المواعيد الذي تم الاتفاق عليه في شهر اكتوبر الماضي.
وتأتي محاولات كيري - رايس - باور «لاعادة الخيار العسكري في سورية الى الطاولة» في وقت طلب الرئيس باراك أوباما من فريقه للأمن القومي اعادة النظر بالسياسة تجاه سورية، على اثر فشل مؤتمر «جنيف - 2» الذي كان يفترض ان يقدم الحل السياسي كطريق وحيد لانهاء الازمة المندلعة منذ مارس 2011.
على ان الخيارات الجديدة التي سيقدمها العاملون في الفريق الرئاسي قد تتضمن الوقوف الى جانب الأسد في «حربه ضد الارهاب»، وهو ما قد يدفع باتجاهه بعض الاعضاء في هذا الفريق، خصوصا روبرت مالي الذي تم تعيينه قبل ايام. والمعروف ان مالي يتمتع بصداقة قديمة مع الأسد، وهو التقى معه مرارا في دمشق، ويطالب منذ اليوم الاول لاندلاع الثورة السورية بـ «حلول سياسية» وبأخذ مصالح الأسد بعين الاعتبار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق