ودارت الأيام. وصار الرئيس باراك أوباما يتبادل الرسائل الودية مع مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، حسبما أوردت صحيفة
«وول ستريت جورنال»، فيما يوصد أبواب البيت الأبيض في وجه رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي يزور العاصمة الأميركية في الثالث من الشهر المقبل. التغيير الحاصل في السياسة الأميركية غير مسبوق، في وقت يرصد المتابعون اقتراباً مؤكداً نحو التوصل الى اتفاقية مع الإيرانيين، حول ملف طهران النووي، مع نهاية الشهر المقبل.
وتقول مصادر الإدارة الأميركية ان وفدي أميركا وإيران شبه انجزا الاتفاقية النهائية المبنية على فكرة رئيسية مفادها ان إيران ستقدم، بشفافية وفي أي وقت وبشكل مستمر، كل التأكيدات التي يطلبها المجتمع الدولي لإثبات ان برنامجها النووي «يحتاج الى سنة على الأقل لتحقيق الاختراق المطلوب لإنتاج المواد النووية لصناعة سلاح نووي».
وحاولت مصادر البيت الأبيض تقديم التسوية هذه على انها انجاز ديبلوماسي للإدارة، وقالت ان الحل الوحيد الممكن لمنع إيران من حيازة سلاح نووي هو القيام بذلك بالاتفاق مع الإيرانيين، اذ ان القضاء على البرنامج متعذر فعلياً «لأن إيران حازت على تقنية الصناعة النووية، وهذه لا يمكن وقفها لا بعقوبات ولا بعمل عسكري». وضرب المسؤولون الأميركيون المثال بكوريا الشمالية، وقالوا ان المجتمع الدولي لم يتمكن من وقف زحفها نحو السلاح النووي على الرغم من وضعها الاقتصادي المعدم.
بيد ان معارضي أوباما، خصوصاً من الحزب الجمهوري وأصدقاء إسرائيل، عبروا عن سخطهم الشديد للاتفاقية المتوقعة، وقالوا ان «أساس المفاوضات وقرارات مجلس الأمن بدأت على أساس تجميد إيران التخصيب وتفكيك البنية التحتية النووية». ويضيف هؤلاء: «اما الآن، فصارت الإدارة تتحدث وكأن صناعة إيران للسلاح النووي أمر ناجز، وان كل ما يمكن للمجتمع الدولي فعله هو ابعادها مهلة سنة واحدة عن صناعته».
وتابع المعارضون ان التاريخ يظهر ان إيران لم تلتزم ما وعدت به الأوروبيين في برنامجها النووي، وأنها بنت منشأة فوردو سرا، وانه من غير المستبعد ان تعد المجتمع الدولي بالبقاء بعيدة مهلة عام عن بناء السلاح النووي، لكن ان تسير نحو بنائه سرا.
بدورهم، يرد مسؤولو البيت الأبيض ان التوصل لاتفاقية مع إيران حول التسوية النووية استغرق وقتا لبناء الثقة. ومع ان الإدارة لا تفصح عن كيفية بنائها الثقة، لكن المعارضين يقولون ان ذلك بدا جلياً منذ الأشهر الأولى لتسلم أوباما الحكم، فهو «أشاح بوجهه» فيما قام النظام الإيراني بقمع الثورة الخضراء، ثم امتنع عن ضرب الرئيس السوري بشار الأسد كرمى لعيون الإيرانيين، وأخيراً تخلى أوباما عن حلفاء واشنطن في اليمن ليصبح وإيران في صف واحد.
والغضب الذي يسود صفوف معارضي أوباما، خصوصاً في موضوع إيران، لم يعد سراً، حتى ان غالبية الخبراء تعتقد ان زيارة نتنياهو وخطابه امام الكونغرس بغرفتيه هو بهدف تعطيل الاتفاقية المقبلة مع طهران بحجة «الخطر الوجودي» لأي برنامج نووي إيراني على إسرائيل.
لكن أوباما لا يكترث، وهو ساهم في المزيد من تأزيم العلاقة مع نتنياهو بإعلانه عدم استعداده استقباله، وهذه سابقة في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية. كذلك، شن البيت الأبيض حملة داخل الحزب الديموقراطي لإقناع أكبر عدد ممكن من أعضاء الكونغرس بمقاطعة خطاب المسؤول الإسرائيلي.
على ان مصادر في الكونغرس هزأت من محاولات أوباما هذه، وقالت انه حتى الساعة، لا يبدو ان عدد المقاطعين يتجاوز «دزينتين» من أصل 535 عضواً.
وتختم أوساط الجمهوريين بالقول انه لم يسبق ان نجحت أي من السياسات الخارجية أو المبادرات التي أعلنها أوباما على مدى السنوات الماضية، ولا داعي للاعتقاد ان اتفاقيته المقبلة مع الإيرانيين ستؤدي الى أي نجاحات تذكر، بل أنها ستكون اتفاقية بمثابة «التنازل للإيرانيين عن الدور الأميركي في الشرق الأوسط، وهو ما يهدد مصالح حلفاء أميركا تهديداً وجودياً».
اما أوساط أوباما فتختم بالقول ان «الخوف من ان تكون إيران بعيدة مهلة سنة عن صناعة سلاح نووي قد يبدو امراً خطراً، نظراً للعداء السائد مع طهران، في الوقت الحالي، ولكن ما ان تتم التسوية وتتحول إيران الى دولة صديقة، يصبح كل الموضوع النووي ثانوياً، فلا اسرار بين الاصدقاء».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق