| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
قبل أقل من ثمانية اسابيع على انتهاء الانتخابات التمهيدية للحزبين الديموقراطي والجمهوري، يتوجه الى صناديق الاقتراع اليوم ملايين الحزبيين الاميركيين في ولاية نيويورك الشمالية الشرقية، وهي ثاني اكبر ولاية في البلاد من حيث عدد السكان، لاختيار مرشحهم في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2 نوفمبر المقبل.
وهذه من السنوات القليلة التي لم ينجح اي من المرشحين من الحزبين في حسم السباق لمصلحته، فطالت المواجهة الانتخابية داخل كل حزب، وصارت تهدّد بضعضة كل منهما وانقسامه.
في الحزب الديموقراطي، تحاول المرشحة للرئاسة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون تسديد ضربة قاضية لمنافسها السناتور عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز بتسجيلها انتصارا، تأمله كبيرا ومحققا، في نيويورك، التي سبق ان مثلتها كلينتون في مجلس الشيوخ في العقد الماضي.
وسبق للخبراء ان توقعوا فوزا مبكرا لكلينتون، خصوصا بعدما سجلت سلسلة انتصارات كاسحة على ساندرز في معظم ولايات الجنوب بفضل تأييد الكتلة الاميركية من اصول افريقية لها. الا انه على مدى الاسابيع القليلة الماضية، فاجأ ساندرز كلينتون والمراقبين بفوزه عليها في آخر سبعة من ثماني ولايات، ما اجّل الحسم واعاد الأمل لساندرز بامكان الوصول الى ما يشبه التعادل على الأقل، يمكنه الافادة منه في المؤتمر الحزبي العام المقرر في يوليو لاقتناص الترشيح الرئاسي لمصلحته.
على انه بسبب النظام الانتخابي النسبي في الولايات، لا يؤدي فوز اي من المرشحين الى تقليص او اتساع الفارق بين حصيلتهما من الموفدين الانتخابيين. على سبيل المثال، فاز ساندرز في الانتخابات التمهيدية في ولاية وايومنغ الاسبوع الماضي، والتي تمنح 14 موفدا انتخابيا، الا ان فوزه بنسبة بسيطة من الاصوات على منافسته ادى الى تقاسمه مع كلينتون الموفدين، بواقع سبعة لكل منهما.
وبسبب الانتصارات التي لا تؤدي الى فوز فعلي، يكرر المراقبون ان اقتناص ولايات بنتائج غير كاسحة هو عبارة عن فوز معنوي يساهم فقط في المزيد من «التزخيم» للحملة من دون ان يؤثر في الفارق في حصيلة الموفدين، وهو ما يبدو انه حصل مع ساندرز في سلسلة انتصاراته السبعة الاخيرة.
لكن يبدو ان صبر كلينتون وماكينتها الانتخابية بدأ ينفد، فكلما طالت الانتخابات التمهيدية، كلما استنزفت كلينتون طاقاتها التي تحتاجها في الانتخابات العامة، وكلما استعانت بجيوب مانحيها الماليين اكثر فأكثر، وهو ما حملها على التوجه الى ساندرز بالقول انها اثناء مواجهتها القاسية والطويلة مع منافسها السناتور باراك أوباما العام 2008، كانت حصدت موفدين اكثر مع وصولهما الى انتخابات نيويورك، لكنها مع ذلك انسحبت بالاتفاق معه لمصلحتها ومصلحة الابقاء على وحدة الحزب والمحافظة على امكاناته وفرصه بالفوز في وجه الجمهوريين.
الا ان ساندرز لا يبدو انه يكترث لوحدة الحزب الديموقراطي، وهو انتسب للحزب حديثا، وقلب حملته من حملة «ايجابية» الى واحدة «سلبية» تهاجم كلينتون بشكل متواصل، واعلن انه سيقاتل حتى يوم المؤتمر، وادى التوتر بين المرشحين الى تفاديهما المصافحة مع نهاية الندوة المتلفزة بينهما الاسبوع الماضي.
في نيويورك، تظهر استطلاعات الرأي حتمية فوز كلينتون. الا ان السؤال يبقى حول فارق الاصوات الذي ستجنيه، في وقت تشير الاستطلاعات الى تقدمها بفارق عشر نقاط مئوية، وهو فارق ان تحقق، يؤدي الى توسيع صدارتها في عدد الموفدين في الولاية التي تمنح 247 موفدا، قبل توجه الحملتين الى بنلسفانيا، التي تمنح 189 في انتخاباتها، وتقيم انتخاباتها في اليوم نفسه مع اربع ولايات اصغر منها الاسبوع المقبل.
وتتقدم كلينتون على ساندرز في عدد الموفدين بفارق 250 موفدا، ويرتفع العدد لدى اضافة «السوبر موفدين»، وهؤلاء هم وجوه الحزب في الكونغرس ومحافظي الولايات، ليصبح رصيد كلينتون 1750 مقابل 1050 لساندرز. ويحتاج المرشح الى 2383 لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي لخوض انتخابات الرئاسة.
في نيويورك ايضا، تظهر استطلاعات تفوق المرشح الجمهوري رجل الاعمال دونالد ترامب على منافسيه السناتور عن ولاية تكساس تد كروز ومحافظ ولاية اوهايو جون كايسك. لكن على رغم سلسلة انتصارات ترامب وتصدره الانتخابات التمهيدية منذ اسابيعها الاولى، يبدو ان المؤسسة الحاكمة داخل الحزب الجمهوري تسعى لاستبداله لاعتقادها ان فرص فوزه ضئيلة، وان تطرّفه يؤذي الحزب في حال وصوله الى البيت الابيض.
هكذا، راحت قيادة الحزب تبحث عن المخارج القانونية وعن «السوبر موفدين» لابطال ترشيح ترامب في حال حصوله، وهو ما دفع الاخير الى شن ثورة ضد الحزب وقيادته، وهدد احيانا بحصول اعمال شغب في حال تم حرمانه من الترشيح.
المواجهات بين الجمهوريين تتطور مع مرور الساعات، وصارت تنذر بتفجير الحزب من الداخل وتفتيته، في وقت يتنافس كل من كروز وكايسك على التمركز في موقع البديل المحتمل لترامب.
ويبلغ الفارق في عدد الموفدين بين ترامب وكروز اقل من 200 موفد، مع 744 للأول و559 للثاني. الا ان استمرار صدارة ترامب في استطلاعات الرأي وترجيحات فوزه في الولايات الكبرى المتبقية، وهي ولايته نيويورك وولايتي بنسلفانيا وكاليفورنيا، الى جانب عدد من الولايات الصغرى، ينذر بأن الاطاحة به (ترامب) ستحتاج الى الكثير من الالاعيب السياسية، ما يهدد وحدة الحزب وبقائه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق