الأحد، 1 نوفمبر 2020

ترامب يأمل في تكرار مفاجأتي 1948 و2016

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قبل ثلاثة أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّرة يوم الثلاثاء، لا تزال استطلاعات الرأي تشير الى تقدم كبير للمرشح الديموقراطي جو بايدن على حساب منافسه الجمهوري دونالد ترامب. وفي وقت يتخوّف الديموقراطيون من مفاجأة تؤدي لانتصار ترامب، كما في العام 2016، يأمل الرئيس الجمهوري في أن يكرر ما حصل في انتخابات 1948، والتي كان الرئيس هاري ترومان متأخراً فيها، حتى أن صحيفة «شيكاغو تريبيون» أغلقت صفحاتها، قبل الإفراغ من عدّ الأصوات، وطبعت عنواناً رئيسياً أوردت فيه فوز توماس إي ديوي، ليتضح في اليوم التالي أن الفائز هو ترومان، الذي حمل نسخة من الصحيفة وتصور معها في لقطات تحوّلت إلى «رمز أمل» بالفوز لكل مرشح متأخر عن منافسه في السباق إلى البيت الأبيض.

على أن التخوف الديموقراطي لم يعد منصباً على نتائج الانتخابات، بل على حجم الانتصار المطلوب تسجيله ليكون مقنعاً بما فيه الكفاية ويحرم ترامب إمكانية الاعتراض والحديث عن تزوير، وتالياً رفضه الخروج من السلطة.

وكان مقدم البرامج السياسي الساخر بيل ماهر، وهو من الديموقراطيين القلائل ممن توقعوا فوز ترامب في الانتخابات الماضية، قال إنه يتوقع فوز بايدن في الثالث من نوفمبر الجاري، لكنه يخشى أن يتذرع ترامب بعدم نزاهة الانتخابات، ويذهب الى المحاكم، ويطالب بإعادة فرز وعدّ، وهو ما قد يؤدي الى أزمة دستورية غير مسبوقة.

خبراء استطلاعات الرأي يشيرون الى أن الاستطلاعات تشير لانهيار في شعبية ترامب، لا يشبه حتى الانهيار الذي سبق فوزه المفاجئ قبل أربعة أعوام. ويقول نائب رئيس «الجمعية الأميركية لأبحاث الرأي العام» لاري لاسكن، لـ «الراي»، أنه يتوقع فوز الديموقراطي، لسبب «سهل وبسيط، لأن بايدن يتقدم في معدل الاستطلاع العام بمقدار 7.1 نقطة، والاستطلاع العام دقيق للغاية».

ويضيف: «إذا كنت تعتقد أن الاقتراع العام لم يكن دقيقا في 2016، تكون قد وقعت في الفخ، يومها، كانت (المرشحة الديموقراطية هيلاري) كلينتون متقدمة قبل 11 يوماً من الاقتراع بـ 3.3 نقطة، وفازت بالتصويت الشعبي بنسبة 2.2 في المئة».

ويتابع لاسكن أن «من حيث السياق التاريخي، كان تقدم كلينتون على ترامب من بين أصغر الفجوات بين المرشحين منذ بدء الاقتراع الحديث في 1936. أما هذا العام، فالفجوة في الاستطلاع العام ارتفعت من من 3.3 في المئة لمصلحة كلينتون في 2016 إلى 9.1 في المئة لبايدن على حساب ترامب».

ويعزو لاسكن تركيزه على الاستطلاع العام، بدلاً من استطلاعات الولايات المتأرجحة على ما يفعل أقرانه، لسببين، الأول مفاده بأنه «فيما كانت الاستطلاعات العامة على حق في 2016، لم تكن العديد من استطلاعات الولايات دقيقة لأن الأخيرة لم تأخذ بالاعتبار ذوي المستويات التعليمية المنخفضة، ولم يكن لديهم وزن لتعويض ذلك في الأرقام».

ويتوقع الخبير، أن تقوم شركات الاستطلاع هذا العام بإصلاح هذا الخلل على صعيد الولايات. ويعتقد أن الاستطلاعات في الولايات المتأرجحة، التي تقارن بين عامي 2016 و2020، تُظهر تحولات بالحجم نفسه تقريباً مثل التحول الوطني. ويشير إلى نسب الفوز التي يقدمها موقع «538» المتخصص، والذي يعطي ترامب نسبة 12 في المئة للفوز.

في 2016، كان الموقع نفسه يعطي ترامب نسبة 24 في المئة للفوز، وهو ما يعني انه إن كان احتاج لمعجزة للوصول للبيت الأبيض في الانتخابات الماضية، فهو سيحتاج الى معجزة مضاعفة هذا العام.

وسألت «الراي» لاسكن عن نظرية الناخبين الخجولين الذين يصوتون لترامب من دون إعلانهم عن ذلك، وهو ما يُفقد من الاستطلاعات قيمتها، فأجاب: «أعتقد أن الكثيرين منا يتأثرون بنظرية الناخب الخجول لترامب، لكن لا يوجد دليل على ذلك. وقامت الجمعية الأميركية لأبحاث الرأي العام بعد انتخابات 2016 بأبحاث رأي مكثفة للتحقق من النظرية، ولم تسفر عن أي دليل يدعمها».

ويختم لاسكن بإن النقاط التي تشكك في يقينه حول فوز بايدن تتعلق بالتصويت البريدي، إذ «لسنا متأكدين من عدد الأصوات التي سيتم قبولها أو رفضها أثناء الفرز»، كما أن الانتخاب بالبريد «ليس متاحاً لمن ليس لديهم إنترنت لتقديم طلبات الاقتراع وتلقيها».

ثم ان الارتفاع غير المسبوق في عدد المقترعين مبكراً، حسب الخبير، لا يعطي صورة واضحة إذا ما كان هؤلاء بناخبين جدد، أي زيادة في نسبة الإقبال على الاقتراع، أو أشخاص كانوا سيصوتون في يوم الانتخابات وصوتوا غيابياً لتفادي إمكانية العدوى بفيروس كورونا المستجد، «إذا كانوا نفس ناخبي عام 2016، فلن يكون هناك مكاسب للديموقراطيين في زيادة نسب الإقبال على الاقتراع المبكر».

وأدلى ما لا يقل عن 86 مليون أميركي بأصواتهم بالفعل، سواء بالحضور الشخصي أو عبر البريد وفقا لمشروع الانتخابات في جامعة فلوريدا، وهو ما يعادل 63 في المئة من إجمالي الإقبال لعام 2016.

على أن متاعب ترامب ليست في أرقام استطلاعات الرأي وحدها، بل في توسع رقعة الولايات المتأرجحة، حيث تحولت ولايات معروفة بولائها الحاسم للجمهوريين، مثل معقلهم تكساس الجنوبية، الى «متأرجحة»، حيث تظهر أحدث الاستطلاعات أن الرئيس يتقدم - في الولاية التي فاز بها بفارق 10 نقاط مئوية قبل أربع سنوات - بأربع نقاط فقط، وهو فارق لا يتعدى نسبة هامش الخطأ.

وكما تكساس «الجمهورية الحمراء» التي تنذر بالإفلات من قبضة الحزب الجمهوري، كذلك جورجيا، الجمهورية عادة، التي تشير الاستطلاعات الى تعادل فيها بين المرشحين، مقارنة بفوز ترامب بفارق خمس نقاط مئوية على كلينتون والديموقراطيين قبل أربعة أعوام.

ومن المشاكل التي يعانيها الجمهوريون، أن تراجع شعبية المرشح لمنصب الرئيس، غالباً ما ينعكس على بقية مرشحي الحزب، ما يعني أنه في حال تكبد ترامب خسائر في الولايات الجمهورية تقليدياً، فان الجمهوريين قد يخسرون الغالبية في مجلس الشيوخ، وهو ما يضاعف من حجم الهزيمة في حال وقوعها...

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008