الأربعاء، 14 يوليو 2010

لا حرب إسرائيلية مقبلة مع «حزب الله»

واشنطن من حسين عبد الحسين

قلبت زيارة رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، اخيرا، لواشنطن، الصفحة... لا تصعيد سياسيا او كلاميا جديا بين الاسرائيليين، من جهة، ومسؤولين في «حزب الله»، من جهة اخرى، ولا حروب متوقعة في المدى المنظور، بل تعبئة سياسية اميركية - اسرائيلية على نطاق واسع من اجل تسويق تسوية سلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

تأتي اجواء التهدئة هذه، بعدما قال الرئيس باراك اوباما الاسبوع الفائت، عندما اطل على الجمهور الاسرائيلي عبر القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، انه لا يتوقع ان تفاجئ تل ابيب واشنطن بشنها ضربة ضد مواقع ايران النووية، ما قطع الطريق على التأويلات التي كانت تجزم بنية اسرائيل على القيام بعمل عدواني يؤدي الى مواجهة شاملة في المنطقة.

ويعتقد مسؤولون اميركيون ان الوسيلة الانجع للتعاطي مع الملف النووي الايراني هي انهاء المشاكل الاخرى العالقة في المنطقة التي تحاول ايران دائما الاختباء خلفها. في طليعة هذه المشاكل يأتي الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وحروب اسرائيلية ممكنة ضد «حزب الله» في لبنان او «حماس» في غزة.

«الراي» سألت المسؤولين الاميركيين عن ماهية الضمانات التي تدفعهم الى الاعتقاد ان «حزب الله» لن يبادر الى الهجوم ويجبر اسرائيل على الرد. تقول المصادر الاميركية: «الحرب مكلفة وتؤدي الى زعزعة البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية لحزب الله الذي يستثمر اموالا طائلة من اجل محو آثار حرب 2006، وهناك اعتقاد ان هذا الحزب لن يذهب الى مواجهة في المدى المنظور».

وسألت «الراي» ايضا عن التصعيد غير المسبوق بين اسرائيل وخصومها في الاشهر القليلة الماضية، مثل اتهام اميركا للحزب بتسلم صواريخ سكود متوسطة المدى من سورية، وتوجيه واشنطن تحذيرا لدمشق من مغبة هكذا خطوة.

تقول المصادر الاميركية: «دمشق كانت تحاول الايحاء انها مازالت شريكا في قرار الحرب والسلم في المنطقة بالتلويح بتزويد الحزب بصواريخ سكود سورية».

اما عن الازمة الناشبة أخيرا بين «اهالي» قرى في جنوب لبنان وقوات يونيفيل التابعة للامم المتحدة المتواجدة هناك، فاعتبرت المصادر الاميركية ان سببين يكمنان خلف اختلاق هذه الازمة: «اولا، في ظل تقلص فرص الحرب، يحاول حزب الله اثارة ازمات اعلامية دائمة للتذكير بوجوده كقوة مقاتلة، وثانيا، يرتبط التحرش بالقوات الدولية بمحاولة اقناع المجتمع الدولي بثني المحكمة الدولية (الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وآخرين) عن المضي في عملها».

في هذه الاثناء، يقول وزير شؤون الاقليات في الحكومة الاسرائيلية الحالية افيشاي برايفرمان، الذي يزور واشنطن ونيويورك ويعود الى بلاده غدا، ان «خطاب اوباما في القاهرة (في يونيو الماضي) اثار شعورا لدى الاسرائيليين باهمال الرئيس الاميركي لهم ولمصالحهم»، ما ادى الى تدهور شعبيته في اسرائيل لمصلحة الفئات اليمينية المتطرفة. لكن اوباما اليوم يعمل على استقطاب الاسرائيليين وحثهم على السلام.

ويتحدث برايفرمان، في مجلس خاص، عن ازمة اخرى، اي تلك التي نشبت اثر شن عناصر في الكوماندوس الاسرائيلي هجوما على اسطول مرمرة التركي، الذي كان ينوي كسر الحصار الاسرائيلي على غزة وايصال مساعدات انسانية اليها، وادى الى مقتل تسعة اتراك. ويعتبر برايفرمان ان تركيا قامت بهندسة الازمة لحساباتها السياسية الخاصة، وان اسرائيل وقعت في الفخ.

المطلعون على محادثات نتيناهو والمسؤولين الاسرائيليين، مثل برايفرمان، مع نظرائهم الاميركيين في واشنطن، يؤكدون التوجه العام نحو التهدئة بين اسرائيل وخصومها في المنطقة، وتفادي اثارة اي مشاكل لتأمين افضل ظروف من اجل نجاح محادثات السلام. وينقل هؤلاء عن برايفرمان قوله ان الفرصة مواتية «لمفاوضات سلام مباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين».

ويقول برايفرمان: «هذه المفاوضات ستنصب على مواضيع الحل النهائي اي الحدود واللاجئين والقدس... يعرف الجميع ما هي الحلول لهذه الامور، والشيء الوحيد المطلوب هو ان يقوم الزعماء المعنيون، نتنياهو و(الرئيس الفلسطيني محمود عباس) ابو مازن، بغطاء من اوباما والزعماء العرب، بقبول هذه الحلول والابتعاد عن التكتيكات السياسية الصغيرة الموجهة الى ناخبيهم داخليا».

وتؤكد المصادر الاميركية تفاؤل برايفرمان، وتجزم بان «عباس ونتنياهو سوف يشاركان في مفاوضات سلام مباشرة في وقت قريب جدا».

برايفرمان بدوره يبلغ محدثيه انه في حال التوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين، فان «نتنياهو سيستبدل حلفاءه من اليمين المتشدد داخل التحالف الحكومي بحزب كاديما المعارض للحكومة حاليا والمؤيد للتوصل الى سلام مع الفلسطينيين».

ويتأمل الاميركيون والاسرائيليون ان تساهم شعبية اوباما المتصاعدة داخل اسرائيل بتزويد نتنياهو بالرصيد السياسي المطلوب للمضي في السلام، وربما اجراء التغييرات الحكومية اللازمة.

هكذا، وبعد اشهر من التصعيد الكلامي والسياسي بين اسرائيل وخصومها، وبعد جفاء لا سابق له بين واشنطن وتل ابيب، وبعدما قاربت مفاوضات السلام الانهيار التام، تنعكس الصورة السياسية والامنية، فتتجه الامور نحو هدوء تام وابتعاد عن الحروب، فيما تأمل الولايات المتحدة ان يؤدي الهدوء المستجد الى «اختراقات» في عملية السلام، على حد تعبير معظم مسؤوليها.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008