سارة بالين حاكمة ألاسكا السابقة والمرشحة عن الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس في 2008 في تجمع لحركة الشاي في 3 سبتمبر 2011 بولاية أيوا قبل أن يتراجع تأثيرهما معا من الحياة السياسية في أميركا |
حسين عبد الحسين
لم يكد جستن عمّاش يتم أعوامه الثلاثين حتى وجد نفسه عضوا في الكونغرس عن الدائرة الثالثة في ولاية ميشيغان بعدما اكتسح منافسه الديمقراطي باتريك مايلز بفارق ضعف الاصوات في انتخابات العام 2010. عمّاش، وهو من اصل فلسطيني وسوري، حقق نجاحه الانتخابي الباهر بعدما تبنته ما عرف بـ”حركة الشاي” عندما أوصلت 87 عضوا الى الكونغرس. اليوم، بعد عامين، عاد عماش الى الكونغرس لولاية ثانية، ولكنه وجد نفسه هذه المرة خارج “لجنة الموازنة” التي تم اختياره عضوا فيها في ولايته الاولى.
وعندما حاول عمّاش الاستنجاد بحركة “حفلة الشاي” وجدها مهزوزة، بعد أن قدم أبوها الروحي وزعيم الاقلية الجمهورية في الكونغرس سابقا ديك آرمي استقالته من “جمعية فريدوم ووركس”، بعد خلافات مع مديرها التنفيذي مات كبي، حيث اتهم آرمي كبي بانتزاع حقوق النشر لكتاب اصدرته الحركة والحصول بموجب ذلك على ثمانية ملايين دولار من ارباح مبيعاته.
وفي مجلس الشيوخ، قدم عراب الحركة الآخر السيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا جيم ديمينت استقالته من الكونغرس، واعلن انضمامه الى مركز ابحاث “مؤسسة تراث” اليميني بصفة رئيس. ومن المتوقع ان يتقاضى ديمينت اكثر من مليون دولار كراتب سنوي بعدما كان يتقاضى 174 الف دولار هو الراتب السنوي لاعضاء مجلس الشيوخ. وانتقد بعض “الرفاق” في الحركة تصرف ديمينت، واعتبروه تخليا عن “النضال”، وانه فضل المال على السياسة بقبوله وظيفة براتب مليون دولار، فيما يبلغ معدل راتب الباحث في اي مركز ابحاث اميركي 80 الف دولار سنويا.
وكانت “حفلة الشاي” بشكل عام عرضة لانتقادات قاسية من الحزب الجمهوري ككل، اذ اتهمها الجمهوريون بخطف القاعدة الحزبية نحو اليمين المتطرف، ودفعها الى الواجهة مرشحين حزبيين متطرفين لا يمكنهم الفوز في وجه الديموقراطيين، بدلا من ترشيح يمينيين معتدلين يمكنهم تحقيق نتائج، وهو ما ادى في المحصلة النهائية الى افلات الاكثرية في مجلس الشيوخ من ايدي الحزب الجمهوري، بعدما رجح معظم الخبراء فوزه بها هذا لعام.
اول من التقط انهيار “حركة الشاي” هو رئيس الكونغرس الجمهوري جون باينر، الذي قام “بحملة تنظيف” داخل لجان الكونغرس اخرج بموجبها كل مرشحي الحركة والمحسوبين عليها من هذه اللجان، ومنهم عمّاش، الذي حاول ورفاقه المبعدين شن هجوم مضاد بتلويحهم بعدم التصويت لباينر للرئاسة الشهر المقبل، حسبما صرح عمّاش لشبكة “سي ان ان” التلفزيونية.
الا ان المنافس الجدي الوحيد لباينر هو زعيم الاكثرية الجمهورية اريك كانتور، الذي كان هو نفسه من اعلن ترشيح باينر لولاية ثانية في الرئاسة، ما يعني ان خيارات المناورة السياسية لدى عمّاش ورفاقه شبه معدومة.
الاحداث المتسارعة في الكونغرس وداخل الحزب الجمهوري تظهر بأن المجموعة الحاكمة في الحزب، وهي يمينية معتدلة في معظمها، نجحت في القضاء على “حفلة الشاي” اليمينية المتطرفة بعد عامين من الصعود الهائل للاخيرة، وهو ما دفع احد كبار القياديين في الحزب الى القول ان “حركة حفلة الشاي انتهت صلاحيتها”. واضاف: “لقد كانت مفيدة لنا في الحزب الجمهوري قبل عامين واعادت لنا الاكثرية في مجلس النواب، ولكن الفورة انتهت اليوم”.
الثورة داخل الحزب الجمهوري حدثت هذا الاسبوع بصمت ووراء الكواليس الى حد ما. لا تظاهرات ولا ربيع ولا مواجهات. فقط تغييرات في القيادة عكست انقلابا في المزاج العام لدى الجمهوريين.
هذا التغيير الهادئ يدفعنا الى مقارنته بالتغيرات المنشودة لدى بعض الثورات العربية المندلعة.
“حركة الشاي” لعبت دورها وتلاشت، اما الاحزاب العربية التي يقود بعضها الثورات اليوم، فقديمة وأزلية هي وقياداتها وشعاراتها وخطابها ومفاهيمها.
في بيروت، تظهر “الامانة العامة” لتحالف “14 آذار” في اللقطات الاخبارية التلفزيونية دائما هي نفسها. الاشخاص نفسهم منذ قيام التحالف في العام 2005. الخطاب السياسي، نفسه. الشعارات والمطالب، نفسها.
في القاهرة، قياديو “ثورة يناير” هم انفسهم منذ عام: الاحزاب القومية والناصرية والليبرالية، وخطابها وشعاراتها نفسها، يظهرون في اللقطات التلفزيونية وهم يجلسون حول طاولات للتباحث.
وكما في بيروت، كذلك في القاهرة، لا تغيب السجائر ودخانها عن المشهد السياسي الثوري، ما قد يدفع الكثيرين الى الاسف أن “احزاب السجائر” العربية هذه باقية، فيما “حفلة الشاي” الاميركية التي شغلت العالم هي الى زوال بعد اقل من عامين على قيامها وبسبب انتهاء دورها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق