الأربعاء، 16 يناير 2013

واشنطن: لا تنسجم مع الحقيقة التقارير عن استخدام الأسد «الكيماوي»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قالت مجلة «فورين بوليسي» ان القنصل العام الاميركي في اسطنبول سكوت فريدريك كيلنر ارسل مذكرة سرية الى وزارة الخارجية، الاسبوع الماضي، كتب فيها ان قوات الرئيس السوري بشار الاسد استخدمت اسلحة كيماوية ضد الثوار في مدينة حمص بتاريخ 23 ديسمبر، الا ان البيت الابيض اعتبر ان تقرير المجلة «لا ينسجم مع ما نعتقد انه حقيقي بشان برنامج الاسلحة الكيماوية السوري». 
وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي في البيت الابيض تومي فيتور في بيان ان «التقارير التي اطلعنا عليها عبر وسائل الاعلام حول حوادث مزعومة تتضمن اسلحة كيماوية في سورية لم تكن منسجمة مع قناعتنا حول حقيقة برنامج (هذا البلد) بهذا الصدد».
واوضح ان «الرئيس (باراك) اوباما كان واضحا للغاية حين اعلن انه اذا ما ارتكب نظام الرئيس الاسد الخطأ الفادح واستخدم اسلحة كيماوية او اخل بواجباته القاضية بضمان امنها، فسوف يتحمل المسؤولية».
وكتب الصحافي جوش روغان، المعروف بقربه من دوائر وزارة الخارجية، في «فورين بوليسي» ان كيلنر اجرى عشرات المقابلات مع ناشطين سوريين واطباء ومنشقين سوريين في «واحدة من اكثر التحقيقات عمقا وتفصيلا قامت بها الحكومة الاميركية للتحقق من مزاعم وردتها من مصادر داخل سورية». 
وتضمنت التحقيقات الاميركية لقاء بين كيلنر والعميد المنشق مصطفى الشيخ، الذي سبق ان عمل في برنامج الاسلحة الكيماوية السورية.
ونقل روغان عن مصادر في الخارجية قولها: «لا نستطيع ان نؤكد مئة في المئة، ولكن من خلال اتصالاتنا مع سوريين، يمكن القول بحزم ان آيجنت-15 تم استخدامه في حمص في 23 ديسمبر».
ورغم انه سبق لأوباما ان حذر الاسد من مغبة استخدام اسلحة كيماوية، الا ان الاعتقاد السائد هو ان واشنطن تحاول تفادي التدخل قدر الامكان، حتى في حال ثبت استخدام الاسد لهذا النوع من الاسلحة.
وعلقت مصادر اميركية متابعة بالقول انه «يمكن للأسد ان يستخدم قذيفة كيماوية هنا او هناك من دون ان يؤدي ذلك الى عقوبة ضده، ويمكن ان يرجح هذا الاستخدام الكفة لمصلحته على حساب الثوار، على ما نعتقد انه حصل في معركة حمص الاخيرة وسمح له باسترداد مساحات كان خسرها، وكان من غير الممكن له استعادتها من دون ما من شأنه ان يغير اللعبة، مثل الاسلحة الكيماوية».
وبحسب المذكرة الاميركية، فان قوات الاسد اطلقت الغاز الكيماوي من قذيفة دبابة في حمص.
واضافت المصادر: «الارجح ان التدخل الاميركي او الاطلسي لن يأتي الا في حال تم استخدام الاسلحة الكيماوية على نطاق واسع يؤدي الى ايقاع عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين».
وكان رئيس الاركان الجنرال مارتن ديمبسي قد صرح لاحد المواقع التي تعنى بالشؤون الدفاعية، يوم الجمعة الماضي، انه لا يمكن لبلاده او لتحالف الاطلسي منع الاسد استباقيا من استخدام الاسلحة الكيماوية، لان ذلك يتطلب مراقبة دائمة ومعلومات استخباراتية متدفقة بشكل متوصل، معتبرا ان افضل وسيلة لردع الاسد هي ان يعرف الرئيس السوري ماذا ستكون عليه ردة الفعل في حال قيامه باستخدام هذه اسلحة كيماوية.
في هذه الاثناء، نقل روغان عن مصادر في الادارة قولها ان استخدام الاسد لغاز آيجنت-15، المعروف ايضا باسم «ب.ز»، كان بهدف امتحان الغرب ومعرفة اين تقع الخطوط الحمراء بالضبط. وقالت هذه المصادر: «(استخدامه للغاز) يعكس قلق كثيرين في الولايات المتحدة من ان النظام تبنى سياسة تصعيد لمعرفة ما يمكنه ان ينجو بفعله (من دون عقاب) في وقت يزداد يأسه».
وسبق لناشطين ان بثوا على موقع «يوتيوب»، في الايام التي تلت الهجوم الكيماوي المزعوم في الاسبوع الاخير من الشهر الماضي، صورا لمصابين تظهر عليهم آثار تنشق غازات سامة.
ونقلت «فورين بوليسي» عن المذكرة الاميركية ان التحقيق الاميركي في تركيا تضمن كذلك الاتصال باطباء سوريين يعملون في المستشفيات الميدانية في حمص، وحصلوا منهم على مواصفات دقيقة لاعراض المصابين. وحسب الاطباء السوريين، فان القذيفة الكيماوية تسببت بمقتل خمسة وجرح 60، 10 منهم كانوا في حالة خطرة.
وقال الاطباء انهم اخذوا عينات من المصابين، ولكنه لم يتسن لهم اخضاعها لاي فحوصات مخبرية بسبب انعدام الموارد، وعدم توفر امكانية ارسال هذه العينات الى خارج حمص المحاصرة.
وتقول المعلومات الطبية ان الغازات التي استخدمتها قوات الاسد في حمص ادت الى حالات غثيان وتقيؤ وهلوسة، واثرت في الجهاز العصبي للمصابين، ومفعولها بقي سار لايام، وادت في بعض الحالات الى الموت.
على ان غاز «آيجنت-15» ليس من اكثر الغازات فتكا المتوفرة في ترسانة الاسد الكيماوية.
وعلمت «الراي» ان جهات اميركية متابعة تعتقد ان الانذارات العلنية والسرية التي ارسلها الاميركيون الى الاسد، اثنته عن استخدام غاز السارين، الذي كانت قوات الاسد قد اعدته للاستخدام فعلا. ولكن التحذيرات لم تثنه عن استخدام غازات اخرى، خصوصا تلك التي لم تلتزم سورية بحظرها حسب اتفاقية حظر انتشار الاسلحة الكيماوية، مثل «آيجنت-15».
وجاء تقرير المجلة والتوضيح الرسمي الاميركي عشية اجتماع اللجنة الاميركية المعنية بالشأن السوري، والتي تتشكل من عاملين في وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الامن القومي، والمقرر اليوم.
على انه رغم النفي الرسمي، لا شك ان انباء استخدام الاسد لاسلحة كيماوية سيثير موجة من الاخذ والرد، سرا وعلنا، داخل العاصمة الاميركية، فيما من المتوقع ان يتلقف التقرير مؤيدو التدخل العسكري في سورية، من امثال السناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين، ويستخدمونه لممارسة المزيد من الضغط على اوباما وادارته لايلاء الوضع السوري اهمية اكبر.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008