حسين عبدالحسين
بعدما نجحت الفرقة 101 المحمولة جواً في تدمير الدفاعات العراقية واحتلال بغداد في العام 2003، التفت قائدها، العميد دايفيد بترايوس، الى مراسل "واشنطن بوست" ريك اتكينسون، الذي كان ملحقاً في القوات الاميركية، وسأله: "قل لي كيف تنتهي هذه (الحرب)؟".
ذلك السؤال لم يتحول فقط الى أشهر عبارة قيلت في حرب العراق، بل تحول الى شعار لكل المشككين في تدخل اميركا عسكرياً في اي نزاع حول العالم اليوم.
الديبلوماسي المتقاعد والباحث في "مركز رفيق الحريري" التابع لمركز ابحاث "مجلس الاطلسي"، فريديرك هوف، حاول الاجابة عن هذا السؤال أثناء شهادته في جلسة استماع عقدتها "لجنة القوات المسلحة" في مجلس الشيوخ، الاسبوع الماضي حول سوريا. يقول المسؤول السابق عن الملف السوري في وزارة الخارجية الأميركية في شهادته : "الى اولئك الذين يحاولون اغلاق الحوار حول سوريا بترديدهم عبارة قل لي كيف ينتهي (أي تدخل عسكري اميركي)، عليهم أن يرددوا السؤال نفسه حول الخيارات البديلة لعدم التدخل والاكتفاء بالجلوس ومشاهدة التطورات".
يعتقد هوف أن بديل عدم التدخل الاميركي هو اتساع رقعة الحرب الأهلية، لتشمل دولاً مجاورة لسوريا وحليفة للولايات المتحدة، مثل الأردن وتركيا. كذلك، يرى الديبلوماسي السابق أن عدم التدخل الاميركي يفسح في المجال امام الرئيس السوري بشار الاسد وايران و"حزب الله" لتعزيز وضعهم في المنطقة على حساب حلفاء اميركا.
اذن، يصبح السؤال من وجهة نظر هوف، "قل لي كيف تنتهي الحرب في سوريا في حال لم تتدخل أميركا"، ليجيب في شهادته أن كل سيناريوهات النهاية حالياً ليست في مصلحة الولايات المتحدة. الأمر الذي يعني أنه يتوجب على واشنطن على الاقل أن تعمل على تسليح الثوار وضرب اهداف الاسد الجوية والمدفعية عبر استخدام صواريخ اميركية بعيدة المدى لترجيح كفة المعارضة، اي ان تتدخل عسكرياً من دون الحاجة الى غارات جوية او حظر جوي او استخدام جنود على الارض السورية، وتالياً من دون الحاجة لاعلان حرب او الذهاب الى مجلس الامن الدولي.
يوافق هوف في رأيه زميله مبعوث السلام ومسؤول ملف ايران سابقاً، دينيس روس، الذي يعمل في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى". يكتب روس في مطالعة أن "تكاليف الفشل (الاميركي) في التأثير في ميزان القوى بين المعارضة والنظام السوري قد تكون مرتفعة". ويضيف روس: "أقول ذلك لا بسبب التكلفة البشرية المريعة فحسب، بل لأنه من شبه المؤكد أن الصراع سيمتد الى جيران سوريا، بينما الاسد - وهو واثق من قوته العسكرية وبدعم من ايران وحزب الله - يستمر في شن حرب على شعبه في ما اصبح صراعاً طائفياً مفضوحاً".
ينضم الى جوقة الاميركيين الذين يعتقدون ان نهاية الحرب السورية من دون تدخل اميركي هي اسوأ من عدم التدخل عضوا مجلس الشيوخ من "لجنة القوات المسلحة" الديموقراطي كارل ليفين والمستقل آغنس كينغ.
ويحدد المشرعان السيناريو الذي يقترحانه لانهاء الحرب السورية، فيكتبان في افتتاحية في "واشنطن بوست" عن "تحالف دولي يعمل على تقوية الامكانات العسكرية والسياسية لقوات معارضة للأسد -- ممن يتم اختيارها بتأن -- ويزودها بمعدات عسكرية وتدريب". وعلى التحالف نفسه، حسب عضوي مجلس الشيوخ، أن "يضع خططاً لخطوات تزيد من الضغط على نظام الاسد، بما في ذلك امكانية توجيه (التحالف) لضربات عسكرية ضد الصواريخ والمقاتلات والسلاح الثقيل الذي يستخدمه الاسد في حملته الارهابية".
كيف ينتهي اي تدخل عسكري اميركي في سوريا؟
الاجابة الاميركية حتى الآن تستعيد ذكريات العراق والورطة التي وجد الاميركيون انفسهم فيها. لكن اصواتاً اميركية صارت تعلو اكثر فأكثر لتقدم اجابات مختلفة حول هذا السؤال المطروح.
لهذا السبب، اختار ليفين وكينغ عنواناً لمقالتهما "لسوريا دروس من حرب البلقان"، فيما تحدث روس عن ضرورة بناء تحالف دولي في عضويته ما يعرف بمجموعة "لندن 11"، اي اميركا وفرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر والامارات والاردن والمانيا وايطاليا ومصر. وهو ما يستلهم من "حرب الخليج الاولى"، التي اخرج فيها تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة قوات صدام حسين من الكويت.
لم تنته كل حروب اميركا الماضية كما انتهت في العراق، بل حققت اميركا في العقد الاخير من القرن الماضي نجاحات عسكرية كما في حربي الخليج ثم البلقان، وباستعارة بعض صانعي الرأي الاميركيين لصور من حربي التسعينات، يحاول هؤلاء قلب المخيلة الاميركية من هزيمة الى انتصار، وحث الادارة الأميركية على التدخل عسكرياً لحسم الصراع في سوريا لمصلحة معارضي الاسد.
بعد ذلك يبدأ الحديث عن تسوية بين الاسد ومعارضيه، على حسب رأي معظم مطالبي واشنطن بقيادة تحالف دولي لتدخل في سوريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق