واشنطن - من حسين عبدالحسين
فيما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يوجه خطابه إلى الأمة الأميركية لتقديم استراتيجيته لمواجهة «الدولة الإسلامية» (داعش)، أثار السناتور الجمهوري تيد كروز عاصفة أدت إلى الإطاحة بالعشاء الذي كان منعقدا في الوقت نفسه ومخصصا لدعم مسيحيي لبنان وسورية. وطالب كروز مسيحيي المشرق بـ «حب إسرائيل»، فأجبر عددا كبيرا من اللبنانيين على الخروج من القاعة احتجاجا، تصدرهم البطريرك الماروني بشارة الراعي، والسفير اللبناني في واشنطن طوني شديد، وعدد من رجال الدين والناشطين.
والعشاء جزء من مؤتمر يستمر ثلاثة أيام، وتنظمه جمعية غير معروفة تطلق على نفسها اسم «من اجل الدفاع عن المسيحيين».
ويتضمن المؤتمر حضور كبار رجال الدين المسيحيين المشرقيين إلى العاصمة الأميركية بهدف حشد الدعم لمسيحيي الشرق، الذين يواجهون مخاطر النزوح والهجرة في مناطق في العراق وسورية ولبنان بسبب الحروب الاهلية المتتالية وبسبب استهدافهم من قبل مجموعات متطرفة مثل «داعش».
ويتضمن برنامج المؤتمر لقاءات بين رجال الدين المسيحيين وقيادات في الكونغرس، في وقت لم يتضح بعد إذا ما كان الرئيس باراك أوباما سيستقبلهم في البيت الأبيض.
ورغم ان المؤتمر هو ظاهريا لدعم المسيحيين، لكنه باطنا يتماهى مع الدعوات لتعاون الولايات المتحدة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد من أجل حماية المسيحيين، وإلحاق الهزيمة بـ «داعش» والتنظيمات الإسلامية المتطرفة.
والمعروف ان السناتور كروز، وهو سياسي يميني من ولاية تكساس ومقرب من «حفلة الشاي» التي تعارض أي عمليات عسكرية أميركية حول العالم، سبق ان دعا إلى عدم تسليح ثوار سورية والامتناع عن التدخل في الأزمة الدائرة فيها منذ العام 2011.
وكروز ليس وحيدا، اذ يشاركه في دعواته هذه زميله السناتور الجمهوري اليميني عن ولاية كنتاكي راند بول.
وسبق ان دعا الاثنان إلى عدم التدخل في سورية او العراق، وشددا على ضرورة حماية المسيحيين فقط، مع ما يعني ذلك من ضرورة التعاون مع الأسد للقيام بهذه المهمة.
لكن ما لم يتنبه له منظمو «مؤتمر الدفاع عن المسيحيين» هو ان كروز وبول يعتبران نفسيهما من أقرب أصدقاء إسرائيل، وهما من أكبر الدعاة لتحالف الأقليات في الشرق الأوسط ضد الغالبية الإسلامية.
هكذا، وقف كروز وأعلن عن دعمه الكامل للمسيحيين في سورية ولبنان والعراق على وقع تصفيق كل الحاضرين، ثم ما لبث ان طالبهم بحب إسرائيل، والاقتراب منها، وعقد تحالف معها، لأن القضية التي تجمع المسيحيين والإسرائيليين في الشرق الأوسط قضية واحدة.
وهكذا، انفلتت الدعوة من ايدي منظميها الذين كانوا يسعون لربط مصير المسيحيين بنظام الأسد، فاذ بهم يجدون ضيوفهم يربطون المسيحيين والأسد بإسرائيل كذلك، ما أثار احراجا بالغاً، واجبر كثيرين من اللبنانيين على الخروج من القاعة، واثار بلبلة عارمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق