| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما حربا «لا هوادة فيها» على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) حتى القضاء عليه، بما في ذلك توجيه ضربات جوية اليه في سورية وتوسيع نطاق الغارات العمليات في العراق.
وقال اوباما في خطاب الى الامة استمر 13 دقيقة عشية الذكرى الثالثة عشرة لاعتداءات 11 سبتمبر: «سننفذ هذه الحملة لمكافحة الارهاب من خلال جهد راسخ لا هوادة فيه لمهاجمة تنظيم الدولة الاسلامية أينما كان باستخدام قوتنا الجوية ودعمنا لقوات شركائنا على الارض».
وحدد الرئيس الأميركي استراتيجيته لمكافحة «داعش» بأربع نقاط. في الأولى، «سنقوم بحملة ضربات جوية منتظمة ضد هؤلاء الإرهابيين، وبالتعاون مع الحكومة العراقية، سنوسع مجهودنا الى ابعد من حماية ناسنا والمهمات الإنسانية بشكل أن نضرب داعش فيما تهاجمها القوات العراقية».
ومن دون ان يتلفظ بكلمة قوات، أعلن أوباما بشكل مبطن نيته استخدام قوات خاصة «لاصطياد الإرهابيين الذين يهددون بلدنا، أينما كانوا، ما يعني أني لن اتردد في مهاجمة داعش في سورية، كما في العراق». واعتبر أوباما ان «هذا»، أي استخدام قوات خاصة، هو «مبدأ أساسي في رئاستي: إذا هددتم أميركا، فلن تجدوا ملاذا آمنا».
النقطة الثانية في استراتيجية أوباما حددها كما يلي: «سنزيد من دعمنا للقوات التي تقاتل الإرهابيين على الأرض». وقال: «في يونيو، أرسلت بضع مئات خبراء عسكريين الى العراق لتقييم كيف يمكننا دعم القوات العراقية، والآن وقد أتم هؤلاء عملهم، وشكل العراق حكومة، سنرسل 475 عنصرا إضافيا».
وشدد الرئيس الأميركي على ان هؤلاء العسكريين الاميركيين لن يشاركوا في القتال، «فنحن لن ننجر الى حرب أرضية أخرى في العراق»، لكنهم سيشاركون في مهمات تدريب وجمع معلومات استخباراتية، وتجهيز. كذلك أعلن أوباما ان واشنطن تنوي تحويل مقاتلي العشائر السنية الى وحدات نظامية على غرار «الحرس الوطني» الأميركي، الذي يأتمر بأمر حكومات الولايات ويشارك أحيانا في مهمات تقررها الحكومة الفيديرالية.
والدعم الأميركي سيكون للمقاتلين في سورية، كما في العراق، حسب الرئيس الأميركي، الذي قال ان بلاده زادت مساعداتها العسكرية للمعارضة السورية، طالبا من الكونغرس إعطاء «المزيد من التخويل والموارد لتدريب وتجهيز هؤلاء المقاتلين»، اذ لا يمكن «الاعتماد على نظام الأسد الذي يرهب شعبه».
يذكر ان أعضاء الكونغرس يتباحثون، منذ أول من أمس، وعلى وشك المصادقة على مبلغ 5 مليارات دولار كان طلبها أوباما، في خطابه في اكاديمية «وست بوينت» في مايو، لـ «صندوق الشراكة لمكافحة الإرهاب»، والتي سيخصص نصف مليار منها للمعارضة السورية. ورغم طلب الدعم من الكونغرس، أكد أوباما انه لن ينتظر الموافقات، بل ان صلاحياته تسمح له بتطبيق استراتيجيته، ولكنه «رحب بدعم الكونغرس لهذا المجهود للإظهار للعالم ان الاميركيين موحدون في مواجهة هذا الخطر».
اما النقطة الثالثة في استراتيجية أوباما فتمحورت حول زيادة المجهود الأميركي لمكافحة الإرهابيين حول العالم، ومنع وصولهم الى الشرق الأوسط او خروجهم منه، وتجفيف منابع تمويلهم. وفي النقطة الرابعة وعد بزيادة المساعدات الإنسانية للمتضررين من المواجهات العسكرية في المنطقة.
وختم الرئيس الأميركي بالقول ان «الخلاص من سرطان كداعش» يحتاج الى وقت، وان أي عمل عسكري فيه مخاطر، لكن هذه الحرب مختلفة عن العراق وأفغانستان، ولن تتضمن استخدام قوات أميركية أرضية، بل هي «حملة ضد الإرهاب عبارة عن مجهود متواصل وغير متردد للقضاء على داعش، أينما وجدوا، باستخدام قوتنا الجوية ودعمنا لقوات شريكة على الأرض»، واصفا هذه الاستراتيجية بانها شبيهة بالتجربة الأميركية «الناجحة» في كل من اليمن والصومال.
وتشي كلمات أوباما هذه بإصراره على التمييز بين الحربين على الإرهاب، الحالية والماضية، وهو حاول التمييز شكلا عبر التقليل من أهمية خطابه الذي أدلى به من «الجناح الشرقي»، بدلا من المكتب البيضاوي، حيث يعلن رؤساء اميركا عادة حروبهم.
مع ذلك، حاز الخطاب على اهتمام أميركي غير مسبوق، فقنوات التلفزة الأميركية بدأت بثها المباشر والخاص قبل ساعات، واستمرت في تعليقها عليه لساعات بعده. وقد يرغب أوباما في ان تكون هذه الحملة ضد الإرهاب مختلفة، ولكنه – من وجهة نظر غالبية الاميركيين على الأقل – حرب.
واستبق البيت الأبيض خطاب أوباما الى الشعب الأميركي بإصدار بيان جاء فيه ان أوباما «اتفق» مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، اثناء المكالمة الهاتفية بينهما، على «الحاجة الى تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة»، وان ذلك «يتوافق مع اقتراح الرئيس أوباما الى الكونغرس». وجاء في البيان أيضا ان أوباما رحب بالدعم السعودي لبرنامج الدعم، وان «الزعيمين اتفقا ان معارضة سورية اقوى هي ركن أساسي في مجابهة المتطرفين مثل داعش، وكذلك (في مواجهة) نظام الأسد الذي خسر كل شرعيته».
والطعن بشرعية الأسد واستبدال التعاون معه بشراكة مع المعارضة السورية نقطتان كررهما أوباما في خطابه المسائي، اذ قال انه «في القتال ضد داعش، لا يمكننا الاعتماد على نظام الأسد الذي يرهب شعبه، وهو نظام لن يستعيد ابدا الشرعية التي خسرها». عوضا عن الأسد، أضاف أوباما، «علينا تقوية المعارضة كأفضل وزن مضاد للمتطرفين أمثال داعش».
لكن على عكس مكالمته مع العاهل السعودي، لم يتحدث أوباما في خطابه عن قيام المعارضة السورية بمواجهة الأسد، بل كرر لازمة الحل السياسي بالقول ان تقوية المعارضة ستأتي «في اثناء السعي الى الحل السياسي الضروري لحل الأزمة السورية مرة واحدة والى الأبد».
«الراي» سألت في وقت متأخر من الليل مسؤولين اميركيين حول التباين، فأجابوا ان «موضوع تسليح وتدريب المعارضة السورية أمر محسوم»، وان «اكتساب المعارضة قدرات عسكرية إضافية سيغير من موازين القوى على الأرض». لكن المسؤولين كشفوا عن اعتقاد سائد داخل أروقة الإدارة الأميركية مفاده أنه حتى بعد «تقوية المعارضة» التي تحدث عنها أوباما، قد يبقى متعذرا عليها توجيه «ضربة قاضية للأسد»، لكن التغيير في موازين القوى قد يجبر نظامه على الحوار والدخول في تسوية من دونه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق