حسين عبدالحسين
وسط المبادرات المتجددة للتوصل الى حل في سوريا، عقب توقيع الاتفاقية النووية مع إيران، تستعد الولايات المتحدة إلى مجموعة جديدة من السيناريوهات في سوريا. ولهذا الغرض طلبت مستشارة الامن القومي سوزان رايس من مجموعة من أبرز الخبراء الاميركيين في الشأن السوري، تشكيل فريق متخصص لتقديم الحلول الممكنة وتأثيرها على المصالح الاميركية.
ويأتي التحرك الاميركي في وقت سرت أنباء عن وجود مبادرة ايرانية للحل السوري، وهي مبادرة يبدو ان رايس تعلم مضمونها، أو على الأقل يمكنها التكهن بها، بعد قرابة سنتين من الحوار الاميركي - الايراني النووي، الذي غالباً ما تخلله الحديث في شؤون كثيرة غير نووية كان في طليعتها سوريا.
ولأن رايس تعلم ما يدور في خلد الإيرانيين، فهي طلبت الى فريق الخبراء الذي شكلته الأخذ بعين الاعتبار ان الحلول الممكنة قد تتضمن بقاء الأسد في الحكم لفترة محددة، وهذه فكرة لطالما وردت ضمنيا على لسان مسؤولي الادارة الاميركية، الذين كرروا ان الحل في سوريا يتمثل بالتوصل الى تسوية بين النظام والمعارضة المعتدلة. ولم يقل المسؤولون الاميركيون يوما ان التسوية مع النظام تحصل في غياب الأسد، أو تشترط خروجه من الحكم قبل المباشرة بالحوار بين الطرفين، بل لطالما تمسك الاميركيون بمقولة ان لا مستقبل للأسد في سوريا، لكنهم لم يحددوا متى يبدأ هذا المستقبل المزعوم.
ومن مفاوضات "المسار الثاني" المنعقدة بين اميركيين وايرانيين على مدى الاعوام الماضية، والتي تضمنت مسؤولين سابقين من الدولتين يكون لديهم في العادة علاقات مع مسؤولين حاليين، تبين ان الرؤية الايرانية للحل السوري تتضمن خروج الأسد، ولكن بعد نهاية ولايته الرئاسية. ويقول الاميركيون ممن شاركوا في محادثات من هذا النوع إن الايرانيين يعتقدون انه طالما يتمتع الأسد بشعبية تخوله العودة الى الرئاسة، فلا مكان للقوى الخارجية لفرض رؤيتها القائلة بوجوب خروج الأسد من الحكم كشرط للتسوية.
أما التنازل الوحيد الذي قد يوافق عليها الايرانيون، فيتمثل بتوصل مفاوضي الأسد والمعارضة الى تعديل الدستور السوري بشكل يحدد عدد الولايات الرئاسية، ما يحرم الأسد "البقاء" في الحكم حتى لو كان في امكانه الفوز في صناديق الاقتراع.
لكن في التنازل الايراني فخ، حسب اميركيين ممن شاركوا في "المسار الثاني" مع الايرانيين، يتمثل في ان طهران لا تعتقد ان أي تعديل للدستور السوري لناحية عدد الولايات الرئاسية يسري بمفعول رجعي على الأسد. أي انه اذا تم تحديد فترات الرئاسة باثنتين، مدة كل واحدة اربع سنوات، يمكن للأسد ان يترشح في العام ٢٠٢١ لولاية اربع سنوات، تليها اربعة ثانية، وعندها يمكن للأسد البقاء نظرياً في الحكم حتى العام ٢٠٢٩.
السيناريوهات التي تطمح اليها الادارة الاميركية في سوريا يبدو انها لا تتعدى كونها وقف اطلاق نار بين الأسد والثوار، وربما التوصل الى تنسيق أمني يمنح الطرفين المقدرة على مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية". أما موافقة أميركا على استخدام قوتها الجوية لحماية مقاتلي "المعارضة المسلحة المعتدلة" ممن تدربهم أميركا، والذين بلغ عددهم ستين مقاتلاً في آخر تقرير، فمناورة سياسية أميركية تأتي بعدما شعرت واشنطن ان تقديمها غطاء جوياً للثوار في الشمال لن يجبرها على توجيه ضربات للأسد لأن قواته صارت شبه غائبة عن المنطقة الشمالية والشرقية، ما يعني أن الغطاء الأميركي الجوي سيستهدف داعش فقط، وهو ما تفعله المقاتلات الأميركية أصلاً منذ أيلول/سبتمبر الماضي.
الرئيس باراك أوباما سيخرج من الحكم قبل الأسد، على حد قول وزير الدفاع آشتون كارتر اثناء جلسة استماع في مجلس الشيوخ. أوباما وادارته يعرفون ذلك، ويعرفون أن السنة والنصف المتبقية للرئيس الأميركي في الحكم، ستقتصر على مناورات ومبادرات في الشأن السوري، من النوع الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق