واشنطن - من حسين عبدالحسين
توقّع مسؤولون أميركيون ان يسعى الرئيس الاميركي باراك أوباما الى التوصّل الى حل للأزمة السورية، فور مرور المصادقة على الاتفاقية النووية مع ايران. ومن المقرر ان يعود الكونغرس من عطلته الصيفية في الثامن من الشهر المقبل لمناقشة وإقرار الاتفاقية التي توصّلت اليها مجموعة دول «5+1» وايران، نهاية الشهر الماضي، في فيينا.
ويسعى الحزب الجمهوري وأصدقاء إسرائيل في الكونغرس، الى تعطيل الاتفاقية مع ايران بالتصويت ضدها. ومن شبه المؤكد ان يقوم المجلسان في الكونغرس، الشيوخ والنواب، اللذان تسيطر عليهما غالبية من الجمهوريين، بالتصويت ضد الاتفاقية. لكن إسقاط الاتفاقية مع ايران في الكونغرس لن يؤثر في مسار المصادقة الاميركية عليها، إذ من المستبعد ان ينجح الجمهوريون في الحصول على غالبية الثلثيْن المطلوبة لتجاوز الفيتو الرئاسي.
ويلفت المسؤولون الاميركيون إلى تكرار واشنطن وطهران، لازمة أن المصادقة على الاتفاقية النووية من شأنها ان تؤدي الى توليد ايجابية يمكن البناء عليها لإيجاد حلول في ملفات اخرى، وفي طليعتها ملف الأزمة السورية.
ويصرّ المسؤولون الاميركيون، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، على أن «إيران مستعدّة لسيناريو سورية من دون الرئيس السوري بشار الأسد، ولكنها قبل ان تدخل في هذا النوع من الحوار، يبدو انها تنتظر حتى تتأكد من إتمام تنفيذ الاتفاقية النووية، وبعد ذلك، تدخل في مرحلة المفاوضات للحصول على اكبر تسويات من الفرقاء الآخرين في سورية».
وأكد المسؤولون الاميركيون جازمين ان «النظام في إيران ليس متمسّكاً بالاسد»، وإنما يسعى فقط «الى رفع ثمن استغنائه عنه». وتابعوا انهم يعتقدون أن «العقبة الوحيدة امام التوصّل إلى تسوية في سورية، تتمثّل في بقاء الأسد في الحكم لأي مدة زمنية، قصيرة أم طويلة». وذكروا أن «الإمكانية الوحيدة لبقاء الاسد، تتمثّل في بقائه في الفترة الانتقالية فقط، من دون صلاحيات تذكر، حتى تتم عملية لإقامة سلطة بديلة، تتألف من عناصر في النظام والمعارضة، يمكنها ادارة البلاد فور خروج الاسد من الحكم».
لكن معارضي الادارة، خصوصاً من المسؤولين في الكونغرس وفي الحزب الجمهوري، رأوا ان «لا مصلحة لإيران بالتخلّي عن الأسد». ولفتوا إلى إنه «بعد حصولها على الاموال ورفْع العقوبات عنها، من المرجّح ان ترى ايران نفسها في موقع القادرة على إجبار خصومها الإقليميين على التراجع في سورية، وفي نفس الوقت الإبقاء على الأسد». وأضافوا أن «المقايضة التي تطرحها ادارة أوباما على طهران، تتمثّل بموافقة واشنطن على تسليم سورية لايران، في مقابل تخلّي الايرانيين عن الأسد. لكن الايرانيين لا يرون أنفسهم مجبرين على الاختيار بين خياريْن، بل تعتقد طهران - حسب المصادر الجمهورية - انه يمكنها الحصول على الاثنين معاً: السيطرة على سورية وإبقاء الأسد».
ومن الانتقادات التي يوجهها الجمهوريون، وخصوصاً في المجالس الخاصة، لفريق أوباما، يبرز الرأي القائل إنه «إذا ما ارادت الادارة تخيير ايران والمقايضة معها، فلا يمكن ان يتم ذلك بتقوية ايران، بل ان اي مقايضة مع الايرانيين تتطلب إضعاف طهران وإنهاك الأسد، ثم انتظارها حتى تأتي الى طاولة المفاوضات حول سورية».
وتردّ الادارة على الجمهوريين بالقول انه «رغم كل التشكيك الذي قام به محبّو الحروب»، وهي تسمية يطلقها أوباما وفريقه على الجمهوريين ومعارضي الاتفاقية النووية مع ايران، «برهنت الديبلوماسية أن بإمكانها التوصّل لاتفاقية تمنع ايران من حيازة أسلحة النووية».
ويبدو أن أوباما وغالبية من الديموقراطيين يعتقدون ان الجمهوريين ينظرون الى المفاوضات مع ايران حول سورية، في ظل العداء القائم بين واشنطن وطهران، ولكن «في حال تغيرت علاقتنا مع الايرانيين»، حسب المسؤولين في ادارة أوباما، «تتغير الاساليب المطلوبة، ويمكن حينها لواشنطن طلب امور من طهران، لم تكن ممكنة قبل الاتفاقية».
وحتى ينجلي غبار المعركة السياسية داخل واشنطن حول الاتفاقية مع ايران، يبدو ان المسؤولين من الحزبيْن الديموقراطي والجمهوري، يُجمعون على أن سورية ستَحُلّ في صدارة الاولويات الاميركية، فور الانتهاء من الموضوع الايراني، على الرغم من الترابط الكبير بين الملفين.
ويأتي الجدال المندلع بين ديموقراطيي أوباما ومعارضيه من الجمهوريين، في وقت كثّفت اوساط أوباما تصريحاتها، التي ترى فيها ان إمكانية حدوث اختراق ديبلوماسي لحل الأزمة في سورية صار ممكناً. ومن غير المعروف ما العوامل التي تجعل مسؤولي أوباما يعتقدون ان الفرصة مواتية لتحقيق اختراق سياسي في سورية، ولكن غالبية الخبراء يرون ان أوباما «يسعى الى تصوير الاتفاقية النووية مع ايران وكأنها صارت تولّد طاقة إيجابية، حتى قبل المصادقة عليها، وان هذه الايجابية مع ايران فتحت كوة لحل سوري».
ويأتي الحديث الاميركي عن بصيص أمل سوري، في وقت صارت الاوساط الاميركية تتحدث بثقة عن فشل البرنامج الاميركي لتدريب وتسليح «المعارضة السورية المعتدلة». كما يأتي الحديث الاميركي في وقت يعتقد كثيرون ان خطوط الجبهة في سورية صارت شبه ثابتة، وان اي اختراق ديبلوماسي يتطلب تغييراً في ميزان القوى على الارض، وهو ما لا يبدو انه سيحدث أو أن واشنطن ستسمح بحدوثه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق