شكلت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس فريقاً من الخبراء مهمته تقديم سيناريوات حلول في سورية، وطلبت منهم ان تتضمن هذه الحلول كيفية «تعايش» الولايات المتحدة مع الرئيس السوري بشار الأسد في الفترة المقبلة.
والتعايش الاميركي مع الأسد لا يعني أن واشنطن ترى ضرورة استعادة نظام الأسد سيادته على كل الأرض السورية، بل الاحتفاظ بسيطرته على الجيب الذي يمتد من دمشق الى المنطقة الساحلية في شمال سورية الغربي.
وذكرت مصادر معنية في الشأن السوري داخل الادارة الأميركية لـ «الراي» ان «الرئيس باراك أوباما يعتقد ان ولايته ستنتهي مطلع العام 2017 قبل ان يتسنى للسوريين والعالم التوصل الى حل، وان مهمة الادارة الحالية هي الاستمرار في التعاطي مع الظروف القائمة وادارة الأزمة، مع اطلاق يد وزير الخارجية جون كيري لمحاولة التوصل الى اختراق ديبلوماسي في حال سنحت الظروف».
وكانت واشنطن منعت اخيراً حدوث أي اختراقات عسكرية على خطوط الجبهات السورية، كان آخرها الايعاز للأردن بقطع خطوط امدادات الذخيرة والسلاح لثوار الجنوب بعدما شن هؤلاء حملة هدفت الى طرد ما تبقى من قوات الأسد من المحافظات الجنوبية ووصل خطوطهم مع خطوط الثوار المتمركزين في ضواحي دمشق. وساهمت واشنطن بذلك في ابقاء خطوط الجبهة الجنوبية وميزان القوى العسكري فيها وفي دمشق على حاله.
وبعد زيارة كيري الدوحة، هذا الاسبوع، ولقائه نظرائه الخليجيين والروسي سيرغي لافروف، عادت واشنطن الى استبعاد حدوث أي اختراق عسكري او ديبلوماسي بسبب تمسك العواصم المعنية بسورية بمواقفها.
ويأتي الموقف الاميركي المتجدد بعد لمحة من التفاؤل، قبل اسابيع، كشف خلالها أوباما ان نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتصل به هاتفياً وفاتحه بالموضوع السوري. واعتبر أوباما في حينه ان مبادرة بوتين قد تشير الى تغير في الموقف الروسي ومحاولة التوصل الى حل خوفاً من انهيار الاسد ونظامه وسيطرة الفصائل الاسلامية المتطرفة على دمشق.
لكن منذ تصريح أوباما واثر زيارة كيري للدوحة، عادت التوقعات الأميركية الى الاشارة ان «الوضع السوري مستمر على ما هو عليه، على ارض المعركة وفي اروقة القرار في العواصم المعنية بالشأن السوري».
ومن غير المفهوم سبب مبادرة رايس الى تشكيل فريق دراسات متخصص بالشأن السوري اذا ما كانت واشنطن لا تعتقد بقرب حدوث تغيرات تؤدي الى التوصل الى حلول. ربما ارادت رايس الحصول على سيناريو كيفية الاستمرار في التعاطي مع الأزمة السورية، خصوصاً مع الاعتقاد بأن «الأسد مستمر في الحكم في دمشق حتى ما بعد خروج أوباما من الحكم في واشنطن».
في هذه الاثناء، سألت «الراي» مسؤولين أميركيين حول التقارير التي اشارت الى أن مسؤول الشؤون العربية في وزارة الخارجية الايرانية عبد الاله اللهيان قام بتقديم مبادرة ايرانية «معدلة» توجز الرؤية الايرانية للحل السوري. واجاب المسؤولون الاميركيون انهم لم يتسلموا أي مبادرة من أي طرف دولي، ولكنهم رجحوا ان تكون المبادرة الايرانية عبارة عن «تكرار لمواقف طهران السابقة»، والقاضية «بالموافقة بدخول ايران وحلفائها في حوار مع الثوار السوريين حول مستقبل سورية، على شرط موافقة الثوار على أن محاربة المجموعات الارهابية هي الأولوية، وتخليهم عن شرط التغيير السياسي قبل البدء في الحوار»، أي القبول بالحوار مع الأسد للتوصل الى حل معه. والرؤية الايرانية للوضع السوري والحل هناك لا تختلف عن النظرة الأميركية، حسب خبراء اميركيين.
ورغم تكرار الثوار انهم يرفضون الحوار مع الأسد، الا أن واشنطن تعتقد أن مسؤولي المعارضة سبق ان تحاوروا مع الرئيس السوري عن طريق مسؤوليه، كما حدث في مؤتمر «جنيف 2» مطلع العام الماضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق