«إن تراجعتم أنتم يا جماعة، أتراجع أنا».
بهذه الكلمات توجه الرئيس باراك أوباما الى اللوبي الإسرائيلي المعروف بـ «آيباك» اثناء لقائه عشرين من قادة المجموعات اليهودية - الاميركية لإقناعها بمساندة الاتفاقية النووية مع ايران، التي يُتوقّع ان يصوّت عليها الكونغرس بغرفتيْه، بعد عودته من الإجازة الصيفية بين 8 و17 من الشهر المقبل.
عبارة أوباما جاءت بعدما عاتبه أصدقاء إسرائيل بقولهم انه يظهرهم بمظهر الأشرار الذين يعارضون وحدهم الاتفاقية مع إيران. ورد أوباما انه لا يستطيع ان يقف مكتوف الايدي في وجه حملة تحاول حشد الرأي العام ضد الاتفاقية.
وكان «آيباك» رصد مبلغ 25 مليون دولار لإنفاقها في الاسابيع المقبلة ثمن إعلانات دعائية ضد الاتفاقية، فيما من المتوقّع ان ينفق اللوبي اليهودي المنافس لـ «آيباك»، والمعروف باسم «جاي ستريت»، مليونيْ دولار لتأييدها.
والتقى أوباما الزعماء اليهود الاميركيين قبل ساعات من توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بخطاب عبر الإنترنت الى أكثر من 10 آلاف يهودي أميركي، طلب منهم ألا يصدّقوا ادعاءات الاداراة بأن البديل عن الاتفاقية الحالية مع إيران هو الحرب. وقال نتنياهو إن مفاعيل الاتفاقية الحالية تنقضي في 10 الى 15 سنة، وإن «هذه مدة تمر بطَرْفة عيْن»، وإن هدفه هو التوصل لاتفاقية أحسن تُضعف من إمكانية اندلاع حرب مع إيران بعد انتهاء مدة الاتفاقية.
بدوره، ألقى أوباما خطاباً امام حشد في «الجامعة الاميركية» في واشنطن حاول فيه الربط بين من أيّدوا حرب العراق ومن يعارضون الاتفاقية مع ايران. ووصف هؤلاء بـ «معارضي الديبلوماسية ومحبّي الحرب»، فيما يبدو انها محاولة من الرئيس الاميركي لاستنهاض التحالف الشعبي الذي نشأ لمعارضة الحرب في العراق والمطالبة بالانسحاب حتى يدعم هذا التحالف الاتفاقية مع ايران. وأوضح أوباما في خطابه ان الخيار هو «بين الديبلوماسية والحرب».
وفي الوقت نفسه، منح أوباما عدداً من وسائل الإعلام الأميركية مقابلات تم تسجيلها بهدف بثّها الأسبوع المقبل، وتهدف جميعها لحشد التأييد الشعبي للاتفاقية، ما من شأنه - حسب رأي الادارة - ممارسة ضغط على الكونغرس للتصويت بالموافقة على الاتفاقية.
وينتقل أوباما اليوم الى جزيرة مارثاز فينيارد، في الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، حيث يمضي اسبوعيْ إجازته الصيفية برفقة عائلته. وعلى الرغم من غيابه عن الاضواء في الاسبوعين المقبلين، ذكرت مصادر البيت الابيض انها ابلغت اعضاء الكونغرس من الحزبيْن من المشككين في الاتفاقية ان «الرئيس مستعدّ لأخذ مخابرة اي منهم، اثناء عطلته الصيفية، ممن يرغبون في الحديث مع الرئيس حول الاتفاقية للاقتناع بها».
وصار من شبه المؤكد أن الكونغرس، الذي تسيطر عليه غالبية جمهورية، سيصوّت بغرفتيْه ضد الاتفاقية مع ايران، لكن ذلك لن يكون نهاية المطاف، اذ يمكن لأوباما ممارسة حق النقض «الفيتو» ضد هذا التصويت، إلا اذا نجحت احدى الغرفتيْن بالحصول على غالبية الثلثيْن في التصويت ضد الاتفاقية، عندها تتعطّل مقدرة أوباما على النقض. ويحتاج الجمهوريون الى 13 عضواً ديموقراطياً في مجلس الشيوخ للوصول الى غالبية الثلثيْن.
وكانت ادارة أوباما أعربت عن سرورها بانضمام 3 من اعضاء مجلس الشيوخ من الديموقراطيين من اصحاب الوزن الى مؤيدي الاتفاقية. ومن هؤلاء السناتورة بربرا بوكسر، وهي التي سبق ان ترأست لجنة الشؤون الاستخباراتية قبل خسارة الديموقراطيين غالبيتهم في مجلس الشيوخ العام الماضي. كذلك، انضم السناتور الديموقراطي عن ولاية فيرجينيا تيم كاين الى مؤيدي الاتفاقية. ومع ان كاين ممن دخلوا مجلس الشيوخ حديثاً، إلا انه من المقرّبين من عائلة كلينتون، ما يرسل رسالة ان وزير الخارجية السابقة والمرشحة الديموقراطية الى الرئاسة هيلاري كلينتون هي في صفوف مؤيدي الاتفاقية، وما من شأنه ان يؤدي الى موافقة عدد لا بأس به من الأعضاء الديموقراطيين المتأرجحين في الكونغرس عليها، ما يحرم الجمهوريين إمكانية تحقيق غالبية الثلثيْن لنسف «الفيتو» الرئاسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق