| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
وسط العاصفة التي أثارتها في واشنطن تصريحات رئيس حكومة تركيا بن علي يلدرم حول نية بلاده اعادة العلاقات مع سورية الى سابق عهدها، تسارعت التقارير حول قناة سرية أقامتها انقرة مع دمشق، مع ما يعني ذلك من امكانية تطبيع تركية مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان لافتا في هذا السياق المقالة التي نشرتها في مجلة «فورين بوليسي» الصحافية التركية جيران كينار، واوردت فيها ان رئيس حزب «الوطن» العلماني القومي الكمالي دوغو بيرنشيك، ونائبه الرئيس السابق لاستخبارات الجيش التركي الجنرال اسماعيل حقي، زارا دمشق والتقيا كبار المسؤولين فيها، في طليعتهم علي مملوك ومحمد ديب.
على ان بعض المراقبين الاميركيين قللوا من اهمية زيارة الرجلين، معتبرين ان حزب «الوطن هامشي جدا ولا يتمتع بأي ثقل سياسي او شعبي، و أنه لم يتعد عتبة العشرة في المئة المطلوبة من الاصوات للحصول على مقعد واحد في البرلمان التركي».
وزعمت كينار ان حقي حمل رسائل المسؤولين السوريين الى نظرائهم الاتراك. لكن المقالة نفت، على لسان المسؤولين الاتراك، نيتهم اصلاح العلاقة مع الأسد، وقالوا انهم غالبا ما يعقدون لقاءات مع مجموعة كبيرة من الاتراك ممن يزورون سورية، بمن فيهم سائقو الشاحنات الذين يزعمون ان في حوزتهم معلومات قيمة عن سورية والعراق يرغبون في ايصالها للاجهزة الامنية التركية.
وتساءل احد المسؤولين الاتراك، حسب «فورين بوليسي»، كيف يمكن: «للأسد الذي لا يستطيع ان يحمي الحي الذي يسكن فيه ان يساعد في الحرب (التركية) ضد بي واي دي»، الذي تصنفه انقرة تنظيما ارهابيا.
وتعليقا على الموقف التركي المتذبذب، ذكرت مصادر أميركية لـ «الراي» انه «رغم ان واشنطن تأمل في ان تحل الديبلوماسية مكان لغة الحرب، بهدف التوصل الى حلول، لكن انطباعها هو ان التقارب بين تركيا والأسد ليس في اولويات انقرة حتى الآن».
واضافت انه «بعدما تصالحت تركيا مع روسيا، ولأن انقرة تحتفظ بعلاقات جيدة مع طهران لم تهتز على مدى فترة الاحداث في سورية المندلعة منذ العام 2011، لا حاجة فعلية للاتراك للتقارب مع الأسد، الذي لا يسيطر نظامه على المساحات التي قد يستخدمها الاكراد لشن هجمات ضد تركيا».
واعتبرت ان «الاستخبارات التركية تعلم ان المحرك الابرز للاكراد المعادين لانقرة شمال شرقي سورية هي نظيرتها الايرانية». وتتابع ان «لا مشكلة لانقرة مع فئات واسعة من الاكراد، وان علاقاتها مع حكومة اقليم كردستان العراقية طيبة، وانه يمكن للاتراك الافادة من علاقات واشنطن حليفتهم مع الاكراد كذلك».
وأوضحت: «من يثير المتاعب داخل تركيا هم اكراد على ارتباط بجهات استخبارات اقليمية ذات مقدرة على رعاية هجمات داخل تركيا وتوجيه هذه الهجمات، وأجهزة أمن الأسد غير قادرة على القيام بذلك منذ اندلاع الثورة ضد حكمه».
ويعتقد غالبية الخبراء الاميركيين ان الدافع الابرز خلف عودة تركيا الى سياسة «تصفير العلاقات» مع دول المنطقة والعالم هو دافع اقتصادي اكثر منه أمنيا، خصوصا بسبب تباطؤ الاقتصاد التركي اخيرا وتراجع سعر صرف الليرة التركية امام العملات العالمية، وان انقرة تسعى الى المحافظة على الاسواق العالمية او استعادتها، كما في الحالة الروسية. اما العلاقة مع الأسد، فتأثيراتها الاقتصادية على تركيا شبه معدومة، ما يعني ان انقرة ليست في عجلة من أمرها للبحث جديا في إعادة العلاقة مع نظامه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق