| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
فاجأ المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب الاوساط السياسية بتلبيته دعوة الرئيس المكسيكي انريكه بينيانيتو، وزاره في العاصمة مكسيكو، في محاولة يائسة من المرشح الاميركي المثير للجدل لاستمالة اصوات الاميركيين من اصول اميركية جنوبية.
وعلى مدى السنة الماضية، التي شهدت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، كرر ترامب اتهاماته للمهاجرين من اميركا الجنوبية بأنهم مجرمون وقتلة ومغتصبون، ووعد بترحيل 11 مليون منهم يشكلون الغالبية للمهاجرين غير الشرعيين المقيمين في البلاد. كما وعد ترامب ببناء جدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية، ووعد باجبار المكسيك على تمويل بناء هذا الجدار.
وفور خروجه من لقائه الرئيس المكسيكي، قال ترامب ان بناء الجدار هدف مشترك بين البلدين لمنع تدفق اللاجئين ووقف تجارة المواد غير المشروعة عبر الحدود، مضيفا انه ومضيفه المكسيكي «لم يناقشا من سيسدد ثمن البناء».
لكن بينيانيتو كذّب ترامب، وقال انهما ناقشا بناء الجدار، وان الرئيس المكسيكي ابلغ ضيفه الاميركي ان المكسيك لن تشارك في تكلفة البناء.
وكان ترامب، على مدى الاسابيع الماضية وبفضل فريق عمل جديد وظفه لادارة حملته الرئاسية، استدار وتراجع عن اتهاماته السابقة لاميركيين من اصول اميركية جنوبية، وحاول التقرب منهم. كما تراجع ترامب عن وعوده بترحيل 11 مليون من الاميركيين الجنوبيين، وقال انه سيسعى فقط الى تطبيق القوانين المرعية الاجراء.
ومن دون أصوات الاميركيين الجنوبيين، او على الاقل ثلثهم، وهي النسبة التي حازها المرشحان الجمهوريان السابقان للرئاسة جون ماكين وميت رومني، لا أمل لدى ترامب في المنافسة على منصب الرئيس.
ويعتقد الجمهوريون ان الاميركيين الجنوبيين هم اقرب الاقليات من الحزب الجمهوري المحافظ، بسبب التقاليد المحافظة التي تتبناها هذه الفئة السكانية ذات الغالبية المسيحية، والتي تعارض تشريع زواج المثليين وتشريعات اجتماعية ليبرالية اخرى، يؤيدها الديموقراطيون ويعارضها الجمهوريون، وهو ما لفت اليه ترامب اثر لقائه الرئيس المكسيكي، فوصف الاميركيين من اصل مكسيكي على انهم «مثابرون في العمل… ويحافظون على تقاليد العائلة».
كذلك تراجع ترامب عن وعده الحاسم الذي كان قطعه لناخبية الجمهوريين بالغاء معاهدة التجارة الحرة التي تجمع اميركا مع كندا والمكسيك، والمعروفة باتفاقية (نافتا). وقال ترامب ان الاتفاقية صار عمرها 20 عاما، وان المطلوب هو تعديلها في مصلحة «النصف الشمالي» من الكرة الارضية لجعل التجارة في مصلحة اميركا والمكسيك وكندا، في مواجهة بقية دول العالم.
ولطالما وجه ترامب اللوم الى المكسيك «بسرقة» وظائف الاميركيين، مكررا ان العجز التجاري معها كبير، وانه لو اصبح رئيسا، سيعمل فورا على فرض تعريفات جمركية لتعديل هذا الميزان.
هكذا، يحاول ترامب قطع ما انوصل مع الاميركيين من اصول اميركية جنوبية، وهو وجد ضالته في دعوة الرئيس المكسيكي.
الا ان زيارة ترامب الى العاصمة مكسيكو اثارت عاصفة من الانتقادات، ونظّم الاميركيون من اصول مكسيكية تظاهرات معارضة في عدد من الولايات الاميركية، وأطل زعماؤهم ليهاجموا الرئيس المكسيكي، ويتهموه باعطاء ترامب فرصة ليظهر بمظهر رئاسي، في الوقت الذي يرفض اي زعيم دولة استقبال المرشح الجمهوري.
في هذه الاثناء، مازالت المرشحة الديموقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون تتمتع بتفوق مريح في استطلاعات الرأي على ترامب.
وتتمتع كلينتون بعدد من المؤيدين الذين يمكنهم حشد التأييد لها في عموم الولايات، فالرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن، والرئيس السابق بيل كلينتون، وآخرين من الشخصيات ذات الوزن، كلهم يشاركون في حملات جمع تبرعات ومهرجانات انتخابية لمصلحة كلينتون، فيما يعاني ترامب من غياب الشخصيات الجمهورية المؤيدة له، اذ ذاك يجد نفسه وحيدا يجوب الولايات، ويرسل المرشح الى جانبه لمنصب نائب رئيس مايك بنس الى ولايات اخرى.
لكن حجم الماكينة الانتخابية لدى كلينتون، وشعبية مؤيديها من كبرى الشخصيات في البلاد، ومقدرتها على جمع الاموال، كلها تجعل من ترامب وحملته حملة رئاسية يائسة من دون افاق فعلية في الوصول للرئاسة، على الأقل في المدى المنظور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق