واشنطن - من حسين عبدالحسين
صمم الكونغرس الأميركي «قانون قيصر سورية للحماية المدنية» في شكل يختلف عن القوانين السابقة التي أدت إلى فرض عقوبات أميركية على حكومات حول العالم.
القانون سعى إلى استهداف ثلاث مجموعات، أولها الرئيس بشار الأسد وأفراد نظامه، إن في الحكومة السورية، أو في القوات المسلحة، أو في حزب البعث العربي الاشتراكي. وثانيها، القطاع المالي، وركن زاويته المصرف المركزي، ما يعني أنه سيصبح متعذراً تحويل أموال أو مرور مقاصات من خلال أي مصرف سوري أو أجنبي يعمل في سورية، حكومي أم خاص. وثالثها، القطاع النفطي، الصغير نسبياً، في وقت تسيطر على مناطق النفط السورية، في الشرق، مجموعات معارضة للأسد تدعمها واشنطن.
هدف «قانون قيصر»، تحويل انتصار الأسد العسكري على معارضيه إلى «نهاية المطاف»، بحسب التعبير المتداول في الأوساط الأميركية، أي نزع قدرته على تحويل انتصاره العسكري إلى انتصار مالي، يساعده على التطبيع مع حكومات العالم ومستثمريه.
تقول الباحثتان في «معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدني» دانا سترول وكاثرين بوير، إنه رغم مخاطر العقوبات على سورية التي كانت سابقة لدخول «قانون قيصر» حيز التنفيذ، الأربعاء، كان عدد من المستثمرين الأجانب والعرب ما زالوا مهتمين بإمكانات الاستثمار. وتضمنت لائحة المستثمرين الأجانب شركات مقراتها في دول الخليج وأوروبا الشرقية.
وكتبت الباحثتان، في دراسة حول القانون، أنه بعد تحسن العلاقات الديبلوماسية العام الماضي بين بعض دول الخليج والأسد، شارك وفد من رجال الأعمال السوريين، بمن فيهم من هم على لوائح العقوبات الأميركية والأوروبية، في منتدى للقطاع الخاص في الخليج.
وفي وقت لاحق من العام 2019، شارك وفد من إحدى دول الخليج في معرض دمشق التجاري الدولي السنوي.
وتعتقد الباحثتان أن بعض الدول الخليجية كانت تأمل في أن يؤدي إعادة تأهيلها الأسد إلى إحداث توازن في القوى في وجه النفوذ الإيراني في سورية، لكن هذه الدول تعرضت، منذ ذلك الحين، لضغوط أميركية كبيرة حتى تتوقف عن مخالفة العقوبات.
ومع ذلك، تقول الباحثتان، واصل مستثمرون من الكويت والسعودية والإمارات «تشكيل شركات، أو الحصول على تراخيص للعمل في قطاعي البناء والسياحة في سورية».
وتتابع الدراسة: «ما زال هناك العديد من الشركات التي تتخذ من لبنان مقراً لنشاطاتها في سورية، بما في ذلك الاستثمار في القطاعات المستهدفة بقانون قيصر (مثل النفط والغاز)، وبعض هذه الشركات يملكها لبنانيون، بينما أسس متمولون سوريون شركات أخرى وسجّلوها في لبنان»، وهو ما أثار مخاوف من أن يعرّض ذلك لبنان لعقوبات «قيصر»، «الأمر الذي قد يدفع اقتصاده المتأرجح إلى الاقتراب من حافة الهاوية».
ويختلف «قانون قيصر» عن قوانين العقوبات الأميركية السابقة، إذ هو يحدد أهدافاً إن تحققت، تنقضي صلاحية القانون. الأهداف الأميركية، سبعة، يقول القانون، إن نفذتها سورية، يتم رفع العقوبات عنها. «يجوز للرئيس (الأميركي) أن يعلق كلياً أو جزئياً فرض العقوبات»، حسب نص القانون «إذا قرر الرئيس أن المعايير التالية قد استوفيت في سورية»:
- أولاً، إن توقفت حكومتا سورية أو روسيا «عن استخدام المجال الجوي السوري لاستهداف السكان المدنيين بالبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيماوية، والأسلحة التقليدية».
- ثانياً، إن توقفت حكومات سورية أو روسيا أو إيران أو أي جهة أجنبية «عن محاصرة مناطق سورية معزولة، وإن سمحت بدخول المساعدة الدولية والحصول بشكل منتظم على المساعدة الإنسانية وحرية السفر والرعاية الطبية».
- ثالثاً، إن أفرجت الحكومة السورية «عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين قسراً في سجون نظام الأسد، و(سمحت) بوصول منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى السجون للتحقق» من خلوها من المعتقلين السياسيين.
- رابعاً، إن توقفت سورية وروسيا وإيران وأي طرف أجنبي «عن الاستهداف المتعمد للمرافق الطبية، والمدارس، والمناطق السكنية، وأماكن التجمع العامة، بما في ذلك الأسواق».
- خامساً، إن قامت سورية باتخاذ خطوات لـ «الوفاء بشكل قابل للتحقق من التزاماتها بموجب اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتكديس واستخدام الأسلحة الكيماوية، وقامت بتدمير تلك الأسلحة، بالتزامن مع إحراز تقدم ملموس في أن تصبح سورية دولة موقعة على اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والسمية وتدمير تلك الأسلحة».
- سادساً، إن سمحت الحكومة السورية بـ«العودة الآمنة والطوعية والكريمة النازحين بسبب النزاع».
- سابعاً، إن «اتخذت الحكومة خطوات يمكن التحقق منها لإرساء مساءلة ذات مغزى لمرتكبي جرائم الحرب في سورية و(تحقيق) العدالة لضحايا جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأسد».
ويعرف من تابع التحقيقات، التي سبقت إقرار القانون، والنقاشات، التي رافقت كتابة نصه، أن الهدف الرئيسي للمشرعين الأميركيين كان يكمن في السعي إلى حرمان الرئيس السوري من الإفادة من أي إعادة تأهيل مالية أو اقتصادية ما لم يخرج من الحكم ويوافق على مشاركة نظامه في تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2118، والذي ينص على أن التسوية السياسية تتضمن مشاركة النظام والمعارضة في إقامة حكومة وحدة وطنية، تقوم هذه بإجراء انتخابات برلمانية بإشراف دولي، ويكتب أول برلمان منتخب دستوراً جديداً، يتم على أساسه انتخاب برلمان جديد، ورئيس، وتشكيل حكومة، أي بكلام آخر، ستقوم الولايات المتحدة بحجب الأموال عن دمشق ما لم يتم إعادة تشكيل الدولة ومؤسساتها بشكل يرضي النظام، من دون الأسد، والمعارضين.
أما استهداف من يتعاونون مع الحكومة من غير السوريين، فسيتضمن محاولة حرمانهم من تقديم بدائل «غير سورية» للأسد للالتفاف على القانون والعقوبات الناجمة عنه.
وستقوم واشنطن بمعاقبة من يحاولون مساعدة الأسد على اختراق بتجميد أموال هؤلاء المنقولة وغير المنقولة، وفق الآلية نفسها التي تعتمدها الحكومة في استهداف أفراد وكيانات حول العالم في إطار مكافحة تمويل الإرهاب ومكافحة تبييض الأموال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق