واشنطن - من حسين عبدالحسين
اعتبر مسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترامب أن فرص نشوب حرب بين إسرائيل و «حزب الله» ضئيلة جداً، رغم التصعيد في الخطاب اللبناني، الذي تلى إقرار الدولة العبرية بدء التنقيب عن الغاز في منطقة بحرية متنازع عليها.
وسبق للولايات المتحدة أن خاضت جولات ديبلوماسية متعددة للتوصل إلى تسوية بين البلدين، إلا أن الجانب اللبناني رفض الحلول الأميركية. والخلاف يتمحور حول الحدود البحرية، وعلى مساحة قدرها 860 كيلومتراً مربعاً.
ويقول مسؤول أميركي إن «لبنان كان رسم حدوده البحرية مع قبرص بناء على النقطة رقم 1، وهي النقطة نفسها التي استندت إليها إسرائيل لرسم حدودها مع لبنان، الذي تراجع عن اعتبار هذه النقطة أقصى حدوده الجنوبية، وأعلن النقطة 23 بدلاً منها، وهو ما غير الإحداثيات، وأعطى اللبنانيين المساحة الإضافية».
وسبق لبيروت أن أرسلت إلى الأمم المتحدة، الحدود التي أعلنتها حدودها البحرية مع «فلسطين»، إلا أن العلم والخبر لا يعني اعترافاً تلقائياً بالحدود كما يراها اللبنانيون، بل يشكل بلاغاً رسمياً للمنظمة الدولية بوجود منطقة بحرية متنازع عليها، وهو أمر مألوف بين معظم الدول المتجاورة، ولدى الأمم المتحدة سلسلة من الآليات لحل هكذا نزاعات.
يجاور المنطقة البحرية المتنازع عليها، من جهة لبنان، من الشمال، «بلوك 9»، والذي تعول عليه بيروت الأمل لاكتشاف مخزونات نفط فيه. وكان كونسورتيوم نفطي فرنسي - إيطالي - روسي قام بأعمال تنقيب في «بلوك 4»، لكن النتائج لم تتطابق وتوقعات المسح الجيولوجي، وجاءت مخيبة للآمال، إذ كشفت عن وجود كميات متواضعة من الغاز لا فائدة ربحية منها.
ووعد الكونسورتيوم بالعودة للتنقيب في «البلوك 9» اللبناني في الأشهر الأخيرة من هذا العام.
من الجنوب، أي من جهة إسرائيل، يجاور المنطقة المتنازع عليها «بلوك رقم 72»، والذي بدأت شركة إسرائيلية بالتنقيب فيه عن الغاز. وفي حال لم يعثر الإسرائيليون على أي مخزونات كافية للإنتاج الربحي، فالأرجح أن لا مخزونات من الجهة اللبنانية كذلك، وهو ما قد يدفع شركة «توتال» الفرنسية، التي تدير أعمال التنقيب اللبنانية، إلى التخلي عن تنقيبها.
ويتابع المسؤول الأميركي أنه عندما ينشب نزاع حدودي، خصوصاً بحري، يلجأ البلدان إلى الوساطة، وغالباً ما تكون عبارة عن تقسيم المنطقة المتنازع عليها إلى نصفين، ينال كل من الدولتين حصة النصف. في الحالة اللبنانية، قام الديبلوماسي الأميركي السابق فرد هوف برسم خط بحري، اكتسب اسم «خط هوف»، مبني على إعطاء لبنان حصة تبلغ 60 في المئة من إجمالي المساحة المتنازع عليها، وإسرائيل نسبة 40 في المئة المتبقية، وهي تسوية وافقت عليها تل أبيب ورفضتها بيروت.
ويعتقد الخبراء أنه كيفما تم ترسيم الحدود البحرية، فان اكتشاف حقل للطاقة بينهما سيتطلب تنسيقاً على مستويات متعددة لمشاركة العائدات، مثلما هي الحال في حقل بحري للغاز في الخليج بين قطر وإيران.
المشكلة أن لبنان يرفض التفاوض، ويعلل ذلك بالقول إنه لا يعترف بدولة إسرائيل، وإن «الحدود هي بين لبنان وفلسطين المحتلة»، حسب التسمية اللبنانية، رغم أن الأمم المتحدة لا توافق اللبنانيين، بل تعتبر أن الأراضي المجاورة لجنوب لبنان هي دولة إسرائيل، وهذه الأراضي، على عكس الضفة الغربية والقدس الشرقية، ليست فلسطينية ولا هي خاضعة لأي مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.
تدرك واشنطن أن النزاع على الحدود البحرية «سيستمر حتى إشعار آخر»، لكن غالبية المسؤولين لا ترى أن هذا النزاع سيؤدي إلى نشوب نزاع مسلح. كما لا يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يشن «حزب الله» أي حرب ضد إسرائيل «إلا في حال تعرضت إيران لخطر وجودي».
لكن في غياب خطر من هذا النوع، يعرف الحزب أن أي حرب ستكون مكلفة على مناطق مناصريه والبنية التحتية اللبنانية، وهذه المرة، على عكس 2006، لن تهب أي دولة لإرسال مساعدات مالية لمساعدة اللبنانيين على إعادة إعمار المناطق التي قد تتضرر من الصراع.
لبنان في مأزق اقتصادي ومالي، والحروب لا تساعد في حل مأزق من هذا النوع، بل على العكس، تساهم في تعميقه، وهو ما يعرفه اللبنانيون جيدا. «لذا»، يختم المسؤول الأميركي، «لا أرى أن لبنان سينخرط في حرب انتحارية ضد الإسرائيليين، على الرغم من التصعيد المحتمل في الخطاب بين الجانبين».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق