الأربعاء، 24 يونيو 2020

جيفري: هدفنا إعطاء السوريين صوتاً ليقرروا مصيرهم

واشنطن - من حسين عبدالحسين

كرر المبعوث الأميركي الى سورية جيمس جيفري ما سبق لـ «الراي» أن نشرته، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، لناحية أن «قانون قيصر» الأميركي، الذي فرض عقوبات قاسية على الرئيس السوري بشار الأسد وأركان نظامه، هو قانون لا يستهدف لبنان، ولا يؤثر على اقتصاده، وأن الأزمة الاقتصادية هي من صنع اللبنانيين أنفسهم. واعتبر أن القانون يستهدف «الحكم التوتاليتاري لواحد من أعتى جزاري العالم، الرئيس الأسد».
وفي ندوة إلكترونية نظمها «معهد الشرق الأوسط»، قال المسؤول الأميركي إن «هدفنا ليس الإطاحة بالاقتصاد» السوري، «فالأسد يفعل ذلك بنفسه... ما نريده هو أن نتسبب بألم حقيقي لمن هم حول الأسد حتى يدركوا أن آلامهم لن تتغير ما لم يخالفوا سياسة الأسد». 
لكنه استدرك مضيفاً:«عندما أقول إننا لا ندعوا إلى تغيير النظام، أعني أن الدور الأميركي أو العالمي لن يغيرا نظام الأسد، ولكن إذا أراد السوريون تغيير النظام، فسنوافق على ذلك، وندعم قيام أي حكومة جديدة يختارونها». 
وتابع أن مصير سورية «متروك لشعب سورية ليقرر»، أما ديبلوماسية الولايات المتحدة، فهدفها أن «تعطي السوريين صوتاً ليقرروا أي حكومة يريدون».
ولفت جيفري الى أن العقوبات الأميركية سعت الى حرمان كبار المسؤولين السوريين من التمتع بـ«عشاء على ضوء الشموع» في باريس، أو اخذ عائلاتهم الى «اجازات في ديزني لاند». 
وأضاف: «نريدهم أن يدركوا أن ثرواتهم في الخارج يمكن استهدافها أيضا». وتابع أن «الجانب المالي من الفساد الاقتصادي هو نفسه في جميع الأنظمة الاستبدادية، خصوصاً نظام الأسد»، ومن المهم افهام «مئات آلاف السوريين ممن يتمتعون بسخاء مسؤولي الأسد» أن لا مستقبل اقتصادي لهم في بقائهم تابعين لأركان النظام.
وشدد على أن «قانون قيصر لا يستهدف المدنيين»، بل على العكس يلاحق المسؤولين عن حجب وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في أنحاء سورية. 
وتابع أن «العقوبات هي البديل عن تدخل عسكري واسع» في سورية، وهو تدخل - حسب المسؤول الأميركي - لا يؤيده المجتمع الدولي، ولا الأميركيون. 
وقال إن هدف العقوبات ليس الإطاحة بالنظام، بل اجباره على تغيير سياساته وتصرفاته، عملاً بقرار مجلس الأمن الرقم 2254، وان «مجلس الأمن لا يطيح بأنظمة» بل يعمل على الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين. اما في حالة الأسد، فقد تحولت سورية الى مصدر لاهتزاز الأمن اقليمياً ودولياً باستضافتها مجموعات إرهابية وتعاونها مع ايران، التي تصنفها واشنطن دولة راعية للارهاب. 
كذلك، يعتبر المجتمع الدولي أن استخدام الأسد لأسلحة كيماوية، حسب ما ورد في بيان «منظمة مكافحة انتشار الأسلحة الكيماوية» التابعة للأمم المتحدة قبل أشهر، هو مصدر اهتزاز للاستقرار العالمي.
ولفت جيفري الى أن أهمية «قانون قيصر» تكمن في أنه يحدد الموقف الأميركي تجاه سورية. والقانون يختلف عن السياسة، إذ انه ملزم للادارات المتعاقبة، فيما السياسة ترتبط بهوية الرئيس المقيم في البيت الأبيض وفريقه. 
وأشار الى أن قانون العقوبات حاز على ما يشبه الاجماع في الكونغرس، بغرفتيه، وأن القانون يمثل الموقف الأميركي الثابت تجاه الأحداث في سورية. 
ولأن واشنطن لا تسعى للاطاحة بالأسد، يصبح القانون، خريطة طريق أميركية لكيفية التوصل الى تسوية سورية، مبنية على بنود القرار 2254، الذي ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية من النظام ومعارضيه تقوم بكتابة دستور جديد، وتنخرط في انتخابات تنظمها وتشرف عليها الأمم المتحدة. 
واعتبر المسؤول الأميركي أن الأسد يقوم بتنظيم انتخابات برلمانية، وربما رئاسية العام المقبل، في خطوة تتعارض صراحة مع قرارات الأمم المتحدة التي تحصر اجراء ومراقبتها الانتخابات بنفسها وبممثليها.
وقال جيفري إن نظام الأسد مصمم بشكل يحصر القرارات بدائرة ضيقة من المحيطين به، وضرب مثالاً على ذلك مفاعل «الكبر» النووي، الذي كانت كوريا الشمالية تبنيه للأسد في شمال سورية الشرقي، قبل أن تغير عليه مقاتلات اسرائيلية وتحيله رماداً في العام 2007. 
وأضاف أنه «كان مثيراً للاعجاب وقتذاك أن دائرة صغيرة وضيقة جداً محيطة بالأسد كانت وحدها تعرف عن المفاعل النووي، وأعتقد أن هذه هي الطريقة التي يتم بها اتخاذ القرارات اليوم داخل النظام».
وسبق لوسائل إعلامية أميركية، مثل «بوليتيكو» و«فورين بوليسي»، أن نشرت تحقيقات تساءلت فيها عن قدرة الأسد على البقاء في ظل العقوبات الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.
واشنطن مصممة، حسب جيفري، على جعل الأسد ودائرته الصغيرة يدفعون ثمن سياساتهم، من دون السماح لهم «بتحقيق النجاح النهائي». أما اذا راهن الرئيس السوري ومن معه على التغيير في نوفمبر المقبل، أي في حال فشل الرئيس دونالد ترامب في الفوز بولاية ثانية وانتقال الرئاسة للمرشح الديموقراطي جو بايدن، فهو رهان سيكون خاسراً،«بغض النظر عمن يتم انتخابه، فإن سياستنا في سورية هي سياسة الحزبين».
هل يختار الأسد أن يمضي في طريق كوريا الشمالية، فيحول سورية الى دولة معزولة بدلا من رضوخه للعقوبات الأميركية وموافقته على التغيير، يجيب جيفري أنه «بادئ ذي بدء، سيكون اختيار سيناريو كوريا الشمالية صعباً، نظراً لانفتاح سورية وسكانها، أولا على العالم العربي، ومن بعده على المجتمع العالمي، وذلك على مدى القرون الماضية». 
ويختم: «لا أعرف بلدا في العالم يريد أن يكون مثل كوريا الشمالية، بل إن الدول غالبا ما تحذر بعضها البعض من مغبة السير في هذا الطريق».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008