واشنطن - من حسين عبدالحسين
أربعة أشهر بالتمام تفصل العالم عن نهاية الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على صادرات وواردات إيران من الأسلحة التقليدية، حسب الاتفاقية النووية المكرسة بقرار مجلس الأمن الرقم 2231 الصادر في العام 2015، وهو ما دفع الولايات المتحدة الى تكثيف ديبلوماسيتها لاقناع دول مجلس الأمن بضرورة إصدار قرار منفصل يجدد حظر الأسلحة على طهران.
وفي هذا السياق، أطل أرفع ديبلوماسي أميركي مسؤول عن الملف الإيراني، بريان هوك، عبر ندوة إلكترونية، أول من أمس، وجدد مطالبة واشنطن بتمديد حظر الأسلحة، وتعديل الاتفاقية النووية الحالية، التي قال إنها تشبه نظيرتها مع كوريا الشمالية، وأن العالم «يعرف كيف ينتهي فيلم كوريا الشمالية»، معتبراً أن «الاتفاقية النووية الحالية تضع إيران على طريق حيازة سلاح نووي».
وقال هوك إن الولايات المتحدة «توافق على اتفاقية نووية تسمح لإيران بإنتاج طاقة نووية، لكن من دون تخصيب أو ممر نحو صناعة سلاح، على غرار برنامج الإمارات للطاقة النووية».
وتابع أن العالم يحتفل بالذكرى العاشرة لاتفاقية «واحد اثنان ثلاثة، الموقعة في عهد إدارة (الرئيس السابق جورج) بوش، والذي يمنح الإمارات الطاقة النووية، من دون القدرة على التخصيب»، معلناً أن طهران «على وشك تحقيق الاختراق نحو إنتاج سلاح في أقل من عام، ومن الأفضل أن تكون غير قادرة على التخصيب».
ومما قاله المسؤول الأميركي إن «إيران تحب أن ترى نسخة من حزب الله (اللبناني) على الحدود الجنوبية للسعودية، وهو ما يحقق هدف مد الهلال الشيعي من طهران إلى بيروت، وصولاً إلى اليمن». وأضاف أن القوات الأميركية اعترضت «عدداً من شحنات الأسلحة الإيرانية التي كانت متجهة إلى الحوثيين في اليمن، والحوثيون هم ميليشيا قبلية قامت إيران بتنظيمها وتدريبها بعد دخولها في الاتفاقية النووية».
وحسب هوك، رأت إيران «في الاتفاقية النووية ضوءاً أخضر لسياساتها غير النووية التوسعية في المنطقة»، وقال إنه رأى «مستودعات للأسلحة والذخيرة الإيرانية مخزنة في قاعدة الأمير سلطان الجوية، وهي أسلحة تم جمعها بعد المعارك مع الحوثيين».
وفي ما يتعلق بالسلام في اليمن، قال هوك: «يسعدنا أن السعوديين يدعمون الجهود الرامية إلى إنهاء القتال، لكن إيران تجلس دائماً خارج قاعات الاجتماعات، وتقوم بحض الحوثيين على مواصلة الحرب، فإيران تريد الاستمرار في مهاجمة المملكة العربية السعودية من خلال وكلائها، وهو الشيء نفسه الذي تفعله مع الميليشيات الأخرى في أماكن أخرى في المنطقة».
ولفت الديبلوماسي الأميركي إلى أنه عندما رأت واشنطن أن طهران بدأت بارتكاب بعض الهجمات، في مايو 2019، «قمنا بزيادة قواتنا بمقدار 14 ألفاً في المنطقة، وعززنا الدفاعات الجوية السعودية».
وأضاف «ان وجود قواتنا يرتفع وينخفض، لكن المهمة لا تتغير... كنا مبدعين في كيفية القيام بذلك».
وأشار كوك، من ناحية ثانية، الى أن إسرائيل لن تسمح لإيران «باستخدام سورية كقاعدة صواريخ أمامية».
وتحدث هوك عن الديبلوماسية التي أدت لإطلاق المعتقل الأميركي في إيران مايكل وايت، وقال إنها تطلبت أشهراً عديدة، وجرت من خلال الحكومة السويسرية. وقال: «أنا على اتصال مع النظام (الإيراني) من خلال السويسريين، وإيران تستخدم أخذ الرهائن كأداة لسياستها الخارجية».
وأضاف: «لا يزال لدينا في سجون إيران، اثنان من عائلة نامازي، ومراد طباز، وهو عالم مشهور بالحفاظ على البيئة، كان يحاول المساعدة في إنقاذ الأنواع من الانقراض (الفهود الإيرانية)، اعتقله الحرس الثوري وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وقد دانت الأمم المتحدة الحكم».
وأكد الديبلوماسي الأميركي، أنه يود أن يلتقي شخصياً المسؤولين الإيرانيين، «لكن الديبلوماسية مع النظام لا تجري بشكل منتظم». وأضاف: «كان باب الديبلوماسية مع إيران مفتوحاً من جانبنا، ليس فقط لتبادل الرهائن، ولكن أيضاً في كل القضايا التي أفسدت علاقاتنا على مدى السنوات الـ41 الماضية».
وتابع أن الرئيس دونالد ترامب «يحب مقابلة الإيرانيين، وقد التقى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ثلاث مرات».
وعن امكانية اندلاع مواجهة مسلحة مع طهران، شدد هوك على أن «إيران تعرف جيداً مخاطر التصعيد ضد هذا الرئيس (ترامب)، الذي واجه وكلاءهم وقضى على (قائد -فيلق القدس-السابق قاسم) سليماني، ويدرك النظام الإيراني أن أيام الإفلات من العقاب ولّت».
وأضاف: «ربما عاشت إيران فترة من دون عقاب، ولكنها هذه الفترة انتهت، وما قمنا به تجاهها ليس له سابق خلال 41 عاماً في تاريخ الجمهورية الإسلامية».
وفي سياق متصل، قال هوك إن «ألمانيا صنفت (حزب الله) على انه تنظيم إرهابي. وطيران ماهان أصبحت مدرجة على (قائمة) الحظر، ونحن مستمرون في تعبئة المجتمع الدولي لمواجهة القوة الإيرانية، وطهران لا تملك الأموال التي كانت تمتلكها لإنفاقها على عملياتها».
وأكد هوك أن الولايات المتحدة احبطت «العديد من الهجمات الإرهابية في المنطقة وخارجها» ومصدرها إيران. وتابع: «كان هناك طموحات (في الولايات المتحدة) للذهاب في تحسين العلاقة مع إيران الى ما هو أبعد من الاتفاق النووي، لكن طهران فهمت ذلك على أنه ترخيص للتحرك بحرية في الشرق الأوسط، وتفاخر أحد جنرالاتها بأن بلاده تسيطر على أربع عواصم، اما الآن، إذا نظرنا الى الاحتجاجات في لبنان والعراق، وفي كل المحافظات الإيرانية الـ31، سنرى أن سياستنا تؤتي ثمارها».
وتحدث هوك عن الاقتصاد الإيراني، الذي قال إنه كان يواجه انكماشاً كبيراً حتى قبل بدء انتشار فيروس كورونا المستجد، ولفت الى أن «البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وضعا الاقتصاد الإيراني في المرتبة الثالثة لأسوأ اقتصاد في العالم بعد فنزويلا وليبيا».
وأضاف الديبلوماسي الأميركي، ان «طهران كانت تعتمد على النفط لتمويل سلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة، وفي وقت قصير جدا، نجحنا في خفض صادراتها من 2.5 مليون برميل يومياً إلى 70 ألفاً».
وتابع أن وزير الخارجية مايك بومبيو أعطى الزعماء الإيرانيين خياراً، «إما الحضور إلى طاولة المفاوضات، وإما الاشراف على انهيار اقتصادي». وقال انه بسبب التعثر الاقتصادي الإيراني، «اضطر (حزب الله) لشن حملة جمع تبرعات للمرة الأولى في تاريخه، فإيران كانت تزود (حزب الله ) بنسبة 75 في المئة من إيراداته، واليوم تقول الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سورية إن إيران لا تملك المال الذي اعتادت على انفاقه، وأن الأيام الذهبية ولّت».
لهذا السبب، يقول هوك، نرى «في العراق تراجعاً لشعبية إيران». وفي هذا السياق تأتي الاحتجاجات «في العراق وإيران ولبنان، ضد الفساد وغياب الشفافية، وضد النظام الذي يفضل الأيديولوجية على مصالح الناس».
النموذج الإيراني، يؤكد هوك، هو اليوم «تحت الضغط».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق