حسين عبدالحسين
قبل أكثر من سنتين على انتخابات الرئاسة الأميركية، تشير معظم الترجيحات إلى ارتفاع حظوظ وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في خلافة الرئيس باراك أوباما. وعلى الرغم من التقليد الحزبي القاضي بترشيح نائب الرئيس، فإن تقدم سن جو بايدن الذي سيبلغ من العمر 74 عاما في عام 2016، يقلص من حظوظه.
بدوره، ما زال الحزب الجمهوري يتخبط داخليا بين يمين ويمين متطرف، مع غياب أي مرشحين بوزن كلينتون، خصوصا بعد الأزمة التي طالت المرشح الرئاسي الجمهوري الأبرز محافظ ولاية نيوجيرسي كريس كريستي داخل ولايته.
وعلى الرغم من القلق المبرر الذي قد يسود بعض الأميركيين والحلفاء حول العالم في حال استمرار الديمقراطيين في الحكم، بعد سنوات من السياسة الخارجية الكارثية، فإن كلينتون الديمقراطية تبدو قادرة على تقديم سياسة مختلفة تماما، وربما مناقضة، لسياسة أوباما.
فكلينتون أيدت دعم وتدريب وتسليح ثوار سوريا، وزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون أعلن، أثناء إطلالة في مؤسسة السيناتور الجمهوري جون ماكين المؤيد للتدخل الأميركي في سوريا، عن اعتقاده أن التاريخ سيحاسب أوباما لعدم تدخله عسكريا في سوريا.
وعلى الرغم من أن كلينتون عملت وزيرة خارجية لأوباما، مع ما يرتب ذلك عليها من مسؤولية في الفشل الأوبامي خارجيا، فإنه يمكن للمرشحة الديمقراطية إثبات مركزية القرار في إدارة أوباما، الذي حصر كل القرارات الدفاعية والخارجية بين يديه وبين يدي «مجلس الأمن القومي»، وهو ما بدا جليا في شهادات متعددة كان أبرزها كتاب مذكرات وزير دفاعه السابق روبرت غيتس، الذي كتب أنه في عقود عمله في الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ ريتشارد نيكسون في السبعينات، لم يسبق أن شهد رئيسا أكثر مركزية من أوباما.
وكما في سوريا، كذلك حول إيران، حيث خالفت كلينتون مرارا الرئيس الأميركي في مقاربته للمفاوضات النووية مع إيران، حسب روايات متعددة من خلف الكواليس.
ويقول العالمون ببواطن الأمور إن كلينتون تعتقد أن هدف المفاوضات الدولية الجارية مع إيران يسمح لها بالاستمرار في التخصيب، وهو هدف أدنى حتى من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تنص صراحة على ضرورة وقف كامل للتخصيب الإيراني.
وفي العراق، لم تكن هيلاري مرتاحة لأداء أوباما، الذي كلّف الملف العراقي لنائبة بايدن، الذي أوكله بدوره لمستشاره للأمن القومي توني بلينكن، والذي أصبح اليوم في «مجلس الأمن القومي» ونائبا لرئيسته سوزان رايس.
هكذا، لم تشارك كلينتون في صناعة السياسة الأميركية في العراق، على الرغم من وجود أكبر سفارة أميركية في العالم فيه، وعهد أوباما بالملف إلى بلينكن، الذي راهن على رئيس الحكومة نوري المالكي، على حساب أصدقاء أميركا الآخرين في العراق والمنطقة.
كيف ستتصرف هيلاري كلينتون خارجيا لو أصبحت رئيسة الولايات المتحدة؟
من المؤكد أن كلينتون، كما أوباما أو أي رئيس آخر حتى لو من الجمهوريين، ستتابع المزاج العام الأميركي عبر استطلاعات الرأي، وسوف تبقى بعيدة عن أي مغامرات عسكرية واسعة النطاق كحربي أفغانستان أو العراق. وصحيح أيضا أن كلينتون ستماشي سياسة التقشف التي تطال المؤسسة الدفاعية الأميركية.
لكن من المؤكد أيضا أن كلينتون ستنجح، أكثر بكثير من أوباما، في تحديد الصديق من العدو، حول العالم وفي منطقة الشرق الأوسط، وستعرف كيف تكافئ الأصدقاء لصداقتهم، وكيف تواجه الأعداء لعدوانيتهم، وهذا أمر لا يحتاج بالضرورة إلى إمكانيات عسكرية هائلة، فقط استخدام الوزن الأميركي الرهيب، على كل الصعد، وربطه بدبلوماسية ذكية وسياسة واضحة وغير متقلبة.
إن أصبحت كلينتون رئيسة، ربما تعود خطوط الولايات المتحدة خطوطا، وتعود للدولة الكبرى مصداقيتها كلاعب رئيس على المسرح الدولي، وهو دور افتقده العالم بعدما قاد أميركا واحد من أكثر الرؤساء ترددا وارتباكا في تاريخ البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق