| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في اطار السباق للفوز بحظوة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسورية، ابلغت الحكومة السورية المنظمة الدولية لحظر انتشار الاسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة عن وجود اربع منشآت لتصنيع المواد والاسلحة الكيماوية لم يكن نظام الرئيس بشار الأسد أعلن عنها في الماضي، ولم تدخل هذه المنشآت في الاتفاقية الاميركية - الروسية التي تم اقرارها بقرار من مجلس الأمن في سبتمبر 2013 فرض تدمير ترسانة الأسد الكيماوية والمنشآت الـ 12 التي تنتجها وتخزنها.
الا ان الأسد تباطأ في التسليم وتأخر عن المواعيد المقررة، وفي وقت لاحق اعلنت حكومته نيتها «اقفال» المنشآت الـ 12 بدلاً من تدميرها حسبما ورد في القرار، ما أثار اعتراضات اميركية واوروبية واسعة.
لكن في انقلاب مفاجئ في مواقف الأسد، أخطرت الحكومة السورية المنظمة الدولية، التي أبلغ ممثلها الى مجلس الأمن سيغريد كاغ ان دمشق اضافت اربع منشآت لم تكن اعلنت عنها قبلا، واعلنت نيتها تدمير المنشآت الـ 16 قبل نهاية نوفمبر المقبل.
وعلى الفور اعتبر مراقبون اميركيون ان خطوة الأسد جاءت ضمن السباق بين نظام الأسد وحلفائه في طهران وبيروت، وتركيا وحلفائها من الحكومات العربية والثوار السوريين للفوز بصداقة واشنطن والتأثير في سياستها، اذ نظراً للتقارير المتواترة الى العاصمة الاميركية، يبدو أن وقف زحف تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، مستبعداً بالقوة الجوية وحدها، ما قد يفرض دخول قوات ارضية كانت تركيا اقترحت ان تكون «قوات من حكومات اسلامية بمساعدة تقنية اميركية واوروبية».
ويجد الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه أمام خيار يقضي اما بتوسيع العملية الاميركية لتشمل قوات ارضية، وهو بمثابة انتحار سياسي له، خصوصاً قبل اقل من شهر على الانتخابات النصفية للكونغرس المقررة في 4 نوفمبر، أو الموافقة على توسيع التحالف الدولي ليشمل قوات ارضية غير اميركية، وفي الوقت نفسه توسيع مهمته لتشمل دحر «داعش» والاطاحة بالاسد.
هكذا، يعتقد المراقبون ان هناك سباقاً لاثبات حاجة واشنطن الى كل من الطرفين: تركيا تعتبر ان تدخلها لاقتلاع «داعش» ثمنه القضاء على الأسد، فيما الأسد يذكر انه أوفى بالتزاماته الكيماوية، وانه مازال قادراً على لعب دور في استعادة الاراضي من «داعش».
هذه التطورات المتسارعة اربكت أوباما، المتردد اصلا في قراراته حتى الصغيرة منها.
ويقول مقربون من الفريق الرئاسي ان أوباما عمد الى استشارة قيادته العسكرية قبل اتخاذ اي قرار، وان الاخيرة استمهلت اياما في محاولة لقلب الصورة في مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية، التي ربما تكون «نقطة الاستدارة» في الحرب ضد «داعش» بصورة اوسع.
لكن الوقت يدهم كوباني، والخبراء العسكريون يعتقدون ان رئيس الاركان الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي، واضع الخطة الحالية، يدرك صعوبة تحقيقها والحاق الهزيمة بـ «داعش» من دون الاستعانة بقوات نظامية.
وكانت المروحيات الاميركية في بغداد شاركت، للمرة الاولى منذ بدء العمليات ضد «داعش»، في مهمات قتالية هذا الاسبوع باستهدافها مواقع لـ «داعش» على مشارف بغداد، وهي بمثابة عمليات اميركية «على الارض» لا تتوافق مع وعد أوباما بعدم ارسال جنود اميركيين الى الحرب.
كذلك لم يكن اشراك مروحيات «اباتشي» ممكنا لولا وجود وحدات تدخل سريع كقوة المارينز الخاصة المتمركزة في الكويت، والتي قد تجد نفسها في وسط عمليات قتالية لانقاذ مروحيات قد تتعرض لنيران ارضية.
ولأن توسيع المهمات القتالية للجيش الاميركي بوتيرته الحالية مكلف سياسياً في الداخل الاميركي، ولأن الهدف الرئيسي هو القضاء على «داعش»، حتى لو تسبب ذلك «بعوارض جانبية» عملت واشنطن على تفاديها مثل انهيار الأسد ونظامه، يبدو مرجحا ان توافق الولايات المتحدة على الطرح التركي، وان ترعى توسيع التحالف الدولي ليشمل قوات ارضية ويطيح بـ «داعش» والأسد، وهو ما يعتقد الخبراء الاميركيون انه دفع الأسد إلى تسليم منشآت كيماوية اضافية، بل دفع ايران الى تحذير تركيا علنا وربما ارسال رسائل الى اسرائيل عبر العملية التي قام بها «حزب الله» اللبناني في مزارع شبعا وادت الى جرح جنديين اسرائيليين.
اذا، هو سباق للتأثير في خيارات أوباما وسياساته، او هكذا على الاقل يعتقد عدد كبير من المتابعين في العاصمة الاميركية.
وتقول مصادر ان أوباما من المرجح ان يحسم امره في «ايام، لا اسابيع».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق