واشنطن - من حسين عبدالحسين
لم يعد الحديث عن ضعف شخصية الرئيس باراك أوباما وتردده في اتخاذ قراراته حكرا على خصومه وبعض الإعلاميين، بل يكاد يتحول الى السمة التي سيتذكرها التاريخ عنه، وهي الصورة التي يساهم في تكريسها كبار المسؤولين السابقين ممن عملوا معه عن كثب، والذين كان آخرهم رئيس «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي ايه) ووزير الدفاع فيما بعد ليون بانيتا، الذي شن في كتاب مذكراته الصادر أمس، «معارك تستأهل»، هجوما عنيفا على أوباما.
وكتاب بانيتا، هو الرابع من وزير سابق، بعد وزير الدفاع الذي سبقه بوب غايتس ووزير الخزانة تيموثي غايثنر ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.
وفيما قلل انصار أوباما من اهمية انتقاد غايتس للرئيس، كون غايتس من الجمهوريين الذين استبقاهم أوباما في ادارته لإنهاء حرب العراق، وفيما لم يتطرق غايثنر الى شؤون سياسية، وفيما حافظت كلينتون على الديبلوماسية في انتقاداتها بسبب نيتها الترشح للرئاسة خلفا لأوباما، اكتسب هجوم بانيتا المصداقية الاكبر، فالرجل من قدامى الديموقراطيين، وهو خرج الى التقاعد، اي ان لا مصلحة له في تنميق كتاب مذكراته.
هكذا، أكد بانيتا الروايات السابقة عن ضعف شخصية أوباما، ولمقارنة أوباما بأسلافه، يمكن العودة الى عهد الرئيس السابق جورج بوش، الذي استبدل وزير خارجيته كولن باول في بداية ولايته الثانية، وأطاح بوزير دفاعه رونالد رامسفيلد اثر خسارة حزبه الجمهوري الاغلبية في الكونغرس في العام 2006، وهو نفس العام الذي افترق فيه بوش عن نائبه تشيني، فعمد الرئيس الى تهميش نائبه وإضعاف دوره.
لكن على الرغم من الخلافات والتباينات داخل ادارة بوش، لم يحدث ان شن مسؤولون سابقون في ادارته من هذا المستوى هجمات ضد شخصيته او شككوا بقراراته، باستثناء كتاب الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان، صحيح ان باول هاجم قرار الحرب على العراق، لكن لم يحدث ان تعرض الى شخصية بوش او حزمه.
وكتب بانيتا ان لأوباما «رؤية معقولة للبلاد»، لكن الرئيس «يتفادى المعارك، ويشتكي، ويضيع الفرص».واعتبر بانيتا ان أوباما «تنقصه القوة النارية، وهو غالبا ما يتكئ الى عقلانية استاذ القانون»، وهي المهنة التي كان يمارسها الرئيس الاميركي قبل انخراطه في عالم السياسة، «بدلا من ان يكون لديه اندفاعة القائد».وكشف بانيتا انه كان على خلاف مع أوباما حول قرار الانسحاب التام من العراق، وحول عدم تسليح ثوار سورية، واعتبر بانيتا ان الأزمة السورية تحديدا هي التي ساهمت في ضرب مصداقية أميركا حول العالم، «الفشل في الرد» في سورية إثر الهجمات الكيماوية التي راح ضحيتها 1200 من المدنيين في ضواحي دمشق في اغسطس 2012، حيث كتب بانيتا: «ارسل رسالة خاطئة للعالم»، متهما الرئيس الأميركي بـ»التأرجح» في قرارته حول سورية.
تلك التجربة السورية مثلت ما اعتبره بانيتا «الضعف الأبرز» في شخصية أوباما، وأظهرت «تردده في مواجهة خصومه وحشد التأييد خلف مواقفه».كذلك، أكد بانيتا، وهو الذي سبق ان عمل عضوا في الكونغرس ورئيسا لموظفي البيت الابيض في زمن الرئيس السابق بيل كلينتون، الاتهام الذي سبق لغايتس ان وجهه لأوباما والفريق المقرب منه، والقائل إن «ادارة أوباما هي من اكثر الادارات المركزية في تاريخ واشنطن الحديث».وأوضح بانيتا انه «واجه مشاكل متكررة بسبب مقابلات منحها لصحافيين او بسبب تواصله مع اعضاء في الكونغرس من دون الحصول على اذن مسبق من البيت الابيض»، كذلك، قال بانيتا ان «عدم اكتراث أوباما عندما قام الكونغرس بخفض موازنة وزارة الدفاع، وعدم شن مواجهة ضد الكونغرس لمكافحة ذلك، من الأمور التي اثارت خيبة أمل لديه».وعلى الفور، تحرك البيت الابيض لاحتواء أزمة هجوم بانيتا عليه، فقال نائب الرئيس جو بايدن في آخر اطلالته ان «قيام مسؤولين سابقين بالهجوم على الرئيس في كتب مذكراتهم اصبح عادة ليست في محلها»، طالبا من زملائه السابقين في الادارة «على الاقل إمهال الرجل حتى يخرج من الحكم».كذلك، شن المعلق المعروف في صحيفة «واشنطن بوست» دافيد اغناتيوس هجوما في مقالة حملت عنوان «عدم وفاء باهر» تساءل فيها «لماذا يستمر المسؤولون المعارضون لسياسات الرئيس في مناصبهم في الادارة؟ ولماذا لا يستقيلون احتجاجا؟».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق