| واشنطن – من حسين عبد الحسين |
يبدو ان الأداء الضعيف للرئيس باراك أوباما وفريقه السياسي لا يزعج حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فحسب، بل يقلق كذلك حزبه الديموقراطي قبل عشرة أيام من الانتخابات النصفية المقررة في الرابع من الشهر المقبل.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول رفيع داخل الحزب الديموقراطي قوله ان «عدم كفاءة الأداء السياسي للبيت الأبيض تحولت من مصدر ازعاج الى مصدر احراج» للديموقراطيين.
وتشير أحدث إحصاءات الرأي إلى انه من أصل المقاعد التسعة المتنازع عليها في مجلس الشيوخ، سيحصل الجمهوريون على ثمانية، تضاف الى 46 مقعدا بحوزتهم الآن، فيما تتقلص الغالبية الديموقراطية الى 46 مقعدا من أصل مئة، في وقت من المؤكد ان الحزب الجمهوري سيحافظ على الغالبية التي يسيطر عليها في مجلس النواب والبالغة 242، بل تتوقع بعض الإحصاءات ان يزداد عدد مقاعد الجمهوريين بين النواب في دلالة على الوضع المأسوي الذي يجد الديموقراطيون أنفسهم فيه.
وما يثير دهشة المراقبين هو ان الاقتصاد، الذي تصنفه غالبية الاميركيين كأولويتهم الأولى التي تحدد كيفية تصويتهم، يتحسن بشكل مطرد أدى الى بلوغ نسبة البطالة 5،9 في المئة الشهر الماضي، وهي الأدنى منذ ما قبل تسلم أوباما الحكم.
كذلك تشير البيانات الاقتصادية الى ارتفاع في ثقة المستهلكين، وعودة قطاع المنازل الى سابق عهده، وتضاعف نسبة الصادرات في السنوات الخمس الأخيرة، وعودة الصناعات الأميركية من الصين ودول أخرى حول العام الى شواطئ اميركا.
ويأتي النهوض الاقتصادي الاميركي في وقت تعاني أوروبا شبح الركود ويصل التباطؤ في النمو الصيني الى أدنى مستوياته منذ خمس سنوات. ومع ذلك، لا يربط الاميركيون تحسن اقتصادهم في أوباما او في الديموقراطيين، بل يعتبرون ان الجمهوريين يتفوقون على الديموقراطيين في سبعة من أصل تسعة أمور يعتبرها الناخبون من اولوياتهم، حسب استطلاعات الرأي، بما في ذلك الاقتصاد.
حتى أصوات الناخبين الاناث، التي تصب في مصلحة الديموقراطيين منذ العام 2006 وسمحت للحزب الديموقراطي بالحفاظ على الغالبية في مجلس الشيوخ في الدورة الاخيرة، يبدو انها صارت تميل أكثر ناحية الجمهوريين، اذ أظهر احدث استطلاع للرأي قامت به وكالة «اسوشيتد برس» ان 47 في المئة من النساء يؤيدن الحزب الجمهوري، فيما أبدى 45 في المئة منهن تأييدهن لغريمه الديموقراطي.
وبسبب تدهور شعبية الرئيس الأميركي التي بالكاد تبلغ الأربعين في المئة، عمد المرشحون الديموقراطيون الى النأي بأنفسهم عنه، فغاب أوباما عن الحملات الانتخابية في كل الدوائر التي تشتد فيها المنافسة بين الحزبين، واقتصر حضوره على المشاركة في فعاليات بين الديموقراطيين أنفسهم تهدف الى جمع التبرعات للجنة الانتخابية في الحزب.
ومن المشاركات القليلة في الحملات الانتخابية كان ظهور أوباما هذا الأسبوع على المسرح مع المرشح لمركز محافظ ولاية ميريلاند انتوني براون في مدرج غص بالأميركيين من أصل افريقي، وهي المجموعة الوحيدة التي مازالت تؤيد الرئيس الأميركي بغالبية ساحقة، فهللوا له.
لكن قبل الانتهاء من خطابه، راح الحاضرون يخرجون من القاعة خوفا من الاختناق المروري الذي ينتظرهم في حال حضروا الحفل حتى نهايته. ولم يفوت اعلام الجمهوريين هذا المشهد عن الرجل الذي كان الاميركيون قبيل سنوات يتدافعون ويقفون في العراء ساعات لرؤيته او للاستماع اليه.
وبالرغم من تدهور شعبيته، لم يتوان أوباما عن الأنظار في هذه الفترة للسماح لمرشحي حزبه بالتقاط انفاسهم، بل أطل عبر مقابلة على الراديو ليقول انه «من غير الصحيح ان الديموقراطيين يبتعدون عنه، وان كل الديموقراطيين في الكونغرس ما زالوا يصوتون معه ويؤيدون قراراته».وليزيد في الطين بلة، أطل الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست ليقول ان «أوباما طلب من ماكينته الانتخابية التي عملت الى جانبه في العام 2012 مساعدة المرشحين الديموقراطيين هذا العام»، وأن الرئيس الأميركي «فعل ذلك وراء الكواليس».لكن ديموقراطيين في الكونغرس تساءلوا في مجالس خاصة: «كيف تكون مساندة أوباما لنا وراء الكواليس في وقت يقف الناطق باسمه امام كاميرات العالم بأسره ويعلن عنها؟».عشرة أيام تفصل الاميركيين عن انتخابات يبدو انها ستنقل مجلس الشيوخ من عهدة الديموقراطيين الى ايدي معارضيهم الجمهوريين، ما سيسمح للحزب الجمهوري بفرض المزيد من الشلل على حركة أوباما ويجبره على الاستناد الى صلاحياته في حق النقض (الفيتو) ضد القوانين التي ستصل مكتبه لتوقيعها من كل حدب وصوب. ومن نافل القول، ان الحزب الديموقراطي سيحمّل أوباما، كيفما اتفق، مسؤولية الخسارة، ما سيضاعف من مأساة الرئيس الأميركي الذي يبدو انه سينفق العامين المتبقيين من حكمه، على غرار سلفه جورج بوش، وهو يعاني من نقمة الجميع، خارج وداخل اميركا كما خارج حزبه وداخله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق