الجمعة، 31 أكتوبر 2014

هل يصبح «بوش الثالث» رئيساً للولايات المتحدة؟

واشنطن - من حسين عبدالحسين

فجّر جورج بي بوش، نجل محافظ ولاية فلوريدا السابق جب بوش، قنبلة سياسية أججت التكهنات حول امكانية ترشح والده لرئاسة الولايات المتحدة في العام 2016، ليصبح إذا ترشح وفاز، ثالث رئيس للولايات المتحدة من بيت واحد.

وجب بوش، البالغ من العمر( 61 عاماً)، هو ابن الرئيس السابق جورج بوش الاب وشقيق الرئيس السابق جورج بوش الابن، وفاز في انتخابات محافظ فلوريدا مرتين في الاعوام 1999 و2003، ويحظى بشعبية كبيرة داخل «المؤسسة الحاكمة» في الحزب الجمهوري.

وقال جورج بي بوش المرشح حالياً لمنصب امين خزانة في ولاية تكساس خلال مقابلة تلفزيونية انه «لا يستبعد ترشح والده للرئاسة».

وبدوره، قال نجل جب بوش الآخر، واسمه جب ايضاً،في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» ان «العائلة تؤيد مئة في المئة» والده في حال أعرب عن نيته الترشح.

وتفيد اوساط عائلة بوش ان «قائد حملة ترشيح جب هو الرئيس السابق جورج بوش الابن»، وان «بوش الاب يؤيد ذلك فيما تعارض الوالدة باربرة الترشيح، فيما لا تبدي زوجة جب ( كولومبا) أي اهتمام في الشأن العام وتفضل البقاء بعيدة عن الاضواء».

وجب يختلف كثيرا عن شقيقه جورج، فهو يتمتع بسمعة المثقف وبعلاقات مع خبراء ومؤلفين في شؤون عامة مختلفة تتنوع بين الاقتصاد والتعليم والثقافة.

وتشير الرواية الى ان جورج بوش الاب، لطالما اعتقد ان وريثه في السياسة سيكون جب بدلا من ابنه البكر جورج، الذي كان يعاني من أزمة ادمان الكحول.

لكن جورج الابن شفي من ادمانه، وراح يشق طريقه السياسي ليأخذ بثأر والده الذي لم يحسن الفوز بولاية رئاسية ثانية في العام 1992 عندما خسر امام النجم الديموقراطي الصاعد ومحافظ ولاية اركنساس بيل كلينتون.

كثيرون، وفي مقدمهم رئيس الكونغرس الجمهوري جون باينر، يرون في جب بوش مخلصاً للحزب الجمهوري وموحداً له، وهو الحزب الذي يعاني من انقسام حاد الى جناحين، وسطي ومتطرف، منذ خروج جورج بوش من الحكم في العام 2008.

ولطالما طالب باينر جب علناً بالترشح، وأعلن تأييده المطلق له، وكذلك فعلت ماكينة الحزب الجمهوري التي ما زال يقودها كثيرون من خريجي مدرسة عائلة بوش السياسية من امثال مستشار (جورج الابن ) كارل روف، الذي ما زال قيادياً فاعلا في اوساط الحزب ويخوض معركة طاحنة مع الجناح المتطرف داخله.

وتذكر «نيويورك تايمز» ان «الفريق السياسي لعائلة بوش، من سياسيين وممولين ورجال اعمال وناشطين، راحوا يتنادون لتجميع انفسهم وتنظيم صفوفهم استعدادا لتشكيل حملة جب بوش الرئاسية»، الا ان الاخير رفض حتى الآن منحهم أي توكيل لتشكيل حملة باسمه او جمع تبرعات.

على ان ترشيح جب بوش لن يكون بالسهولة التي قد يعتقدها البعض، فنقاط ضعفه الاولى تكمن في كونه من آل بوش، ما سيسمح لخصومه انتقاد ترشيحه على انه جزء من «عائلة حاكمة»، وهو امر لا تستسيغه غالبية الاميركيين المعتدّين بديموقراطيتهم. كذلك، يسمح ترشيح جب بوش لخصومه الجمهوريين مهاجمته على اساس انه منذ العام 1988، لم يصادف ان رشح الحزب احداً للرئاسة من غير عائلة بوش، هذا في الشكل.

أما في المضمون، فقد يواجه جب بوش صعوبات جمة تتعلق بجنوح جزء يسير من قاعدة الحزب تجاه اليمين، ما يجعل مواقفه المعلنة متناقضة مع عدد من مواقف الحزب، وهو ما حدا بصحيفة «واشنطن بوست» الى عنونة احد مقالاتها بالتالي: «مشكلة جب بوش لا تكمن في انه من عائلة بوش، بل في ان قاعدة الحزب الجمهوري تكره المرشحين المعتدلين». وتبرز تناقضات جب بوش مع غالبية الجمهوريين في ملف الهجرة والعلاقة بالاميركيين من اصول اميركية لاتينية، والذين ابتعدوا عن الحزب الجمهوري منذ العام 2008 على الاقل، فرغم انه يتكلم الاسبانية بطلاقة وزوجته من مواليد المكسيك، ما يجعله قادرا على استقطاب الاميركيين من اصول اميركية لاتينية، الا ان عددا لا بأس فيه من الجمهوريين يعارضون مواقف جب بوش الذي يؤيد فتح باب الهجرة لهؤلاء كما ايدها شقيقه جورج اثناء حكمه، وقبلهما جورج الاب اثناء رئاسته ايضاً. ويختلف جب عن الجمهوريين كذلك في موضوع التعليم، اذ يعتقد محافظ ولاية فلوريدا السابق ان للحكومة دوراً رئيسياً في رعاية قطاع التعليم الرسمي ، وتمويل المدارس المجانية ومساعدة الطلبة المعوزين في الجامعات، بعكس تفكير عدد كبير من الجمهوريين الذين يعارضون تدخل الحكومة في قطاعات شتى، كالطبابة والتعليم، ويفضّلون تصغير حجم الحكومة والغاء ضرائبها وانفاقها.

لا شك ان آل بوش المحنّكين في الحكم وانصارهم ومستشاريهم، يدركون العقبات التي تواجه مرشحهم المقبل، ولا شك انهم يجرون حساباتهم لمعرفة ان كان يمكنهم تفاديها. اما جب بوش نفسه، فهو وعد باعطاء جوابه النهائي حول امكانية ترشيحه مع حلول العام المقبل، اوعلى الاقل بعد ظهور نتائج الانتخابات النصفية المقررة الثلاثاء المقبل. بعد ذلك، يقطع الشك باليقين ويقدم موقفه النهائي من موضوع الترشيح.

أما في حال قرر جب بوش المضي في ترشيحه، في وقت تشير فيه كل التوقعات الى شبه حتمية ترشيح وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون للرئاسة في العام 2016، وعلى خلفية القوة الكبيرة التي تتمتع بها العائلتان، والفرص العالية لكل منهما للفوز بترشيح حزبيهما للرئاسة، فقد يعيد التاريخ نفسه بمواجهة بين العائلتين بوش وكلينتون للفوز بمنصب رئيس على غرار المواجهة الاخيرة بينهما قبل قرابة ربع قرن.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008