واشنطن - من حسين عبدالحسين
في تاريخ الرؤساء الـ 45 الذين تولوا قيادة الولايات المتحدة منذ العام 1798، توفي ثمانية أثناء وجودهم في الحكم، البعض اغتيالاً، والبعض الآخر مرضاً، حتى أن الرئيس بيل هاريسون توفي في اليوم التالي لإدلائه بخطاب القسم في 1841... عمليات انتقال السلطة من الرئيس إلى نائبه، في كل من هذه المرات، كانت يسيرة وسارت حسب ما يملي الدستور.
إلا أن ما لم يسبق أن حصل في تاريخ البلاد، هو وفاة أحد مرشحي الحزبين الرئيسيين قبل موعد الانتخابات، المقررة في الثالث من نوفمبر المقبل، وهو ما يربك المؤسسات الأميركية التي تتحسب لحالة وفاة الرئيس دونالد ترامب، الذي أصيب بفيروس كورونا المستجد صباح الأربعاء، وتم إدخاله إلى مستشفى وولتر ريد العسكري مساء الجمعة.
في حال وفاة ترامب، يواجه استبدال المرشح الجمهوري مشكلتان، الأولى قانونية، إذ يغيب عن النظام الداخلي للحزب الجمهوري كيفية التعامل مع موقف مشابه. على صعيد البلاد، الدستور هو الذي يحدد كيفية خلافة الرئيس في حال شغور المقعد بالمرض أو الوفاة، ويمنحه لنائب الرئيس، وفي حال وفاة أو مرض نائب الرئيس، تؤول الرئاسة لرئيس الكونغرس، أي الديموقراطية نانسي بيلوسي في هذه الحالة، ويحل في المركز الرابع وزير الخارجية مايك بومبيو.
لكن أنظمة الحزبين لا تحددان كيفية استبدال مرشح فاز بترشيح حزبه بالانتخابات التمهيدية. ويتردد في أوساط الجمهوريين أنه بسبب غياب السابقة، يمكن تبني النص الدستوري، واعتبار أن خليفة المرشح للرئاسة هو المرشح لمنصب نائب رئيس، أي مايك بنس.
على أن استبدال الحزب مرشحه سيواجه المشكلة الثانية، وهي مشكلة تقنية، وترتبط بعدم القدرة على طباعة أكثر من 300 مليون ورقة اقتراع بدلاً من المطبوعة حالياً، والمكتوب عليها اسمي ترامب ومنافسه الديموقراطي نائب الرئيس السابق جو بيدن، ثم توزيع هذه الأوراق على مراكز الاقتراع في عموم البلاد، وكل ذلك قبل أقل من شهر على موعد يوم الانتخابات.
ولتفادي مشكلة من هذا النوع، دار نقاش في الكونغرس حول إبقاء اسم ترامب على ورقة الاقتراع الانتخابية، حتى في حال وفاته، واعتبار أن الأصوات التي سيحصل عليها هي في الواقع أصوات لمصلحة المرشح البديل، أي بنس. وفي حال فوز ترامب في الانتخابات، على الرغم من وفاته، يلتئم مجلس «الكلية الانتخابية» بمشاركة أعضائه المؤلفين من موفدي الولايات، ويصيحون اسم بنس في الوقت المطلوب منهم أن يصيحوا اسم ترامب، وهكذا تتحول أصوات ترامب الى خليفته بنس.
أما في حال وفاة ترامب بعد فوزه في الانتخابات، فلا أزمة حينذاك، إذ يصبح انتقال السلطة إلى بنس عملية معروفة ينص عليها الدستور.
كذلك، ينص الدستور، معززاً بسوابق كثيرة من التاريخ الأميركي، أنه في حال شغور موقع الرئاسة وقيام نائب الرئيس بقسم اليمين لتسلم منصب رئيس، يقوم بعد ذلك الرئيس بتعيين نائب له، وهو إجراء استثنائي إذ إن نائب الرئيس يكون في العادة منتخباً دستورياً ويرد اسمه إلى جانب اسم الرئيس. لذلك، يبلغ عدد نائب الرؤساء الأميركيين، عبر التاريخ، 48، أي أكثر من عدد الرؤساء الذي يبلغ 45.
إصابة ترامب بفيروس كورونا المستجد هزّت الولايات المتحدة، وأجبرت كل الوكالات الفيديرالية على التعامل مع الإصابة كتهديد للأمن القومي للبلاد، فقام الأمن السري، المولج بحماية الرئيس ونائبه كما المرشحين الديموقراطيين، بإجراء فحوص كورونا للتأكد من عدم إصابة بنس وبيدن وهاريس. وبعدما ظهرت نتائجهما سلبية، قام الأمن السري بعزل كل منهما لتأكيد توفر البدائل في حال وفاة ترامب.
كذلك انبرى الدستوريون والخبراء القانونيون لدراسة الخيارات المتاحة في حال وفاة ترامب قبل موعد الانتخابات أو بعده، في وقت انهمك الجسم الطبي في تحليل إصابة الرئيس وسبب نقله إلى المستشفى، وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس البلاد المستشفى في حالة طوارئ غير الفحوصات الروتينية منذ إسعاف الرئيس السابق رونالد ريغان على إثر محاولة الاغتيال التي أصابت خلالها رصاصة إحدى رئتيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق