حسين عبد الحسين
يقول خبراء إيرانيون مقيمون في العاصمة الأميركية ان أحد مساعدي مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي اقترح عليه، على اثر اندلاع انتفاضات الربيع العربي، اغتنام فرصة الانفتاح الذي اعلنه الرئيس باراك اوباما ومباشرة الحوار مع الولايات المتحدة، فما كان من خامنئي الا ان أجاب بالقول: “هذا (معمر) القذافي صديقهم وانظر ماذا يفعلون به”.
خامنئي، الذي لم يغادر ايران منذ الثمانينات ويعيش في شبه عزلة عن العالم بسبب الحراسة الامنية التي تحيط به، كثير المخاوف. يخشى ان يؤدي انفتاحه على أميركا، التي تمد يدها له منذ وصول اوباما الى السلطة في العام 2008، الى خديعة غربية وتاليا الى انهيار حكمه.
لكن القذافي ليس النموذج الوحيد لديكتاتورية حاولت أميركا الانفتاح عليها.
“نحن نقدّر هذا التعاون الملموس الذي اعلنه الرئيس بخصوص امور حظر الانتشار، بما فيه (توقيع) البروتوكول الاضافي لوكالة الطاقة الذرية، لأني اعتقد اننا نتشارك في مصلحتنا في منع انتشار اسلحة الدمار الشامل، وهذا بالطبع احد الهموم الامنية للولايات المتحدة وللعالم”، يقول اوباما في خطابه في رانغون الى جانب الديكتاتور البورمي تيان سين في زيارة هي الاولى من نوعها لرئيس اميركي الى هذا البلد الآسيوي.
وكانت محادثات الاصلاح والانفتاح بدأت قبل عام بين اميركا وبورما، التي تخلت عن تحالفها مع الصين وعن برنامجها للاسلحة النووية، واثمرت اصلاحات ديمقراطية تبدو شكلية حتى الآن مع استمرار تربع الحاكم العسكري تيان سين على رأس النظام منذ العام 2001، بل ترحيبه بأوباما في الزيارة التي كرست عودة العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.
في الزيارة نفسها، اعلن اوباما في ما سمّاها رسالة الى كل الدول الآسيوية ان يده ما زالت ممدودة الى اي نظام يقرر ان يرخي قبضته على الحكم.
واضاف اوباما، في ما يدل على ان زيارته المستعجلة جاءت حتى قبل ان تأخذ الاصلاحات البورمية مداها، بالقول: “لقد تشاركت معه (تيان سين) واقع اني اعتقد ان ما قام به هي الخطوات (الاصلاحية) الاولى في رحلة طويلة”. اما طول هذه الرحلة، فلم يحدده اوباما في ما يؤشر ان امام ديكتاتور بورما كل الوقت الذي يطلبه من اجل التوصل الى اصلاحات ذات معنى، وهو ما يعني ان هذه الاصلاحات قد لا تتم اصلا.
اما الخلاصة هنا، فمفادها ان اوباما لن يقوم بجولات تفتيش لتفقد حقوق الانسان في الدول التي تنفتح اميركا عليها مثل بورما، او ربما ايران، بل سيقبل بالتي هي احسن، وسيعتبر كلاميا ان البلد هو في طريقه الى الديمقراطية، وتاليا ينفتح عليه تجاريا وديبلوماسيا وسياسيا حتى قبل ظهور اي مؤشرات على تغييرات فعلية في طريقة تصرفات نظامه.
ولو اخذنا خطاب اوباما البورمي وتخيلنا انه يدلي به في طهران، لما كان ممكنا ان نعرف الفارق بين ديكتاتوريتين، الاولى البورمية تلقفت يد اوباما الممدودة وبدأت اصلاحات شكلية مع بقاء ديكتاتورها الذي استقبل اوباما، والثانية ايران يبدو انها في طريقها الى حوار مع الرئيس الاميركي، وانما مازال حوارا خجولا، على الاقل حسب كبرى الصحف الاميركية، مثل “نيويورك تايمز”، التي تحدثت عن محادثات سرية بين واشنطن وطهران، وقالت ان استكمالها كان مشروطا باعادة انتخاب اوباما.
اما وقد فاز اوباما بولاية ثانية، فيبدو ان البلدين سيستأنفان الحوار، الذي يبدو ان ما يعرقله فقط هو اصرار طهران على ان تمنحها اميركا حق السيطرة على البحرين وسوريا، في مقابل تخلي طهران عن سلاحها النووي.
هل يقبل اوباما بالعرض الايراني، خصوصا ان خطاب الانفتاح الاميركي على ايران، كما شاهدنا في بورما، معد سلفا، ولم يبقى الا استكمال التفاصيل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق