| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
لم يكد حسن روحاني يصبح رئيسا لايران حتى تجدد الانقسام في واشنطن بين داعين لحوار اميركي فوري وغير مشروط مع ايران، بدلا من العقوبات او العمل العسكري، ومطالبين بالاستعجال في حسم الموقف مع الايرانيين، عن طريق المزيد من العقوبات وضربة عسكرية، معتبرين ان روحاني لا يعدو كونه وجها لطيفا لنظام عنيف وموارب.
المعسكر المؤيد لطهران يقوده ايراني يدعى تريتا بارسي، وهو يترأس «المجلس الايراني الاميركي» الذي موّل واصدر مطبوعات، قبل اسابيع، تعتبر ان العقوبات على ايران لا تأتي بنتائج. ومن المشاركين في مطبوعات بارسي باربرا سلافين، وهي تعمل في «مجلس الاطلسي»، الذي يترأسه وزير الدفاع تشاك هيغل والمعروف بتأييده لتسوية غير مشروطة مع الايرانيين.
سلافين تعمل كذلك في «آل مونيتور»، وهي مملوكة من رجل اعمال سوري- اميركي مقرب من بشار الاسد، ونشرت فيها مقالة اعتبرت انه -- من بين محاسنه الكثيرة -- يمكن لروحاني ان يساهم في التقريب بين طهران والرياض، ما يؤدي الى مشاركة ايران في المؤتمر المقرر للتوصل الى حل للأزمة السورية في جينيف، وبالتالي الوصول الى حل.
ومن الذين اعتبروا ان انتخاب روحاني «فرصة لاميركا» هو حسين موساويان، العضو السابق في الوفد الايراني المفاوض في المحادثات النووية برئاسة روحاني. وكتب موساويان في صحيفة «نيويورك تايمز» الاربعاء ان انتخاب روحاني «يقدم لادارة (الرئيس باراك) اوباما فرصة تلوح مرة في العمر من اجل انهاء الطريق الذري المسدود مع ايران».
موساويان، الذي يعيش في مدينة بوسطن، هو من ابرز المؤيدين لموقف النظام الايراني، وهو القى باللائمة على الغرب لفشل المفاوضات النووية مع ايران في الماضي، وقال ان «انتصار السيد روحاني يظهر ان هناك زخما حقيقيا لبدء محادثات مباشرة بين ايران والولايات المتحدة».
الا ان خبراء اميركيين آخرين من اصول ايرانية شككوا في نوايا روحاني لبدء حوار مباشر مع واشنطن. ونقل الباحث في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى» مهدي خلجي عن روحاني قوله في مؤتمره الصحافي ان «المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة (ممكنة) اذا ما توقفت اميركا في محاولاتها للتدخل في شؤون ايران الداخلية، وتخلت عن سلوكها العدواني».
واعتبر خلجي، في مقابلة مع «الراي»، ان في الملف النووي، يواجه مرشد الثورة علي خامنئي، صاحب الكلمة العليا في الشؤون الايرانية، معضلتين: الاولى تتمثل بنتائج الانتخابات التي اظهرت ان اكثرية الايرانيين لا يؤيدون مرشحي المواجهة مع الغرب من اجل الملف النووي، والثانية تكمن في انه حتى لو سلم خامنئي الملف النووي لروحاني، لن يكون بمقدور الاخير التوصل الى تسوية من دون حصوله على دعم الحرس الثوري المعارض لها.
وختم خلجي: «حتى اليوم، يدير ملف ايران النووي وسياساتها الاقليمية الحرس الثوري والمتشددون، وهؤلاء لم يفوزوا في الانتخابات، لكنهم في الوقت نفسه لم يرحلوا الى اي مكان بل باقين في اماكنهم».
بدوره، يعتقد كريم سادجادبور، الخبير في «معهد كارنيغي للسلام»، انه «طالما يحتفظ المرشد الاعلى بحق الفيتو، لا يمكن توقع ان يقوم روحاني بأي تغيير اساسي في المبادئ الاستراتيجية للسياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية، خصوصا معارضة الهيمنة الاميركية، ورفض وجود اسرائيل، ودعم ما يسمى مقاومة مثل حزب الله، والجهاد الاسلامي الفلسطيني، ونظام الاسد في سورية».
وقال سادجادبور، في شهادة ادلى بها امام لجنة الشؤون الخارجية الفرعية في الكونغرس، ان خامنئي يعتقد ان معارضة اميركا ورفض وجود اسرائيل هي الاجزاء القليلة المتبقية من عقيدة الثورة الاسلامية واسس الجمهورية الاسلامية.
وبالاضافة الى البعد العقائدي، يعتقد الباحث الاميركي من اصل ايراني ان «موقف خامنئي هذا مغلف بمصلحة حفاظه على موقعه، فخامنئي وصل الى موقعه، ويحافظ عليه، في محيط مغلق، والانفتاح على الولايات المتحدة من شأنه ان يأتي بتغييرات يصعب توقعها، ومن شأنه ان يخفف من سطوة خامنئي بدلا من ان يثبت حكمه». وفي هذا السياق، يقتبس سادجادبور عن كاتب القرون الوسطى الايطالي نقولا ماكيافيللي قوله انه «لا يوجد شيء اصعب (على الحاكم)، ويصعب عليه تنبؤ نجاحه، اكثر من ادخال نظام جديد للأشياء».
ودعا سادجادبور الى حوار مع طهران، رغم تشاؤمه واعتقاده ان الحوار لن يأتي بنتائج، ولكنه يعتقد ان الحوار من شأنه ان يعري ادعاءات النظام الايراني. وختم بالقول انه «من المهم لواشنطن ان تفكر بطريقة خلاقة، والذهاب ابعد من العقوبات الاقتصادية، لناحية كيف يمكن لها ان تسهل عملية التغيير السياسي في طهران، فايران واحدة من الدول القلائل في المنطقة التي تتلاقى فيها مصالح اميركا الاستراتيجية والتزامها المبادئ الديموقراطية في الوقت نفسه».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق