| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
بعدما اشترت قناة «كيرينت» من نائب الرئيس السابق آل غور بمبلغ قارب النصف مليار دولار، وافتتحت 12 مكتبا لها في عموم الولايات المتحدة، ووظفت اكثر من 900 اعلامي اميركي، بدأت «الجزيرة اميركا» بثها الثلاثاء الماضي عبر شركات الكايبل، لتصل الى ما يقارب 50 مليون منزل، وهو نصف عدد مشاهدي القنوات الاخبارية في الولايات المتحدة.
ردود الفعل الاميركية تنوعت بين معارضين لبث القناة، خصوصا بين أهل اليمين، ومؤيدين لها، ومعظمهم من اليساريين والليبراليين.
معارضو «الجزيرة اميركا»، والتي للمفارقة تقدم نفسها اختصارا باستخدام كلمة «عجم»، اعتبروا ان هناك مشكلة في ان تكون حكومة اجنبية، في هذه الحالة القطرية، بتمويل محطة تلفزيونية في بلد آخر.
وشكك هؤلاء بنوايا قطر تجاه الولايات المتحدة، واعتبروها «عدوانية»، رغم اعلان حكومة قطر ان «الجزيرة اميركا»، ومقرها نيويورك، هي قناة مستقلة اعلاميا ولا تخضع لآراء الدوحة.
وبعد يوم على بدء بثها، كتب استاذ الاعلام في جامعة تمبل، كريستوفر هاربر، تقويما في «ناشونال ريفيو»، اعتبر فيه ان معظم التقارير التي بثتها المحطة تناولت اخبارا سلبية عن الولايات المتحدة. واشار الى تقرير حول انتشار المخدرات والجريمة في ضواحي شيكاغو، وقال ان هذا النوع من التغطية الاعلامية «يعود الى حقبة الاتحاد السوفياتي، الذي كانت تسعى وسائل اعلامه دائما الى بث اخبار حول الجريمة في اميركا، والى اظهار فوارق عرقية بين البيض والسود».
وانتقاد هاربر لتغطية «الجزيرة اميركا» لمواضيع تتعلق بالجريمة يأتي في وقت تشير كل البيانات الى انخفاض غير مسبوق في معدلات الجريمة في عموم الولايات المتحدة، ما يلقي بظلال الشك حول اختيار القناة لموضوع اخباري لم يعد ذات اهمية كبيرة في البلاد.
المؤيدون لـ «الجزيرة اميركا»، من امثال المعلق في صحيفة «بالتيمور صن» دايفيد زارويك، اعتبر ان هذه القناة ستكون متحررة من قيود الشركات الكبرى التي تتمتع بنفوذ كبير لدى الاعلام الاميركي بسبب اعلاناتها. ولفت الى ان «احد تقارير القناة كان عبارة عن تحقيق حول مصانع الثياب في الدول الآسيوية، والتي توظف اطفالا وتجبرهم على العمل في ظروف قاسية».
وعلى اثر اتصالات قام بها مراسلون «الجزيرة اميركا»، نفت الشركات علاقاتها بهذا المعامل، الا ان القناة رصدت ارقام التسلسل للثياب، واستنتجت ان زبائن هذه المعامل هي شركات اميركية. وكتب زارويك: «الجزيرة اميركا سمت اولد نايفي وغاب... ولاحقت الارقام التسلسلية التي وجدتها في المعامل، ووجدت مثلها في محلات مانهاتن (في نيويورك)».
وختم زارويك: «اذا كان هذا النوع من التغطية الاخبارية هو عداء لأميركا، فنحن نحتاج للمزيد منه».
في هذه الاثناء، تساءل الخبير الاعلامي نيكي اوشر ان كان بمقدور «الجزيرة اميركا» الصمود في «حرب الفضائيات الاميركية»، فالسوق الاعلامية في الولايات المتحدة مليئة بفضائيات اخبارية تبث على مدار الساعة، و»الجزيرة اميركا» ورثت مشاهدي قناة «كيرينت»، الذين لم يتجاوز عددهم الـ 45 الفا. وفور اعلان الجزيرة عقد شراء «كيرينت»، تخلت شركة «تايم وارنر» عن القناة، ما يعني خسارتها 10 الى 12 مليون مشترك.
اما التحدي الثاني، حسب اوشر، فيكمن في النظرة السلبية المسبقة للاميركيين تجاه «قناة الجزيرة» الام الناطقة بالعربية، وقد قدم مدير عام «الجزيرة اميركا» ايهاب الشهابي استفتاء اظهر ان 75 في المئة من الاميركيين لديهم نظرة سلبية نحو محطته حتى قبل ان تبدأ بثها.
ويتابع اوشر، في مقالته في «ذي اتلانتيك»، ان تجربة «الجزيرة انكليزي» لا تنبئ بالخير، اذ انفقت الدوحة ما يقارب المليار دولار من اجل بناء القناة، وخصصت لها موازنة سنوية بلغت 100 مليون دولار، ومع ذلك، فانها لم ترق الى مستوى طموح اصحابها، ما جعل هؤلاء يعملون على تخفيض الامكانات المخصصة لها، فانخفض عدد العاملين فيها وتم تقليص موازنات العمل مثل مخصصات السفر. وختم الخبير الاميركي بالقول ان «فوكس هي للمحافظين، وام اس ان بي سي لليبراليين، فيما تحولت سي ان ان الى صحافة تابلويد»، ما يعني ان «الجزيرة اميركا ستسعى الى الاميركيين الذين يبحثون عن تغطية اخبارية جدية، ولكن هذه التغطية الاخبارية متوافرة اصلا عن طريق بي بي سي اميركا ومحطة بي بي اس» شبه الرسمية.
ما هو مقياس النجاح لـ «الجزيرة اميركا»؟ يجمع الخبراء ان تحديده صعب، اذ ان المحطة لا تنافس على حصة من الاعلانات في السوق، ما يعني ان اصحابها سينظرون الى ارقام المشاهدين ويقررون ان كانت ستستمر ام لا لأسباب مختلفة عن بقية القنوات، وهو «ما يجعلنا نتساءل ان كان هذا الترتيب سيجعل من عجم محطة تجب مشاهدتها او عدم مشاهدتها ابدا»، يختم اوشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق