| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما في المؤتمر السنوي لمعهد «صابان» التابع لمركز أبحاث بروكنغز ليس تطمينا لإسرائيل مفاده ان عودة العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران مستحيلة، فلو كان الامر كذلك لما احتاج أوباما ووزيرا خارجيته جون كيري ودفاعه تشاك هيغل الى شن حملة سياسية لقول ذلك.
فالعداء المستمر منذ 34 عاما بين أميركا وايران هو من نوافل الأمور، لكن اعادة العلاقات مع طهران هي التي تحتاج الى حملات كسب ود وتأييد لدى أصدقاء أميركا وحلفائها. هكذا أطل أوباما وكيري في اكبر مؤتمر سنوي يحضره يهود اميركا وكبار المسؤولين الإسرائيليين، فيما كان هيغل في المنامة يستعرض خدمات بلاده العسكرية.
ورغم ان التصريحات التي أطلقها أوباما في مؤتمر «صابان» بدت وكأنها تشدد في المواقف ضد ايران، الا أنها كانت في الواقع تكرارا لكل مواقفه السابقة والتي تلت محادثته الهاتفية مع نظيره الإيراني حسن روحاني في سبتمبر الماضي.
أوباما كرر ان «كل الخيارات»، اي بما فيها العسكرية، «مازالت على الطاولة»، وهو قول قد يبدو شديد اللهجة، ولكنه سبق ان قاله لدى استقباله رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الشهر الماضي.
في «صابان»، أضاف الرئيس الأميركي مقولة كيري ان «لا اتفاقية أحسن من اتفاقية سيئة» مع ايران، وهو قول يبدو متشددا ولكنه يعتمد على من يقوم بتصنيف الاتفاقية وكيف، فاتفاقية 24 نوفمبر الموقتة حمالة أوجه: أوباما وصحبه اعتبروها ممتازة وتؤخر البرنامج النووي الإيراني مقابل مبلغ لا يتعدى سبعة مليارات دولار، فيما اسرائيل وأصدقاؤها اعتبروها صفقة تبقي على البرنامج النووي الإيراني من دون تغييرات تذكر، في مقابل رفع العقوبات عن ما لايقل عن 20 مليار دولار من شأنها ان تنقذ الاقتصاد الإيراني المتهاوي، وربما تساعد ايران في إنقاذ حليفها في سورية بشار الأسد.
أقوال أوباما وأركان إدارته لا تهدف الى «هز العصا» للإيرانيين، ولا هي بمثابة وضع ايران في «محور الشر» على غرار ما فعل سلفه جورج بوش واثار حنق طهران.
تصريحات أوباما تبقى في الإطار الذي يبدو ان أميركا وإيران تعارفتا عليه أخيراً من خلال قنواتهما الكثيرة المباشرة المفتوحة منذ أشهر، والتي تسمح للطرفين باستخدام «بعض العبارات غير الديبلوماسية»، على حد تعبير مسؤول أميركي سابق مطلع على مجريات المفاوضات الدائرة بين البلدين.
ويقول المسؤول المذكور: «لو كنت اسرائيل، لأقلقتني كل القنوات المفتوحة بيننا وبين الإيرانيين، والتي يبدو ان حكومتنا أبقتها طي الكتمان حتى امام اقرب حلفائنا مثل الفرنسيين الذين ثاروا ضدها واطاحوا باتفاقية 7 نوفمبر».
أوباما لا يقلقه قلق اسرائيل او حلفائه العرب من إمكانية ان تطلق اي اتفاقية بين أميركا وإيران يد الاخيرة في شؤون الشرق الأوسط، بل ان بعض أفراد الادارة يعتقدون ان فرصة ذهبية سانحة، لا امام الإيرانيين الذين يعانون من وطأة العقوبات الاقتصادية الدولية، بل امام واشنطن التي ستتمكن من اعادة الاتكاء الى الدور الإيراني في مهمات أمنية شرق أوسطية، كما قبل العام 1979، فضلا عن الإفادة المالية من الانفتاح اقتصاديا على طهران.
ربما اسرائيل تفكر من منظور أحادي وهو أمنها وسلامتها من الخطر الإيراني، لكن أوباما يأخذ موضوع أمن اسرائيل على عاتقه ولا يرى تضاربا في اعادة العلاقات مع ايران والحفاظ على امن اسرائيل والحلفاء العرب في الوقت نفسه.
هل يعني ذلك إطلاق أميركا يد ايران في سورية مثلا؟ يقول مسؤول في ادارة أوباما في حواراته « التطمينية» مع الإسرائيليين ان «دور ايران كعدو يختلف عن دورها كصديق»، ويحثهم على التفكير كيف تكون العلاقات بين الأصدقاء.
ويوضح المسؤول: «هذا ما نفعله اليوم. نستكشف إمكانية اعادة بناء الثقة بيننا وبين الإيرانيين، فان نجحنا، يصبح التفكير في الشرق الأوسط مختلفا، ولا تعود قواعد اليوم سارية».
اما من يسيطر على النبك ومن يستعيد دير عطية في سورية «فتفاصيل لا تعني المصالح الأميركية كثيراً» الا لناحية التأكد ان اياً من المقاتلين المتورطين لا ينتمي الى اي من «مجموعات الجهاد العالمي»، يختم المسؤول حواره «التطميني».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق