الخميس، 21 مايو 2015

محاولة أميركية جديدة مع بوتين: تنحّي الأسد مفتاح القضاء على «داعش»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بعد سقوط الرمادي العراقية وتدمر السورية في أيدي مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، قامت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بمحاولة، هي الثانية في أقل من 10 أيام، لإقناع موسكو انه «لا يمكن القضاء على خطر (داعش)، الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط والعالم، من دون اجبار الرئيس السوري بشار الأسد على التنحّي وقبوله مشاركة نظامه في تسوية مع المعارضة السورية المعتدلة».

وبعد ان قطع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الأسبوع الماضي، عطلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فزاره في مصيفه في سوتشي، في أرفع زيارة لمسؤول أميركي منذ سنتين، وحاول إقناعه بضرورة التسريع برحيل الأسد، زار مسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية دانيال روبنستين الإثنين الماضي موسكو، حيث التقى نظراءه الروس، وحاول المتابعة معهم في الاتجاه نفسه، أي حض روسيا على مطالبة الأسد بالتنحّي.

وذكرت مصادر أميركية متابعة للمجهود الأميركي أن «كيري نجح في اقناع الروس بضرورة التخلي عن الأسد، فوافق بوتين على العودة الى (اتفاقية جنيف 1)»، التي توصّل اليها الاميركيون والروس في العام 2012، والتي تقضي بتشكيل حكومة انتقالية تشرف على إقامة حكومة وحدة وطنية جامعة. ومع ان الاميركيين قالوا في حينه ان الاتفاقية تعني ضمنا غياب الأسد عن العملية الانتقالية وتالياً عن حكومة الوحدة الوطنية، إلا ان الروس رفضوا التفسير الأميركي واعتبروا ان مصير الأسد يتم تحديده خلال العملية الانتقالية.

وكان الرئيس باراك أوباما قال بطريقة لا تحتمل التأويل، في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انتهاء قمة كامب ديفيد التي جمعته وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي الخميس الماضي، إن الأسد لن يكون جزءا من حكومة الوحدة الوطنية الجامعة. لكن أوباما، الذي قال ان طريقة التوصّل الى هذه الحكومة يكون عبر هيئة انتقالية، لم يقل ان الأسد سيكون خارج العملية الانتقالية، ما يشي بأن تفكير الاميركيين والروس صار متشابها جدا حول هذه النقطة.

وعودة موسكو الى «جنيف 1» تعني تخلّيها وتخلّي الاميركيين عن «حوارات موسكو» التي ايدها الطرفان، والتي حاول روبنستين نفسه اقناع المعارضة السورية بالمشاركة فيها. وفي مرحلة لاحقة، أوعز الاميركيون والروس إلى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا بمحاولة التخلّص من «جنيف 1»، وتبنّي حلول جديدة «تناسب التطورات في سورية بشكل أكبر»، حسب تعبير دي ميستورا إبّان محاولته عقد جلسات حوار بين النظام والمعارضة في جنيف، شبيهة بحوارات موسكو.

وتتابع المصادر الأميركية ان بعض المسؤولين الاميركيين صاروا يعتقدون ان «العودة الى (جنيف 1) لم تعد تكفي بذاتها»، وان على القوى الكبرى، خصوصا أميركا وروسيا، «دفع الطرفيْن قدما الى المباشرة بعملية انتقالية تفضي الى انشاء حكومة وحدة وطنية، إذْ إن سورية صارت في أمسّ الحاجة لسلطة قادرة على الوقوف في وجه (داعش)».

وفي البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، إثر عودة روبنستين من موسكو، أن الأخير التقى نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وكبار المسؤولين الروس، وناقش معهم «كيفية خلق الشروط المناسبة للتوصّل الى انتقال سياسي حقيقي ودائم في سورية يكون متوافقاً مع بيان جنيف».

وأردف بيان الخارجية ان الديبلوماسي الأميركي «عبّر عن قلقه من صعود (داعش) وتنظيمات متطرفة أخرى تهدّد سورية وجيرانها». وفي التطرق الى «تنظيمات متطرفة أخرى» إشارة أميركية الى امتعاض واشنطن من انتصارات «جيش الفتح»، الذي يتألف من فصائل سورية مسلحة تتضمن «جبهة النصرة».

وكان أوباما، الذي حصر حديثه عن سورية والعراق، منذ العام 2011، بالتحذير من خطر «داعش»، أضاف «النصرة» الى التنظيمات المتطرفة في سورية في البيان المشترك الذي صدر بعد قمة كامب دايفيد.

وحسب بيان الخارجية الأميركية، فإن روبنستين ذكّر نظراءه الروس بأن «دموية النظام السوري ساهمت في نمو التطرف، مشددا على ان الضرورة الملحّة لإلحاق الهزيمة بهذه المجموعات تتطلب خطوات عسكرية، وحلاً سياسياً شاملاً يعالج المظالم المشروعة للشعب السوري».

وختم البيان ان استمرار بقاء الأسد «على رأس النظام السوري يساهم في تأزيم الطائفية والتطرف، لا في سورية وحدها، وانما في المنطقة بأكملها».

وعلمت «الراي» أن «روبنستين سمع من الروس تصريحات مشابهة لما سمعه كيري،وان موسكو لم تبد حماسة تذهب الى ابعد من العودة الـ (جنيف 1)، وان موسكو حاولت إلقاء اللائمة على اميركا وحلفائها لدعمهم المجموعات الإرهابية، وحاولت مقايضة بدْء الحوار مع النظام بوقْف دعم المعارضة السورية المسلحة».

وعلّقت المصادر بالقول ان المسؤولين الاميركيين «لم يلمسوا حتى الآن تغيرا جذريا في الموقف الروسي من الأسد». وختمت المصادر انه «ربما لا تعتقد موسكو انها قادرة على إقناعه بالرحيل، لكن واشنطن لن تترك باباً إلا وتطرقه في هذا الاتجاه».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008